“الإنذار الأخير”.. خطر انقراض الحيوانات يتزايد والأرض تفقد حياتها البرية
تشير الأرقام الصادرة عن الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعية إلى واقع مأزوم يستوجب تنفيذ السياسات المتفق عليها لحماية أكثر من 42 ألفا و100 نوع من الحيوانات المدرجة على القائمة الحمراء من الانقراض.
لذلك أطلقت، الإثنين، 23 دولة ومنظمة، بقيادة كولومبيا وبدعم من ألمانيا، شراكة لتسريع تنفيذ إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي، الذي اعتُمد في مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (COP15) في كندا.
فقد وقعت البلدان والمنظمات إعلانا لإطلاق شراكة التسريع لمساعدة البلدان على التعقب السريع والارتقاء بتنفيذ الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية للتنوع البيولوجي.
وستساهم الشراكة، من خلال الجمع بين الحكومات وأصحاب المصلحة المعنيين، في تحقيق أهداف وغايات التنوع البيولوجي العالمي الجديدة وفي نهاية المطاف، الرؤية العالمية للعيش في وئام مع الطبيعة بحلول عام 2050.
وستعمل الشراكة على تسهيل الوصول إلى الدعم المالي والتقني، وتعزيز الحوار والتوعية وتبادل المعرفة، وتطوير القدرات المؤسسية المصممة لتناسب مختلف المستويات والاحتياجات الوطنية، حسب ما نقلت أخبار الأمم المتحدة.
ونقلت فرانس برس من خلال رسوم بيانية الوضع الخطير على الصعيد التنوع البيولوجيا، فبيّنت الأرقام الصادرة عن تقرير الكوكب الحي التابع للصندوق الوطني للطبيعة عام 2022، والذي يغطي 32 ألف نوع من الثدييات والطيور والأسماك والزواحف والبرمائيات حتى العام 2018، أن العالم فقد نحو 70 في المئة من الحيوانات البرية منذ العام 1970، ووصفت الوكالة هذه الأرقام بالمدمرة.
“مستوى خطير.. ينذر بالفناء”
ويؤكد اختصاصي إدارة الحياة الفطرية، ومستشار منطقة الشرق الأوسط في المجلس العالمي لحماية الطيور، أسعد سرحال في حديث لموقع “الحرة” أن “هذا المستوى خطير جدا، وينذر بالفناء، لأن إعادة تجدد هذه العناصر ليس بالأمر السهل، بخاصة بعد التزايد السكاني الهائل”.
إلا أنه يوضح أن “الطبيعة تدافع عن نفسها بطرق عدة، من خلال الفيضانات، وارتفاع مستوى مياه البحر، والحرائق التي نشهدها كل عام”، لافتا إلى أن “الطبيعة تهاجم مصادر تهديدها بالحرائق والفيضانات، فعلى سبيل المثال يمكنها استعادة شواطئها بموجة تسونامي واحدة”.
واعتبر سرحال، بناء على الدراسة التي تفيد أن العالم فقد نحو 70 في المئة من الحيوانات البرية منذ العام 1970، أن الحياة البيئية على الكرة الأرضية “دخلت في موجة انقراض سادسة، تأتي بعد موجات الانقراض الخمس الماضية المؤرخة في علم البيئة، والتي كان آخرها انقراض الديناصورات”.
وانطلق سرحال من هذه الإحصاءات وتجربة كورونا وانفلونزا الطيور، وكل هذه الأمراض المنتشرة، للقول إن هذا “الإنذار الأخير”، موضحا أنه عندما يبدأ الناس بالموت بالملايين فهذا أننا فقدنا المناعة المطلوبة.
وبناء على ذلك، يشدد على أن “الخوف لم يعد على الطبيعة، بل على الإنسان”، وعلى “ضرورة وضع آليات تنفيذية لقرارات كوب 15 و27”.
“أكثر من الربع مهدد بالانقراض”
تلفت القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة إلى أن 28 في المئة من مجموع أنواع الفقاريات، (الحيوانات التي لديها عمود فقري وجمجمة)، مهددة بالانقراض.
فالبرمائيات، والتي تشمل الضفادع والسمادل، معرضة بنسبة 41 في المئة، أما الأسماك الغضروفية والتي تشمل القرش، والشفنينيات، فمعرضة بنسبة 37 في المئة للانقراض، وشعاعيات الزعانف، (الأسماك العظيمة)، معرضة بنسبة 17 في المئة، والزواحف بنسبة 21 في المئة، أما الثدييات فمعرضة بنسبة 27 في المئة، الطيور بنسبة 13 في المئة.
ويشرح سرحال هذه الأرقام، قائلا إن “ذلك يعني أن معظم الثدييات الكبيرة تنقرض، ونلمس ذلك من خلال أسباب عديدة منها تغير المناخ، والصيد الجائر، والاتجار غير المشروع، وتدهور الموائل”.
“هذا فضلا عن الثدييات التي لا تزال غير مُوَثقّة جيدا، مثل الطيور، التي لا يزال هناك اكتشافات لبعض الأنواع منها في الأمازون، والغابات المطيرة”.
نحو “الفناء”؟
وأوضح أن “العالم يشهد الموجة السادسة للانقراض على الكرة الأرضية، وهذه أكبر موجة بعد انقراض الديناصورات، وهذا يعني أن هناك فناء، في حال لم توضع الاتفاقية موضع التنفيذ”.
ويشدد على أنه “وجوب الترابط بين اتفاقيتي كوب27، في شرم الشيخ لتغير المناخ، وكوب 15 للتنوع البيولوجي، لأنهما مرتبطان”.
وقال إن “خطورة تعرض 28 في المئة من مجموع الفقاريات للانقراض، أنها على رأس هرم المخلوقات، وخاصة بالنسبة للثدييات، فهذا يعني أن هناك خللا ضخما سيحصل في الهرم ويهدد كل المخلوقات التي تحته”، شارحا أنه “عندما تختفي الحيوانات التي تضبط أعداد تلك التي تحتها، يحصل انفجار بأعداد الأخيرة. مثل الثدييات الصغيرة التي تتزاوج بسرعة كالأرانب، والجراذين، وغيرها، فلا يعود هناك ضابط لأعدادها، وعادة الضابط يكون الحيوان الذي في رأس الهرم”.
اللافقاريات.. والخطر على النحل
يورد الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة أن 28 في المئة من مجموع أنواع اللافقاريات مهددة بالانقراض، فالحشرات معرضة بنسبة 26 في المئة، والزهريات الشعاعية (المرجان) بنسبة 33 في المئة، والبطنقدميات (القواقع والدود البزاق) بنسبة 22 في المئة، والقشريات الرخوة (السلطعون، الكركند، السلطعون نهري) بنسبة 33 في المئة، والعناكب والعقارب بنسبة 68 في المئة، وسرطان حدوة الحصان بنسبة 100 في المئة.
ويلفت سرحال إلى أن “ربع اللافقاريات معرضة، وهذا يعني أن الحشرات التي تلقح النباتات حول الكرة الأرضية، وهي سبب الحياة، بخطر”.
“وتفقد هذه اللافقاريات، في الكثير من الموائل الطبيعية، فلم يعد هناك التلقيح كما هو مطلوب بخاصة بالنسبة للنحل الذي يكافح بوجه المبيدات، وسيكون له انعكاس على الأمن الغذائي في العالم”.
وشدد سرحال على أن “استخدام المبيدات الملوثة بعشوائية، مع تحويل الغابات إلى أراض زراعية وزيادة عدد السكان التي قاربت المليارات، باتت زيادة تصاعدية ضخمة، تؤدي إلى زيادة الطلب على الغذاء والأراضي الزراعية والمياه”.
وقال إنه “في عالم الطيور، (وهي أكبر مجموعة مدروسة على الكرة الأرضية)، الإحصاءات تشير إلى أن طائر من أصل 8 طيور معرض للانقراض، لذلك فإن الموضوع أخطر. فالطيور، مهمة تماما كالحشرات والفراشات، لأنها مؤشر طبيعي على صحة الكرة الأرضية. فهي مثل جهاز إنذار للإنسان، وعندما تختفي من بيئة معينة فهذا يعني أن الخطر آت على جميع المخلوقات”.
كوب 15
وقالت الأمينة التنفيذية لاتفاقية التنوع البيولوجي التابعة للأمم المتحدة، إليزابيث مريما خلال المؤتمر إن “إطلاق شراكة تسريع الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية للتنوع البيولوجي هو تطور حسن التوقيت ومرحب به. هناك حاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة، ليس فقط لبدء تنفيذ إطار العمل العالمي الجديد للتنوع البيولوجي، ولكن أيضا للاستمرار في تسريع تنفيذ الاستراتيجيات وخطط العمل والارتقاء بها بينما نعمل معا لتحقيق الرؤية المشتركة للعيش في وئام مع الطبيعة وتأمين مستقبل مستدام للجميع”.
ومن جهتها، صرحت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنغر أندرسن إنه “بمجرد اعتماد الإطار العالمي للتنوع البيولوجي، سوف نحتاج إلى تنفيذه بالكامل وعلى وجه السرعة عبر المجتمع بأسره. إن إطلاق شراكة تسريع الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية للتنوع البيولوجي سيكون رصيدا حاسما في تسهيل تنفيذ الإطار وتحقيق الأهداف والغايات المرتبطة به. يرحب برنامج الأمم المتحدة للبيئة بهذه المنصة لتقاسم المعرفة وأفضل الممارسات من أعضائه وتسخير الموارد المالية وغير المالية اللازمة لتحفيز العمل من أجل الطبيعة والتنوع البيولوجي”.
وقال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر: “تعد الشراكات الوطنية والتوعية العالمية والدعم الفني محوريا لتعبئة العمل الحاسم الذي نحتاجه لمعالجة أزماتنا على مستوى الكوكب. وهذا النهج هو سمة مميزة لشراكة التسريع التي ستدعم البلدان للبلوغ أهدافها المتعلقة بالتنوع البيولوجي – وهي تمثل خطوة حاسمة إلى الأمام نحو التنفيذ الناجح للإطار العالمي الجديد للتنوع البيولوجي”.