سو35 وإس400.. هل يقلب التسليح الروسي لإيران ميزان القوة بالشرق الأوسط؟

 

“إلى أي مدى سيؤثر امتلاك إيران المحتمل لمعدات عسكرية روسية متطورة على منطقة الشرق الأوسط؟”.. سؤال تناول إجابته مجلة “فوربس”، مشيرة إلى أن طهران قد تحصل قريبا على طائرات “سوخوي 35” الروسية متعددة المهام، وربما معدات عسكرية أخرى تشمل أنظمة صواريخ الدفاع الجوي “إس 400”.

وذكرت المجلة، في تقرير كتبه باول إيدن ، أن نموذجا بالحجم الطبيعي لطائرة “سوخوي 35” تم تصويره مؤخرًا بواسطة الأقمار الصناعية خارج قاعدة إيجل 44 الجوية، جنوبي إيران، تحت الأرض، ما أدى إلى زيادة التكهنات بتسلم إيران لما لا يقل عن 24 طائرة روسية من هذا الطراز.

وجاءت تلك التوقعات بعد تزويد إيران روسيا بمئات الطائرات المسيرة، وازدهار العلاقات الدفاعية بين موسكو وطهران منذ بداية غزو أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، حذر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، من أن روسيا تقدم لإيران “مستوى غير مسبوق من الدعم العسكري والتقني الذي يحول علاقتها إلى شراكة دفاعية كاملة”.

ترقية

وفي الشهر نفسه، علق كيربي أيضًا على تسليم “سوخوي 35″، مُعلنًا أن “هذه الطائرات المقاتلة ستعزز بشكل كبير القوات الجوية الإيرانية مقارنة بجيرانها الإقليميين”.

ومع ذلك، فإن امتلاك 24 طائرة فقط لن يمنح إيران التفوق الجوي على دول الخليج العربية، لأن هذه الدول تمتلك المئات من المقاتلات الغربية المتطورة من الجيل 4.5، حسبما يرى عديد المراقبين، ويشير إيدن إلى تصريحات خبراء إيرانيين في الصحافة الروسية، مفادها أن امتلاك الطائرات الروسية سيمثل نقلة نوعية للجيش الإيراني، نظرا لقدرة مقاتليه على توظيف تلك الطائرات بشكل مختلف.

وقال المحلل العسكري الإيراني محمد حسن سنج طراش لموقع “سبوتنيك” الذي تديره الدولة الروسية في يناير/كانون الثاني: “ستكون هذه الطائرة فعالة بشكل خاص إذا تمكنت إيران من تثبيت أسلحة أصلية عليها”.

وأوضح: “يمكن للطائرة سوخوي 35 أن تلعب دور نظام أواكس (نظام الإنذار والتحكم المحمول جواً) المصغر المقاتل، وإذا كانت متصلة بشبكة الرادار الإيرانية، فإنها ستكتسب قدرات دفاعية فريدة من نوعها”.

وأضاف: “إذا اشترت إيران التقنيات وبدأت الإنتاج الضخم المشترك لطائرات سوخوي 35، يمكن أن تكتسب ميزة معينة على المقاتلات والسفن الحربية للدول المجاورة لإيران”.

من ناحية أخرى، نقل إيدن عن محللين آخرين أن عديد التحديات والقيود المحتملة ستواجه ما قد تثبت موسكو في نهاية المطاف استعدادها، أو حتى قدرتها، على تقديمه إلى طهران.

وفي السياق، قال فرزين نديمي، محلل شؤون الدفاع والأمن والزميل المشارك في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: “هناك توقعات كبيرة بأن المشروع الإيراني الروسي سينمو فقط مع حلول فصل الربيع”.

وأضاف: “الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز ستكون الأولى، لكن ينبغي النظر في مجالات أخرى أيضا”.

كما توقع نديمي أن تمثل إيران أحد المسارات التي قد تستخدمها الصين لتمرير صادراتها العسكرية المستقبلية إلى روسيا.

ورغم وجود نموذج لسوخوي 35 بالحجم الطبيعي في قاعدة إيجل 44 الجوية، أشار نديمي إلى أنه “لا يوجد دليل حتى الآن على وصول الطائرات الروسية إلى إيران في أي وقت قريب”.

أما بالنسبة للأسلحة التي ستحملها الطائرات الروسية الإيرانية، فيتوقع نديمي تسليم روسي لصاروخ R-77 جو -جو بعيد المدى، الذي يعادل الصاروخ الأمريكي AIM-120 AMRAAM، لكنه غير متأكد ما إذا كانت موسكو ستزود طهران بصاروخ R-37.

كما يتوقع نديمي أن ترغب إيران في الحصول على صواريخ متطورة لمقاتلات “سو 35″، مثل صاروخ كروز Kh-59 الذي يتم إطلاقه من الجو.

وفيما يتعلق باحتمالية تسليح إيران لهذه الطائرات بأسلحة محلية، يتوقع نديمي أن تسمح موسكو لطهران ببعض رموز البرمجة المصدرية التي تمكن إيران لاحقا من إجراء تعديلات على تسليح الطائرات.

لكن نديمي لا يتوقع هذا السماح الروسي “مع تسليم الطائرات”، بل بعد بضع سنوات من التسليم، “إلا إذا قدمت إيران شيئا تحتاجه روسيا حقا”.

ومن جانبه، يرى جيمس ديفين، الأستاذ المساعد في قسم السياسة والعلاقات الدولية في جامعة ماونت أليسون، أن التداعيات الإقليمية إزاء مشتريات إيران من الأسلحة الروسية غير مؤكدة، مضيفا: “روسيا تستخدم صواريخ إس400 ضد أهداف أرضية، لكنني لم أر تحليلاً جيدًا لمدى نجاحها في مواجهة الطائرات الهجومية المتقدمة”.

وأشار إلى أن نظام صاروخي معقد مثل إس 400 يحتاج إلى أن يكون جزءًا من نظام دفاع جوي متكامل، ولا يزال مدى نجاح إيران في القيام بذلك غير واضح، لافتا إلى أن “نظام القيادة والسيطرة في طهران قد يواجه مشاكل تقوض فعالية النظام الجديد”.

وبالمثل، سيتعين دمج طائرات “سوخوي 35” في شبكات أوسع من الرادارات وأجهزة الاستشعار، “وإذا كانت أنظمة إيران ضعيفة فلن تتمكن الطائرات الجديدة من الأداء كما يأمل الإيرانيون”، حسب ما يؤكده ديفين.

وتابع: “في أحسن الأحوال، سيستغرق الأمر وقتًا لدمج الطائرات الجديدة في الجيش الإيراني، سواء من حيث أنظمة الدفاع الجوي أو تدريب الطيارين”، لافتا إلى أن “هذه الاسلحة، في سياق الاحتياجات العسكرية الايرانية، ستستخدم كنظم دفاعية”.

كما اعتبر ديفين أن عدد طائرات “سوخوي 35” المتوقع تسلمها في طهران، “لا يكفي لتغيير ميزان القوى في المنطقة”، قائلا: “سيتم استخدامها للدفاع ضد الغارات الجوية الإسرائيلية والأمريكية”.

ديفين لا يخشى من امتلاك طهران للطائرات والأسلحة الروسية، لكنه يخشى من أن يؤدي هذا الامتلاك إلى تسريع هجوم غربي استباقي على إيران، وهو ما عبر عنه قائلا: “الشاغل الوحيد الذي قد يساورني هو أن دول الغرب قد يسرع الجدول الزمني لضربات مكافحة الانتشار لأنه يشعر بالقلق من أن طائرات سوخوي 35 أو صواريخ إس 400 قد تؤدي إلى تعقيد قدرتها على ضرب الأهداف الإيرانية مستقبلا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى