استقالة وزير الدفاع الكويتى بسبب قضية الطائرات !!
قَبِلَ رئيس الوزراء الكويتي الشيخ “أحمد نواف الأحمد الصباح” استقالة وزير الدفاع الشيخ “عبدالله علي عبدالله السالم الصباح” من منصبه، في قرار وصف بالمفاجئ، طبقا لتوقيته أو لأسبابه.
جاءت استقالة وزير الدفاع بعد أيام من رفعها إلى رئيس الحكومة، الذي كلف النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ “طلال الخالد” بحقيبة وزير الدفاع بالإنابة.
وتم تعيين الشيخ “السالم الصباح” وزيرا للدفاع في حكومة “أحمد نواف الصباح”، التي صدر مرسوم تشكيلها بتاريخ 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكانت تقارير ذكرت، قبل أيام، أن وزير الدفاع رفع استقالته الأسبوع الماضي، وتأجل البتّ فيها إلى ما بعد اجتماع مجلس الوزراء الأحد.
إلا أن الإعلان عن الاستقالة جاء بالتزامن مع تأجيل الاجتماع الذي كان مقررا الإثنين بين رئيس الحكومة وبين مجموعة من النواب، بينهم رئيس مجلس الأمة (البرلمان) “أحمد السعدون”؛ لمناقشة ملف العلاقات بين الحكومة والمجلس.
وقالت صحيفة “الراي” المحلية إنه “تم تأجيل الاجتماع بين مجلس الوزراء الكويتي ومجلس الأمة ولم يتم إلغاؤه”.
رسميا، لم يتم الكشف عن أسباب الاستقالة، إلا أن التخطيط للاجتماع بين الحكومة ومجلس الأمة جاء بعد تقديم وزير الدفاع استقالته من منصبه، الخميس الماضي؛ إثر تشكيل مجلس الأمة لجنة تحقيق حول صفقة طائرات.
وشكل مجلس الأمة، مؤخرا، لجان للفحص والتحقيق في عقدي طائرات “كاراكال” الفرنسية و”يوروفايتر” الأوروبية، وكذلك في قضية استبعاد بعض المتقدمين للدخول في القرعة النهائية لدفعة الطلبة الضباط في الجيش، ممن يعتقد أنهم مستوفي الشروط.
وحينها، قال وزير الدفاع (المستقيل) إنه سيتعاون مع اللجان البرلمانية التي تحقق في قضايا تتعلق بوزارته.
غير أن تسريبات سياسية أشارت إلى أن وزير الدفاع (المستقيل) كان قد اشتكى منذ فترة من عدم ارتياحه لطريقة إدارة الحكومة لبعض الملفات الحساسة المرتبطة بوزارته مثل صفقة الطائرات، وأن قبول كتاب استقالته يأتي في وقت ترفض فيه الحكومة معالجة هذه القضية بشكل جدي؛ لذا فضلت التضحية بالوزير على فتح هذا الملف الحساس.
وكان بيان مجلس الأمة، الذي صدر الأربعاء الماضي، بتشكيل لجنة التحقيق بشأن فحص عقدي طائرات “كاراكال” و”يوروفايتر”، ذكر أن الصفقتين شابتهما العديد من عمليات الفساد.
وأوضح المجلس أن الصفقة الأولى شابتها “مشاكل فنية جسيمة واعتراف الشركة الفرنسية بشكل رسمي بتقديم عمولة”، بينما شابت الثانية “ملاحظات ومخالفات”، وفق البيان، دون أن يقدم دلائل أو تفاصيل.
كما وافق المجلس على “تشكيل لجنة تحقيق في ما أثير من شكاوى حول استبعاد مستوفين للشروط من الدخول في القرعة النهائية لدفعة الطلبة الضباط في الجيش”.
وتعود قضية “كاراكال” إلى نهاية 2017، حينما إحالتها الحكومة إلى الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) للتحقيق فيها، وهو ما أكدته الهيئة في 19 يناير/كانون الثاني 2018.
وتتعلق الصفقة بشراء 30 مروحية “كاراكال” بقيمة أكثر من مليار يورو (1.2 مليون دولار)، إلا أن وزارة الدفاع الكويتية، أعلنت في فبراير/شباط 2020، تعليق تسلمها للطائرات مؤقتًا حتى صدور نتائج فحص اللجنة الفنية المتخصصة التي تم تشكيلها بقرار من الوزارة بشأن هذه الطائرات.
ولاحقا، صدر قرار باستئناف تسلم الطائرات بعد تعيين مكتب محام خارجي في باريس متخصص لتقدير الشكوى الجنائية ومتابعة الإجراءات المزمع اتخاذها أمام السلطات الفرنسية.
وتسلمت الكويت 26 طائرة، ولم يتبقَ سوى 4 طائرات، من المتوقع تسليمها خلال أسابيع.
أما القضية الأخرى، فظهرت للعلن في يناير/كانون الثاني الماضي، حين أحال النائب العام المستشار “ضرار العسعوسي”، بلاغ قضية “يوروفايتر” وشبهة الإضرار بالمال العام، والمتهم فيه وزير دفاع أسبق وآخرون، إلى لجنة التحقيق الدائمة الخاصة بـ”محكمة الوزراء”.
وفتحت القضية بعد ملاحظة الفارق الكبير في السعر قياسا بالأسعار التي دفعتها دول خليجية أخرى في نفس المقاتلة الأوروبية التي اشترتها السعودية وقطر وسلطنة عمان.
وطلبت الكويت شراء 28 طائرة “يوروفايتر تايفون”، من صنع تحالف من الشركات الأوروبية، في عام 2016، بموجب عقد قيمته نحو 8.7 مليارات دولار، تسلمت منها 6 طائرات على 3 دفعات.
وفي يوليو/تموز الماضي، انعقدت المحكمة وسط نفي المتهمين للاتهامات الموجهة إليهم بـ”الإضرار العمدي بالمال العام وإخفاء معلومات عن جهات رقابة”، أعقبه إخلاء سبيلهم، حسب ما ذكرته صحيفة “الجريدة” آنذاك.
ولاحقا، قررت محكمة الوزراء في الكويت، حجز القضية للحكم في 20 ديسمبر/ كانون الأول.
وتعليقا على قبول الاستقالة، قال النائب “حمد المدلج”، عبر “تويتر”، إن “استقالة وزير الدفاع لن تُثنينا عن أصل المشكلة”، معددا مطالب من بينها “إحالة المتورطين في صفقات التسليح، وحقوق الضباط في ترقياتهم، ومكافأة الصفوف الأمامية، وبيع الأجازات، والمناصب، وظلم قرعة الطلبة الضباط، والمحاكمات التعسفية”.
أما النائب “عادل الدمخي” فقال إنه في ظل أجواء تصحيح المسار يجب فتح كل الملفات التي تسببت في ضياع المليارات على الكويت، مبينا أنه “يجب علينا كممثلين للأمة مراقبتها والتحقيق فيها وأن يكون الهدف هو إظهار الحقيقة، واسترداد الأموال لأبناء الشعب الكويتي”.
وأضاف “الدمخي”، في تعليقه على ما تردد بشأن استقالة وزير الدفاع، إنه لم يكن يتمنى أن تصل الأمور إلى استقالة وزير في هذه الحكومة وهذا العهد الجديد، لا سيما بعد ما ذكره ولي العهد في الخطاب الأميري في افتتاح المجلس، من فتح ملفات للمحاسبة.
وأوضح “الدمخي” أنه تدرج في المساءلة لوزير الدفاع، ووجه أسئلة، مشيرا إلى أنه بين للوزير في الجلسة الماضية لمجلس الأمة أثناء الحديث في بند الأسئلة بأن الاجابات التي وردته منقوصة وفيها خطأ.
وذكر أنه وجه أسئلة أخرى عن صفقات التسليح وغير صفقات التسليح، متضمنة استفسارات عن مشروع بناء مبنى لوزارة الدفاع لم يُعرض على أي جهة رقابية إلى الآن ولم ترصد له ميزانية.
وبين “الدمخي” أنه بعد ذلك طلب مع النواب تشكيل لجنة تحقيق، وتم تشكيل اللجنة في الجلسة الماضية، لافتا إلى أن ووزير الدفاع أبدى استعداده للتعاون مع اللجنة.
وأضاف أن الوزير علم بصحة الكلام عن الصفقة بعد الخلل الذي حدث للطائرة التي اضطرت للهبوط في العرض.
وقال “الدمخي” إنه سبق أن حذر الوزير من “البطانة”، وعدم تضليلهم له بأجوبتهم على الأسئلة.
وشدد على مواصلته متابعة ملفات الفساد، خاصة في قضايا التسليح (الكاراكال واليورفايتر وغيرها)؛ لأن الأمر لا يتعلق بشخص الوزير بقدر المحافظة على المال العام وضرورة محاسبة كل من تعدى عليه.
فيما قال النائب “مبارك الطشة”: “بعد توارد الأنباء عن استقالة وزير الدفاع، أصبح من الواجب على رئيس الوزراء استبعاد بعض الوزراء المقصرين في أعمالهم، فوجودهم واستمرارهم في مناصبهم سوف يخلق أزمة بين المجلس والحكومة”، مؤكدا أن “التعديل الوزاري بات مستحقا لضمان استمرارية التعاون بين السلطتين”.
يشار إلى أنه في فبراير/شباط الماضي استقال وزير الدفاع الشيخ “حمد جابر العلي الصباح”، لما قال إنه احتجاجا على كثرة الاستجوابات في مجلس الأمة، في إشارة إلى فتح ملف فساد القضيتين.
يذكر إن وزير الدفاع المستقيل الشيخ “عبدالله” هو الابن الأكبر للشيخ “علي عبدالله السالم الصباح” الذي عمل ضابطا في الجيش الكويتي، واختير محافظا لعدة محافظات كويتية آخرها محافظة مبارك الكبير، وهو حفيد أمير الكويت الحادي عشر الشيخ “عبدالله السالم الصباح” الذي حكم الكويت ما بين عامي 1895 و1965.
وكان الشيخ “عبدالله” يشغل منصب رئيس الإدارة العامة للطيران المدني؛ حيث تم إصدار مرسوم بتعيينه في هذا المنصب في مايو/أيار 2021.