الكاتبة الصحفية نهلة سليم تكتب من المانيا: مونديال قطر بين شارة الميم وبشت تميم
لاشك أن تتويج أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني لمن حصل علي كأس العالم علي أرض قطر ووضع “البشت” التقليدي الأسود المطرّز بخيوط ذهبية على أكتاف النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي قبيل رفع كأس العالم، يعطي رسالة قوية لمن كان يريد أن يروج لمجتمع الميم علي أرض تميم ( قطر ) فيا لها من رسالة ذات صيغة قوية تقول للعالم اجمع امام شاشاته ، من يأتي الي بلادنا فليرتدي عاداتنا وتقاليدنا وهذا ما قصده امير قطر عندما وضع البيشت القطري علي اكتاف ليونيل ميسي مما أدي إلي اندلاع جدل حول ما إذا كانت البادرة مناسبة أم لا. وذهب بعض المعلقين الأوروبيين إلى القول إنه لم يكن من اللائق من قبل الأمير حجب قميص ميسي الرياضي بالبشت أثناء إعطائه الكأس. ويتعلق الأمر بلباس تقليدي يرتديه الرجال في الأعراس والحفلات والمناسبات الرسمية في دول الخليج، كعلامة تقدير واحتفاء. ويستغرق تصميم كل بشت حوالي أسبوع، وهو ثمرة سبع مراحل يقوم خلالها خياطون مختلفون بتطريز الياقة والذراعين بخيوط ذهبية. وبهذا الصدد، انتقد المدير العام السابق لاتحاد كرة القدم الألماني أندرياس ريتيج رئيس الاتحاد الدولي للعبة جياني إنفانتينو للشكل الذي اتخذه حفل توزيع الجوائز في قناة اسكاي تي في يوم 19/12 وقال بهذا الصدد إن وضع البشت على أكتاف ميسي “لم يكن جديرا بحفل توزيع جوائز كأس العالم”، وهو أمر لا ينبغي استغلاله. واتهم ريتيغ إنفانتينو بخلق “موقف مناهض لأوروبا” في مونديال قطر وفقا لمقولة “الأوروبيون سيئون ضد بقية العالم”. وحذر ريتيغ من أن كأس العالم 2030 يمكن أن تقام في المملكة العربية السعودية، وهي كقطر يتم انتقادها في الغرب بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
لكن استطاعت قطر بدون شوشره وبدون تصريحات وبدون إعلام متخلف ، أن تعطي رسائل قوية للعالم أهمها هو ارتداء البشت القطري للفائز علي أرضها وهذا يعني الكثير فقبل تسلم ميسي كأس العالم ارتدي من يد أمير قطر البشت اي يقصد من احترم عاداتنا وتقاليدنا فلنبسه زينا التقليدي ورسالة أخري تقول من عليه القدم إلينا فليرتدي ثوبنا وعادتنا وتقاليدنا . إن هذا المغزي ليدعونا جميعا للتأمل والعمق في معناه العميق الذي أقره أمير قطر الشيخ تميم بكل هدوء فما فعله من اجبار الجميع علي احترام عادات وتقاليد العرب فلا يلبس إلا ثوبنا طالما علي أرضنا الفعل فهذا الأمر مدروسًا وليس عفويا وله رسالة قوية للغرب وليس هذا فحسب بل تخطيط وإظهار روح التماسك الأسري الذي دعمته قطر ايضاً لعائلات لاعبي منتخب المغرب بعد كل فوز ونزول امهاتهم في الملعب امام شاشات العالم لأمر ليس بمحض الصدفة وانما هي رسائل أخري دعمتها قطر في إظهار اخلاق شباب العرب نحو عائلاتهم وترابطهم الأسري في الوقت الذي لا يعرف فيه الغربيون اي ترابط اسري لإبويهم
إذن تصدير الفضيلة وإجبار قطر العالم علي احترام دين وعادات وتقاليد العرب علي أرضها لأمر يدعو للفخر والإحترام من دولة صغيرة استطاعت ان تدافع عن أمتها العربية والإسلامية بالقوة الناعمة
هذا الأمر الذي نجحت فيه بإمتياز بل جعل الكثير من الغربيين واسرهم يعيدوا النظر في تربيتهم وحرياتهم التي تجلب لهم الوحدة وتراجع عدد المواليد
الفرصة الأخري التي انتهزها امير قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني هي المصالحة الخليجية ولو تأملنا صور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي حل كضيف شرف على حفل افتتاح المونديال، وارتداء أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وشاحًا أخضر بألوان علم المملكة، إشارة إلى نهاية القطيعة الدبلوماسية بين البلدين. ونفس المنحى رسخته زيارة رئيس الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد في استعراض واضح على نهاية الأزمة الخليجية التي كادت أن تقود، في مرحلة من المراحل، إلى ما لا تحمد عقباه. المثير أيضا في مونديال قطر هو حضور الأعلام الفلسطينية في مدرجات الملاعب ومن خلال المنتخب المغربي الذي وصل لنصف النهائي في أول إنجاز عربي وأفريقي من نوعه. ونجحت قطر بهذا الصدد في حشد العرب والمسلمين.
وحدث كل هذا تزامنا مع توجيه السلطات البلجيكية اتهامات لأربعة أشخاص مرتبطين بالبرلمان الأوروبي بسبب مزاعم أن قطر أغدقت عليهم الأموال للتأثير على عملية صنع القرار في المؤسسة التشريعية الأوروبية وهي الاتهامات التي تنفيها قطر. صحيفة “التايمز” البريطانية (19 ديسمبر) كتبت بهذا الصدد معلقة “مونديال هذا العام هو نسخة من أكثر النسخ إثارة للجدل من الناحية السياسية (..) لفترة طويلة قبل انطلاق المنافسات، تم التركيز على الدولة المضيفة وسجلها في مجال حقوق الإنسان، وتعاملها مع العمال المهاجرين ومناوراتها السياسية المشكوك فيها. في الوقت الحاضر هذه الأشياء مهمة، لكن الإفراط في عرض فضيلة المرء يترك طعمًا مرًا في الفم. ما كان مهمًا في النهاية هو كرة القدم. ونادرًا ما كان هناك مهرجان غني مثل ذلك في الإمارة الصحراوية. من هزيمة الأرجنتين الافتتاحية أمام السعودية إلى التأهل البطولي للمغرب إلى نصف النهائي، لم تكن هناك مباراة لم تكن تجربة مثيرة. حتى خيبة الأمل من هزيمة إنجلترا كانت مقنعة بمستوى اللعب الجيد بشكل عام وبالروح الرياضية والسلوك الجيد من قبل الجماهير”.
لعب المنتخب المغربي علي أرض عربية وامام جماهير كبيرة عربية جعله يتفوق حتي علي نفسه كي يرضي هؤلاء الجماهير العربية الكبيرة التي كانت ورائه تشجعه في كل انحاء العالم هل التشجيع اوصله لنصف نهائي كأس العالم وشكل إحدى أكبر المفاجئات في مونديال قطر وتجاوزت ارتداداته الأبعاد الرياضية لتشعل من جديد مشاعر الانتماء للوحدة العربية والأفريقية. فقد تمكن “أسود الأطلس”، بقيادة المدرب المُحنّك وليد الركراكي، بذلك من تحقيق أنجاز غير مسبوق ولأول مرة في تاريخ المغرب والعرب والأفارقة، بعد تعادله في أولى مبارياته مع كرواتيا قبل أن ينتفض محققا انتصارين متتاليين على بلجيكا وكندا في الدور الأول ليتصدر المجموعة السادسة بسبع نقاط وليهزم بعد ذلك على التوالي كل من إسبانيا والبرتغال.
واحتفل الجزائريون بإنجاز جارهم المغربي على الرغم من أن الإعلام الرسمي في بلادهم تجاهل ذكر اسم المغرب نهائيا في هذه المنافسات، بل وقيل إن المدير العام للتلفزيون الجزائري تمت إقالته، بعد أن سمح ببث خبر تأهل المنتخب المغربي لدور نصف النهائي. ويذكر أن الجزائر قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع جارها الغربي بسبب خلافات كثيرة أهمها قضية الصحراء التي تسعى حركة البوليساريو إلى إنشاء دولة مستقلة فيها بدعم من لجزائر، فيما يؤكد المغرب أن الحكم الذاتي هو أقصى ما يمكن أن يطرحه لحل هذا الصراع الإقليمي.
إنجاز المنتخب المغربي تسبب في شيوع لدى الشارع العربي من المحيط إلى لخليج، بل وحتى في بلدان أفريقية وأسيوية. وأطلقت نجاحات المنتخب المغربي المدوية كذلك العنان للفرحة داخل مخيمات اللاجئين السوريين مثلما ظهر جليا في مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي، ودفع نجاح “أسود الأطلس” الفلسطينيين أيضا على الخروج للاحتفال بإنجازات المغرب، فرفعوا الأعلام المغربية وأطلقوا الألعاب النارية قبل أن تتدخل الشرطة الإسرئيلية وتمنعهم، مثلما حدث في باب العامود بالقدس. بل حتى الإسرائيليين من أصل مغربي خرجوا للشوارع للاحتفال بانتصارات أسود الأطلس