تغير المناخ يهدد دول الخليج والهجرة مصير محتمل
ألقى تقرير نشره معهد الشرق الأوسط (MEI) الضوء على التداعيات الجيوسياسية لمشكلة التغير المناخي على منطقة الخليج، مشيرا إلى أن تلك المشكلة قد تؤجج عمليات الهجرة من بقية منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى دول مجلس التعاون، حيث الموارد الاقتصادية أكثر وفرة، وقد تتطور المشكلة مستقبلا لتتحول إلى هجرة من منطقة الخليج نفسها.
وأوضح التقرير، أنه بينما تستثمر دول مجلس التعاون بشكل جماعي مليارات الدولارات في تطوير الطاقة المتجددة، فإن أنماط تغير المناخ في المناطق المجاورة، جنبًا إلى جنب مع ارتفاع متوسط درجات الحرارة، يمكن أن تؤدي في النهاية إلى مشاكل هجرة مناخية أكثر خطورة لدول الخليج نفسها.
وتشمل آثار تغير المناخ التي تؤثر بالفعل بشكل سلبي على دول مجلس التعاون الخليجي؛ التصحر، وفقدان التنوع البيولوجي، وندرة المياه، وارتفاع مستوى سطح البحر.
وتتسبب هذه العوامل في تدهور خطير في التربة بالإضافة إلى تسرب الأملاح إلى طبقات المياه الجوفية، وتعريض الأمن الغذائي للخطر، وتشريد السكان.
وقد وجدت دراسة أجراها البنك الدولي ووكالة التنمية الفرنسية (AFD)، أن عدم انتظام هطول الأمطار والجفاف يمكن أن تؤدي أيضًا إلى مزيد من الهجرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة بين أفقر الأسر والمجموعات الأكثر عرضة للصدمات المناخية.
وقال المعهد: “تستضيف دول مجلس التعاون الخليجي حاليًا حوالي 30 مليون مهاجر دولي، معظمهم بدوافع اقتصادية ويعمل الكثيرون منهم في الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
ومع ذلك، مع اشتداد التغيرات الناجمة عن الوقود الأحفوري في أنماط المناخ، من المرجح أن يرتفع معدل الهجرة الداخلية من المناطق الفقيرة إلى الخليج الغني بالنفط، على الرغم من التحديات المناخية المتوقعة في المنطقة نفسها.
ويشير التقرير إلى أن السعودية، على سبيل المثال، واجهت في السنوات الأخيرة مخاطر مناخية، بما في ذلك الفيضانات المفاجئة بسبب هطول الأمطار الغزيرة، وخاصة في المناطق الجبلية الجنوبية الغربية من البلاد، والعواصف الرملية والترابية، وفترات الجفاف الأطول، وهي عوامل قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات الهجرة.
ووفقًا للإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء الأمريكية (ناسا)، ستصبح أجزاء كبيرة من منطقة الخليج ككل غير صالحة للعيش تقريبًا بحلول عام 2050؛ بسبب ارتفاع متوسط درجات الحرارة.
وستواجه المناطق الصحراوية في السعودية بعضًا من أقسى تأثيرات الاحتباس الحراري، بما في ذلك موجات الحرارة الممتدة التي تستمر لأشهر وليس لأيام.
وتتوقع دراسات مناخية أخرى صدرت في عام 2022 أن درجات الحرارة في الشرق الأوسط قد ترتفع بمقدار 5 درجات مئوية بحلول نهاية القرن؛ مما يعني أن السكان المحليين، بما في ذلك في دول مجلس التعاون الخليجي، سيواجهون تحديات صحية ومعيشة كبيرة.
ووفقًا للبنك الدولي، بحلول عام 2025، سيتعرض 80-100 مليون شخص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك منطقة الخليج، إلى مستوى من الإجهاد المائي.
وفي الخليج نفسه، ستكون الرطوبة والحرارة عالية جدًا بحيث تعتبر أجزاء من المنطقة غير صالحة للسكن تمامًا بحلول عام 2100.
وحتى الآن، يمكن تحمل الظروف المناخية القاسية في جميع أنحاء الخليج بسبب انتشار مكيفات الهواء والاستخدام واسع النطاق لمحطات التحلية.
ومع ذلك، يختار العديد من مواطني الطبقة المتوسطة والأثرياء أيضًا الإقامة في الخارج لجزء من العام، وهو ما يمكن اعتباره شكلاً من أشكال الهجرة الموسمية.
ولفت المعهد إلى تقرير صادر عن البيت الأبيض عام 2021، حذر من أن 60% من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستعاني من إجهاد مائي مرتفع يمكن أن يؤدي إلى النزوح.
واعتبر التقرير أن التوترات الجيوسياسية الإقليمية والاختلافات السياسية في منطقة الخليج قد تعيق قدرة تلك الدول على التعاون أو دمج أنظمة إدارة الموارد الطبيعية الخاصة بها.
ويخلص إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تفتقر إلى سياسة إقليمية واضحة لمعالجة هذه المشكلة، ولا يزال يتعين على البعض دمجها في أجندات الأمن القومي الخاصة بها، كما تفعل العديد من الدول الغربية.
وتنظر بعض دول الخليج، مثل الإمارات، إلى العمل المناخي العالمي على أنه فرصة لإيجاد حلول عملية، وبالتالي فهي تقدم بشكل متزايد سياسات بيئية مستدامة قادرة على إبطاء أو وقف تدهور المناخ، مثل تقليل انبعاثات الكربون بمقدار الثلث بحلول عام 2030، بحسب التقرير، لكنه يستدرك بالقول: “إن المزيد من العمل ضروري عندما يتعلق الأمر بالموضوع الضيق للهجرة الناجمة عن المناخ”.
ويقترح المعهد، ضمن الحلول، إنشاء صندوق في دول مجلس التعاون الخليجي لمعالجة وتخفيف تأثيرات الهجرة الناجمة عن المناخ على السكان المتضررين.
علاوة على ذلك، ينبغي لخطط الهجرة من الريف إلى الحضر أن تضع الهجرة الناجمة عن المناخ في الحسبان وبعناية أكبر في جداول أعمال الميزانية والتخطيط.