المقاتلة الشبحية.. أضخم مشروع دفاعي في تاريخ تركيا

أدى إخراج تركيا من مشروع الطائرة “إف-35” إلى تحول مشروع الطائرة الشبحية التركية من الجيل الخامس من طموح إيجابي، إلى ضرورة استراتيجية بالنسبة لأنقرة.

ومع سعي اليونان للحصول على طائرات “إف-35” واتفاقها مع باريس على شراء طائرات “رافال” الفرنسية، وتسارع سباق التسلح في المنطقة، والذي تضمن شراء عدد من دولها لطائرات غربية متعددة الأنواع، فإن حفاظ تركيا على مكانتها كثاني أقوى قوة جوية في الشرق الأوسط وشرق المتوسط بعد إسرائيل، يحتاج إلى طائرة جيل خامس أو على الأقل جيل رابع ونصف.

ونجحت تركيا بالفعل خلال عامين، في الانتقال إلى مرحلة جديدة في مسيرة تصنيع طائرتها الحربية المحلية، أحد أهم مشاريع صناعاتها الدفاعية، حيث نشر رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير، صورا للطائرة الحربية الوطنية “MMU” واقفة على مدرج الطيران.

وفي تغريدة له عبر حسابه على “تويتر” الجمعة، قال دمير: “قلنا إننا سنخرج طائراتنا القتالية الوطنية من الحظيرة في 18 مارس/ آذار”.

وأضاف: “طائرتنا اليوم في المدرج، وإن شاء الله سنشهد تحليقها في سماء وطننا بقيادة رئيسنا رجب طيب أردوغان”.

وفي هذا التقرير، يرصد “الخليج الجديد” أهم مشروع تطوير تكنولوجي في تركيا، تشرف عليه شركة الصناعات الجوية والفضائية “توساش”، وهي التي تجمع مواصفات “إف-22″ الأمريكية و”سو-57″ الروسية و”جي- 20” الصينية.

بدأ مشروع تصنيع هذه الطائرة في سبتمبر/ أيلول 2018 من خلال مرحلة التصميم والنموذج الأولي.

وفي فبراير/شباط 2020، أفادت وسائل الإعلام التركية أن أنقرة تخطط لإنشاء مركز لاختبار الطائرات ضد آثار الصواعق، في نطاق مشروعها لتطوير الجيل الخامس من طائرات القتال الوطنية (TF-X MMU).

كما سيكون هناك مرفق يضم نفقاً للرياح.

وأثيرت انتقادات داخل وخارج تركيا لمشروع الطائرة الشبحية التركية، باعتباره مشروعاً غير واقعي، ولن يعوض في أحسن الأحوال خروج أنقرة من مشروع “إف-35”.

ولكن تجدر الإشارة إلى انتقادات مشابهة واجهت طموح تركيا لصناعة طائرات بدون طيار، والآن تركيا استطاعت عبر هذه الطائرات التي قوبلت بالاستهانة في البداية، أن تكون إحدى أهم الدول في هذا المجال والوحيدة التي غيرت نتائج المعارك بهذه الطائرات، وباتت طائرتها بيرقدار لاعباً عسكرياً مهماً في سوريا وليبيا وأذربيجان وأوكرانيا.

واستندت تركيا في مشروع الطائرة الشبحية التركية، على خبرة الشركات التركية في مجال تجميع عدد من الطائرات الغربية وتحديداً “إف-16″ و”إف-35” والتي ما زالت أجزاء منها تصنع في تركيا.

تمثل تركيا المصدرَ الوحيدَ في العالم لإنتاج بعض المكونات في الطائرة الـ35 مثل نظام عرض قمرة القيادة.

كما تمثل شركة Ayesas المُورِّد الوحيد لمكوّنين رئيسيين في طائرة “إف-35″، هما: وحدة إطلاق الصواريخ عن بُعد، ونظام عرض قمرة القيادة البانورامي.

أما شركة Kale Aerospace، فتصنع الهيكل الميكانيكي للطائرات والقِطع التي تثبِّت دواليب الطائرات في أثناء الهبوط.

وتصنع شركة Fokker Elmo ما يمثل 40% من نظام الربط الكهربائي البيني السلكي لمحرك “إف-135” المستخدم في الطائرة.

وتصنع شركة Alp Aviation الهياكل الميكانيكية للطائرات، وأجزاء معدات الهبوط، وأكثر من 100 قطعة لمحركات “إف-135″، من بينها شيفرات الدوارات المتكاملة المصنوعة من مادة التيتانيوم.

كما بنيت أعداد كبيرة من الطائرات “إف-“16 في تركيا، منها طائرات صدرت لمصر باتفاق ثلاثي مصري تركي أمريكي.

ووصلت نسبة المساهمة التركية إلى 80% في بعض مراحل الإنتاج.

وشملت عملية الإنتاج بناء على محرك شركة جنرال إليكتريك الشهير General Electric F110 بناء على ترخيص من الشركة الأمريكية، الذي يستخدم في “إف-16″ و”إف-15”.

إضافة لذلك، كان يتم إنتاج الجزء الأمامي من جسم الطائرة “إف-16” وأجزاء من جسم الطائرة الرئيسي في تركيا.

وفي أغسطس/آب 2020، نقلت صحيفة “ميليت” التركية عن تيميل كوتيل، المدير العام لشركة “توساش” قوله: “في 18 مارس/آذار 2023، ستخرج طائرتنا المقاتلة الوطنية من المصنع بمحركها الذي يعمل، لتخوض اختبارات أرضية لمدة عامين”.

وأردف قائلاً: “بعد ذلك يمكن إجراء تحسينات.. سنقوم بتسليم الطائرة إلى قواتنا المسلحة في عام 2029”.

وأضاف كوتيل أنه سيتم تشغيل الطائرة الجديدة أولاً بمحركات “إف-16” وبعد ذلك سيتم استبدالها بمحركات محلية الصنع.

يعتقد الأتراك أنهم حققوا خبرات لا بأس في إنتاج هياكل الطائرات الشبحية من خلال مشاركتهم في إنتاج الطائرة “إف-35″، ويحققون بعض التقدم في مجال الرادارات والصواريخ والبرمجيات.

ولكن تظل نقطة المحرك واحدة من أهم الإشكاليات التي تواجة مشروع الطائرة التركية الشبحية، وهي مشكلة تواجه الصناعات الدفاعية التركية عامة، رغم الخبرات الكبيرة التي اكتسبتها في هذا الشأن، ونجاحها في إنتاج محرك للمروحية كما سبق الإشارة.

وحاولت تركيا التعاون مع شركاء غربيين، وأبرزهم بريطانيا، ولكن رغم توقيع اتفاقات تفاهم مع شركات بريطانية، فإنه من الواضح أن لندن تعرضت لضغوط من حلفائها للتوقف عن مساندة تركيا في هذا الشأن.

والتعاون مع كوريا الجنوبية (التي لديها مشروعها الخاص لطائرة جيل خامس شبحية والسويد التي تنتج طائرة جريبين التي تنتمي للجيل الرابع ونصف) سيواجه بتضييق غربي كما حدث مع بريطانيا، والتعاون مع روسيا كما لوحت أنقرة سيزيد الخلاف الغربي التركي، كما أن موسكو هي المنافس الفعلي لتركيا في معظم الساحات.

وهنا لجأت تركيا إلى البديل، وهو أن تعمل الصناعات الدفاعية التركية في تنفيذ مشروع الطائرة على محركين، على أن تكون الطائرة صغيرة الحجم، أي في ذات حجم الطائرات ذات المحرك الواحد أي في حجم “إف-16” أو أصغر.

وهذا الأسلوب استخدمه الفرنسيون في طائراتهم الشهير “رافال”، الطائرة ليست كبيرة ولكنها مزودة بمحركين بدلاً من محرك واحد متوسط القوة.

يقول كوتيل، إن المقاتلة الأمريكية “إف-16” صنعت بتكنولوجيا عام 1980، وبمحرك واحد فقط، أما المقاتلة الوطنية التركية فصنعت بتكنولوجيا 2022، وتعمل بمحركين، وهي مقاتلة غير مرئية وتحمل القنابل بداخلها مثل “إف-35”.

ويلفت إلى أن المقاتلة الوطنية التركية، محركاتها أقوى بضعف ونصف من “إف-35” التي لديها محرك واحد فقط.

ويوضح كوتيل أن وحدة التحكم في المقاتلة المحلية تتكون من 20 ألف قطعة، وسيتم استخدام محرك جاهز في البداية، مضيفا أنه في المرحلة الثانية سيتم دمج المحرك محلي الصنع الذي طورته شركة “تي ار موتور التركية مع أنظمة المقاتلة.

وعن معدات الهبوط، يشير إلى أن الشركة التركية لصناعات الفضاء أبرمت شراكة مع شركة إيطالية لتطوير وإنتاج معدات هبوط قادرة على حمل أوزان تصل إلى 60 طنا بالقوة المتولدة أثناء الهبوط.

ويشير إلى أن المقاتلة الأمريكية “إف-35” تبلغ قيمتها 60 مليار دولار، لكن قيمة مشروع المقاتلة الوطنية التركية ستصل فقط إلى 10 مليارات دولار.

ويلفت إلى أنه بعد تشغيلها عام 2023 ستخضع لاختبارات ما بين عامين إلى ثلاثة.

ومن المقرر أن تحل المقاتلة التركية الوطنية مكان طائرات “إف-16” المخطط إخراجها بشكل تدريجي من ملاك القوات المسلحة الجوية اعتبارا من ثلاثينيات القرن الحالي.

ويتوقع كوتيل، أنه سيتم تصنيع كمية قليلة أولا نحو 5 أو 6 مقاتلات سنويا، على أن يبدأ الإنتاج المتسلسل في عام 2028، لتكون في عام 2030 قد يتم تصنيع 24 مقاتلة في العام الواحد.

وعبر مشروع الطائرة الحربية الوطنية، تهدف تركيا إلى دخول مصاف الدول المصنعة لطائرات الجيل الخامس.

وكانت تركيا حددت أهدافا استراتيجية لرؤيتها الخاصة بعام 2053؛ إذ تهدف إلى جعل صناعاتها الدفاعية مستقلة بنسبة 100%، بالإضافة إلى إدخال 10 شركات تركية إلى دوري الأبطال لأكبر 100 شركة دفاعية في العالم، وزيادة قدرتها التصديرية لصناعات الدفاع والطيران إلى 50 مليار دولار.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى