بايدن: الاتفاق النووي الإيراني مات.. لماذا يكذب الرئيس؟
أقر الرئيس الأميركي جو بايدن، على هامش تجمع انتخابي في 4 نوفمبر الماضي، بأن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع إيران “مات”، لكنه شدد على أن الولايات المتحدة لن تعلن ذلك رسمياً، حسب ما أفاد موقع “أكسيوس” الأميركي.
وأدلى بايدن بهذه التصريحات خلال محادثة قصيرة مع امرأة حضرت تجمعاً انتخابياً في مدينة “أوشن سايد”، بولاية كاليفورنيا، بحسب مقطع فيديو ظهر مؤخراً على حسابات مواقع تواصل اجتماعي في وقت متأخر الاثنين.
وعندما طلبت المرأة من بايدن الإعلان عن موت “خطة العمل الشاملة المشتركة”، كما يُعرف الاتفاق الإيراني رسمياً، رد بايدن بأنه لن يفعل “لأسباب كثيرة”.
لكنه أضاف بعد ذلك: “لقد مات، لكننا لن نعلن ذلك. (إنّها) قصة يطول شرحها”.
وردت المرأة التي يبدو أنها أميركية من أصل إيراني بأن النظام الإيراني لا يمثل الشعب، قائلة: “إنهم لا يمثلوننا، لكنهم سيحصلون على سلاح نووي سيستخدمونه”.
واعتبر موقع “أكسيوس” أن تصريح بايدن يُعد أقوى تأكيد حتى الآن على أن إدارته تعتقد أنه لا يوجد سبيل للمضي قدماً في الاتفاق الإيراني، ما يطرح تساؤلات جوهرية بشأن مستقبل برنامج طهران النووي.
واشنطن: “ليس محور تركيزنا”
من جانبه، أعرب منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي عن ترحيب الولايات المتحدة بمحادثات الاتحاد الأوروبي بشأن إيران فيما يتعلق بمجموعة واسعة من التحديات تشمل “طريقة معاملة النظام لمواطنيه ومنح روسيا القدرة على قتل مواطنيه”.
وقال كيربي إن “الاتفاق مع إيران ليس محور تركيزنا الآن، ومن الواضح أننا لا نريد أن نشهد إيران تحصل على قدرات أسلحة نووية، ومن الواضح أن المسار السلمي لتحقيق هذه النتيجة يخدم الجميع بشكل أفضل”.
وأضاف: “لا نتوقع التوصل إلى اتفاق في أي وقت قريب، ولا نتوقع أي تقدم، وهذا خارج تركيزنا”، مشيراً إلى قمع إيران للمتظاهرين ودعمها لروسيا في الحرب في أوكرانيا.
وفي وقت سابق الثلاثاء، دعا منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إيران إلى “الإنهاء الفوري للدعم العسكري لروسيا والقمع الداخلي في البلاد”، مشدداً على وجوب إبقاء “الاتصالات مفتوحة وإعادة إحياء الاتفاق النووي على أساس محادثات فيينا” المتوقفة منذ أشهر.
وقال بوريل، الأسبوع الماضي، إنه “لا يوجد خيار أفضل من الاتفاق النووي لضمان ألا تصنع إيران أسلحة نووية”، مضيفاً أن “علينا مواصلة التعاون قدر الإمكان في محاولة إحياء هذا الاتفاق”.
إيران: لم نتخلّ عن الحوار
بدوره، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن بلاده لم تتخل قط عن طريق الحوار والتفاوض، بل تابعت في العامين الماضيين بجدية محادثات فيينا للتوصل إلى اتفاق جيد وقوي ومستدام.
وأضاف في كلمته خلال “مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة”، في دورته الثانية والتي استضافها الأردن، الثلاثاء: “خلال العقدين الماضيين كان لإيران موقف ثابت فيما يتعلق بالحفاظ على الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي، ولم تغير هذا الموقف المبدئي”.
وأشار إلى مباحثاته، الثلاثاء، مع منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وتأكيده على استعداد إيران لاستكمال المحادثات والتوصل إلى الخطوة النهائية لإبرام الاتفاق؛ مع مراعاة خطوطها الحمراء والنصوص المقدمة، “شريطة أن تتعامل الدول الأخرى مع الموضوع بواقعية”.
والاثنين، انتقد سفير إيران ومندوبها الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني ما وصفها بـ”السياسات الأحادية الأميركية”، مشدداً على أن “الضغط والترهيب والمواجهة ليست طريق الحل ولن تؤدي إلى شيء”.
ووجه إيرواني في كلمة له خلال الاجتماع الدوري لمجلس الأمن بشأن تنفيذ القرار 2231 والاتفاق النووي خطاباً إلى السلطات الأميركية، قال فيه: “كفّوا عن خداع وتضليل المجتمع الدولي وأثبتوا أنكم قادرون على تنفيذ التزاماتكم”، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”.
الاحتجاجات والاتفاق
وفي أواخر أكتوبر الماضي، قال المبعوث الأميركي لإيران روبرت مالي إن الإدارة لن “تضيع الوقت” في محاولة إحياء الاتفاق النووي الإيراني في الوقت الراهن بالنظر إلى قمع طهران للمتظاهرين، والدعم الإيراني للحرب الروسية في أوكرانيا، ومواقف طهران بشأن برنامجها النووي.
وتوقفت محادثات العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 منذ سبتمبر الماضي، وتتهم القوى الغربية إيران بتقديم مطالب غير معقولة بعد أن كانت جميع الأطراف على وشك التوصل إلى اتفاق فيما يبدو، بحسب وكالة “رويترز”.
وزادت الصعوبات أمام محاولات إنقاذ الاتفاق النووي هذا العام، مع بدء إيران شن حملة “وحشية” على الاحتجاجات الشعبية التي دخلت شهرها الرابع.
كما تتهم الدول الغربية روسيا باستخدام طائرات مسيرة إيرانية في حربها على أوكرانيا في حين سرعت إيران من وتيرة برنامجها النووي، بحسب وكالة “رويترز” التي قالت إن كل تلك العوامل تزيد الثمن السياسي المطلوب مقابل رفع العقوبات عن إيران.
وخلال الأسابيع الماضية، تراجع التركيز على ملف المباحثات النووية في العلن بينما تشهد إيران منذ 16 سبتمبر الماضي احتجاجات على وفاة الشابة مهسا أميني بعد توقيفها من قبل “شرطة الأخلاق” على خلفية عدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة.