“أوراسيا ريفيو”: روسيا بحاجة إلى السودان ومصر

منذ فترة طويلة، طورت روسيا اهتماما عميقا ببناء قاعدة بحرية عسكرية في السودان، الواقع في شمال شرق أفريقيا، للاستفادة من موقعه الجغرافي الاستراتيجي على ساحل البحر الأحمر، بحسب تحليل لموقع “أوراسيا ريفيو”.

ولم تكن لقاءات وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” مع المسؤولين السودانيين في الخرطوم (الأربعاء والخميس الماضيين) أول مناسبة لطرح التساؤلات بشأن إنشاء القاعدة البحرية.

شعرت الدول الغربية بالقلق من نفوذ روسيا الآخذ في الاتساع في منطقة الساحل الأفريقي والمناطق الحدودية، بالإضافة إلى أن ساحل البحر الأحمر منطقة استراتيجية تتنافس فيها أيضا دول الخليج وتركيا على النفوذ.

وأقر “لافروف” بوجود شركات تعدين روسية تعمل في السودان، ولفت إلى أنه تم التوصل إلى اتفاقية سابقة بشأن إقامة القاعدة البحرية، لكنها تنتظر موافقة من المؤسسة التشريعية السودانية لتنفيذها.

زيارة البشير

وهذه الاتفاقية جرى التوصل إليها في عهد الرئيس السوداني “عمر البشير”، الذي أطاحت به انتفاضة في 2019.

ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، زار البشير موسكو وتم التوصل إلى اتفاقات بشأن مساعدة روسيا في تحديث الجيش السوداني. كما تم توقيع اتفاقية لبناء قاعدة بحرية روسية بالسودان على البحر الأحمر.

بتعقب الساحل المغاربي إلى السودان وإريتريا وإثيوبيا والصومال، يتضح وجود مصالح عديدة تتنافس بشأنها دول الاتحاد الأوروبي، ولا سيما بين فرنسا وألمانيا، إلى جانب العالم العربي.

شريك استراتيجي

ومع ذلك، تقدم روسيا نفسها كشريك استراتيجي مناسب وموثوق به لبناء القاعدة البحرية والسيطرة على هذا الطريق البحري، بحسب الموقع.

وتهدف القاعدة إلى الاسهام في “الحفاظ على السلام والاستقرار بالمنطقة، وهي دفاعية ولا تستهدف الدول الأخرى”، وفق نص الاتفاقية.

ويقع السودان، الذي يشترك في حدوده الشمالية مع مصر، على الخط الساحلي الاستراتيجي على طول البحر الأحمر، وقال خبراء إن روسيا بحاجة إلى كل من السودان (قناة إلى شمال شرق أفريقيا) ومصر (قناة إلى المغرب العربي) ليكون لها تأثير لا يتزعزع في المنطقة.

موافقة تشريعية

الشرط الأساسي لتنفيذ القاعدة البحرية العسكرية، كما هو واضح من المناقشات الرسمية، هو الانتقال من القوة العسكرية الحالية إلى السلطة المدنية في السودان، حيث يحكم البلاد مجلس عسكري بقيادة الفريق “عبد الفتاح البرهان”.

ويتعين على روسيا انتظار الموافقة التشريعية السودانية على القاعدة العسكرية، فلن تتم المصادقة على الاتفاقية إلا بعد تشكيل حكومة مدنية وهيئة تشريعية.

والسودان بلا برلمان منذ أن أجبرت الانتفاضة الشعبية الجيش على الإطاحة بالبشير في أبريل/ نيسان 2019، كما أن البلاد غارقة في الفوضى السياسية منذ الانقلاب العسكري في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، الذي أدى إلى خروج الديمقراطية قصيرة الأمد عن مسارها.

(وتوصل “البرهان” إلى “اتفاق إطاري” مع قوى مدنية لتشدين مرحلة انتقالية تستمر عامين وتشكيل حكومة مدينة بالكامل، وتتواصل حاليا المرحلة النهائية من هذه العملية السياسية).

وفي جميع تصريحاته، خلال زيارته للسودان، ردد “لافروف” مرارا وتكرارا أن روسيا تفضل “عدم التدخل” في الشؤون الداخلية للسودان، واتهم الولايات المتحدة وأوروبا بتبني نهج وأساليب استعمارية في أفريقيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى