د . رانيا فتيح تكتب: لماذا جُحر الضبّ ؟
د . رانيا فتيح
كان هذا التساؤل يراودني دائماً ، فما ينطق به النبي صلى الله عليه وسلم هو وحي من رب العزة
فلماذا اختار الله سبحانه جُحر الضب، ولم يختر جُحر حيوان آخر ؟
روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
“لتتبعنَّ سنن من كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً ذراعا ، حتى لو دخلوا جُحر ضب تبعتموهم ، قلنا : يا رسول الله، اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟ ”
الحديث له ألفاظ أخرى بالمعنى نفسه والتشبيه بجحر الضب
بحثت في الأمر كثيراً ، حتى شاهدت مرئية لإخوة من الجزيرة العربية يصطادون ضبّاً وهنا كانت المفاجأة !
وجدتهم يصطادون الضب عن طريق ملء جُحره ماءً كثيفاً ، فيضطر للخروج ، فيمسكون به في الحال ..
وذلك أن الضب يقوم بعمل فتحة واحدة للجُحر ، بعكس بعض الحيوانات التي تعمل عدة فتحات للجحر بغرض التهوية والتمويه للهروب من الأعداء .
إذاً جُحره هلكة ، مميت لمن بداخله ، فلو أغلق أحد هذه الفتحة عليه لم يستطع الخروج ومات مدفوناً بداخلها ، أو يغمره بالماء فيضطر للخروج .
وقد قرر الخبراء بالحيوان أن جُحر الضب يجمع بين القذارة الشديدة والضيق ، فلا جمال فيه يجذب من يدخله !
وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم يريد أن يقول لنا : إنكم ستتبعون سنن الكافرين وأفعالهم وتسيرون على خطاهم خطوة خطوة ، حتى فيما اتضح قبحه وصوره ، وذلك مانجده واضحاً في كثير من القضايا التي ثبت فشلها في الغرب ، ومع ذلك نريد أن نسير عليها رغم شكوى الغرب منها
( كقوانين الأسرة ، والزواج المدني ، وأمراض الشذوذ ، والموضة القاتلة ، وقوانين العلاقات الأسرية ، وتحرر الفتيات من الولاية بعد سن محدد ، وحرية الزنا ، وشرب الخمر ، وغيرها مما تشمئز منه النفوس السوية ) .
لقد صدق علينا قول رسولنا صلى الله عليه وسلم ، فاتبعنا الغرب الذي يقوده اليهود والنصارى شبراً شبرا ، وذراعاً ذراعا ، حتى عبادة الشيطان لم تعد سوى تعبير عن الحرية الشخصية .
لقد فقدنا هويتنا، وتقمصنا شخصية الغرب .
علينا أن نعيد بناء شخصيتنا، ونرفض الشخصية الضبّية ، وأن يكون منهجنا قوله تعالى :
﴿ وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ﴾
وإلا سيكتب علينا وإلى الأبد ، البقاء في جُحر الضبّ .