مسلحو شرق السودان يتعهدون بتحرير شعب البجا
“سأواصل القتال من أجل شرق السودان”.. هكذا تحدث “ضرار أحمد ضرار” وهو زعيم مسلح ذو نفوذ متزايد في منطقة البحر الأحمر بالسودان، باستخدام السلاح لتحرير شعب البجا، الذين هم من سكان شرق السودان، من “التهميش التاريخي” من قبل الحكومات في الخرطوم.
يحمل “ضرار” ورجاله السلاح بشكل علني في مدينة بورتسودان، ذات الأهمية الاستراتيجية على البحر الأحمر، وهي الميناء البحري الرئيسي في البلاد، والتي تتعامل مع حوالي 90% من التجارة الخارجية للسودان.
التنافس على الموارد والسيطرة على الموانئ منتشر وشرس في منطقة البحر الأحمر، لكن السلطات السودانية، بما في ذلك المخابرات العسكرية والأجهزة الأمنية والشرطة، لا تمنع “ضرار” ومقاتليه من حمل السلاح في العلن.
وأدى ذلك إلى تساؤلات حول ما إذا كان “ضرار” يحظى بدعم الحكومة العسكرية في الخرطوم، وإلى اعتقاد سائد بأن الشحن والتجارة في شرق السودان، أصبحا الآن تحت رحمة القائد المسلح.
يعزز هذه الفرضية، ما يوجد داخل مكتب زعيم الميليشيا، من عشرات المسدسات والبنادق والكتيبات اليدوية للقنابل المصنعة في السودان وإسرائيل وروسيا والصين، وقنابل الغاز المسيل للدموع المنتجة من شركة الصناعة العسكرية (MIC)، مؤسسة الدفاع الحكومية السودانية.
يقول “ضرار” في حوار مع موقع “ميدل إيست آي”: “لدينا معسكرات لقواتنا على الحدود بين السودان وإريتريا، في مناطق تالكوك وأماكن أخرى حولها، ولدينا مناطق تدريب عسكري في الجبال، بعيدًا عن أعين السلطات”.
ويتبابع: “لدينا الآلاف من القوات من الجيش السابق لحزب مؤتمر البجا وغيرهم ممن انضموا إلينا لأسباب مختلفة، لا سيما بسبب الشعور بالظلم والتمييز وعدم المساواة ضد شعب شرق السودان”.
ولم يكشف القائد المسلح عن مصادر تمويله أو لوجستياته أو إمداداته، بما في ذلك الأسلحة.
ويقول “ضرار” وهو يضحك بحرارة: “كما قال بطل الجيش الشعبي لتحرير السودان جون قرنق، نحن نعتمد دائمًا على عدونا للاستيلاء على الأسلحة والزي والإمدادات التي نحتاجها لجيشنا”.
ويضيف: “نحن لا نحصل على دعم من أي شخص، لكننا لن نتخلى عن أسرارنا، على الأقل ليس الآن، لأننا في الخط الأمامي في الوقت الحالي”.
وكان هناك صراع طويل الأمد على السلطة في شرق السودان الغني بالموارد الطبيعية، والذي يضم مناجم الماس والذهب، بالإضافة إلى ميناء بورتسودان الحيوي.
تمامًا كما هو الحال في دارفور وأجزاء أخرى من السودان، تصارعت الجماعات المحلية وناضلت منذ فترة طويلة من أجل إعادة هيكلة السلطة التي تخفف من حدة الفقر في منطقتهم وتنقل السلطة من العاصمة الخرطوم.
و”ضرار” هو جزء من قبيلة “عمارار”، وهي جزء من جماعة البجا العرقية التي تعتبر نفسها المالك الشرعي لأراضي شرق السودان.
وفي عام 2006، اتفق متمردو شرق السودان، الذين كانوا متحالفين مع متمردي الجنوب السابقين ومن دارفور، على اتفاق سلام مع حكومة الرئيس السابق “عمر البشير”، الذي حكم السودان منذ عام 1989 قبل أن يتظاهر السودانيون ضده ويعزله الجيش في 2019.
الاتفاق، الذي أنهى عقدًا من التمرد على مستوى منخفض في الشرق وأدى إلى اتفاق لتقاسم السلطة، تم التوسط فيه في إريتريا المجاورة وأصبح يعرف باسم “اتفاق أسمرة للسلام”.
ويبلغ “ضرار” 60 عاما، وكان عضوا في وفد مؤتمر البجا الذي وقع الاتفاقية مع حكومة “البشير”، ثم شارك في حكومة ولاية البحر الأحمر.
ويضمن “اتفاق أسمرة” برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، لكن مئات المقاتلين لم يخضعوا لها وانضموا إلى قوات “ضرار”.
ويؤكد “ضرار”، أنه ليس قائدا لميليشيا أو شخصًا يريد إثارة المشاكل، مضيفا: “لكني مناضل من أجل الحرية، وأريد تحرير شرق السودان من هذا التفاوت، نريد وقف هذا التهميش التاريخي وخلق مواطنة متساوية”.
ويهدد من أنه لن يغلق فقط الموانئ أمام الصادرات والواردات، بل قد يغلق جميع ولايات شرق السودان الثلاث: البحر الأحمر وكسلا والقضارف.
ويتابع: “لا يمكننا البقاء ونرى مواردنا تنهب من قبل وسط البلاد إلى الأبد، وسوف نوقف هذا يوما ما”.
وكان “ضرار” جزءا من مجموعة زعماء القبائل الذين أغلقوا بورتسودان عام 2021 لتمهيد الطريق للانقلاب العسكري الذي قادة قائد الجيش السوداني “عبالفتاح البرهان”، في أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته.
كما أغلق الميناء مرة أخرى في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لأنه رفض الاتفاق العسكري المدني الذي توسطت فيه الجهات الراعية الدولية.
كما رفض معظم زعماء القبائل في شرق السودان المسار المنصوص عليه في اتفاقية جوبا لعام 2020، التي وقعتها الحكومة السودانية والجماعات المتمردة الخمس الرئيسية في البلاد، وأغلقوا الموانئ عدة مرات في محاولة لدفع حكومة الخرطوم إلى تجميدها.
والأزمة في شرق السودان، هي أيضًا واحدة من القضايا التي لم يتم تناولها بعد من خلال الاتفاقية الإطارية التي وقعها مؤخرًا ممثلون عسكريون ومدنيون في محاولتهم شق طريق العودة إلى ما يشبه الحكومة الديمقراطية.