نافال الفرنسية تخسر صفقة تزويد البحرية السعودية بسفن حربية
كشفت مصادر استخباراتية عن تفاصيل خسارة مجموعة “نافال” الفرنسية لسباق الفوز بصفقة بناء سفينة قتالية لصالح القوات البحرية الملكية السعودية، التي اختارت عرض شركة “نافانتيا” الإسبانية.
وذكرت المصادر أن وفدا من الخارجية الفرنسية، ضم الأمينة العامة “آن ماري ديسكوت”، ومديرة شمال أفريقيا والشرق الأوسط “آن جوجن”، ومدير العولمة “أوريلين ليتشيفالييه”، زار الرياض في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ليجدوا أنفسهم وجها لوجه مع “ازدراء” المملكة العربية السعودية لعرض مجموعة “نافال”، وفقا لما أورده موقع “إنتليجنس أونلاين”.
وأضاف الموقع، المعني بالشأن الاستخباراتي، أن زيارة المبعثوين الباريسيين، برفقة السفير الفرنسي “لودوفيك بوي”، استهدفت وضع أسس شراكة استراتيجية فرنسية سعودية مستقبلية، بينما وقع وزير الصناعة والتجارة والسياحة الإسباني “رييس ماروتو” مذكرة تفاهم مع وزير الدفاع السعودي “خالد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود” لتزويد البحرية السعودية بسلسلة من السفن القتالية متعددة المهام، من صناعة شركة نافانتيا.
وأدى الاتفاق إلى تهميش شركة بناء السفن البحرية الفرنسية “نافال”، المملوكة للدولة الفرنسية بنسبة 62.25% للدولة ولشركة “تاليس” نسبة 35%، ما أثار دهشة الفرنسيين، الذين فوجئوا بالاستراتيجية التجارية لشركة بناء السفن الإسبانية.
وجاءت إشارة هذا التهميش قبل أسبوعين، بحسب المصادر، إذ ابتعد “خالد بن سلمان” عن منصة “نافال” في المنتدى البحري الدولي السعودي، وهو تجمع استضافته البحرية السعودية في جدة يومي 15 و17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ووفقًا لمصادر “إنتليجنس أونلاين”، فقد تجاوز شقيق ولي العهد السعودي ممثلي مجموعة “نافال”، برئاسة “إيمانويل سلارس”، قائد القوات الفرنسية في الإمارات العربية المتحدة (FFEAU)، رغم اختياره زيارة منصات شركات “نافانتيا” الإسبانية، وBAE Systems البريطانية، وعملاقة صناعة الدفاع الأمريكية “لوكهايد مارتن”.
وتزامن ما فعله “خالد بن سلمان” مع مصافحة دافئة بين ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان آل سعود” والرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” في قمة مجموعة العشرين بجزيرة بالي الإندونيسية، وهو ما اعتُبر بالخطأ في باريس إشارة إلى أنه لا يزال هناك أمل لمجموعة نافال في الفوز بصفقة السفن الحربية.
ولتبرير خسارتها الصفقة، جادلت مجموعة “نافال”، برئاسة “بيير إريك بوميليه”، بأنها لا تستطيع التنافس مع علاقات “نافانتيا” القوية مع الشركة السعودية للصناعات العسكرية، الكيان الذي عهد إليه “محمد بن سلمان” بعقد الشراكات مع مجموعات الدفاع الأجنبية.
فـ”جونزالو ماتيو غيريرو ألكازار”، الرئيس التنفيذي للعمليات في الشركة السعودية للصناعات العسكرية، سبق أن شغل منصب رئيس عمليات “نافانتيا” من يونيو/حزيران 2017 حتى تعيينه بالرياض في سبتمبر/أيلول 2021.
وكان “ألكازار”، الذي شارك عن كثب في خطة “نافانتيا” الاستراتيجية 2018-2022، شوكة في جانب مجموعة “نافال” من قبل، حيث تسبب في تهميش الشركة الفرنسية المعروفة آنذاك باسم DCN في المنافسة على صفقتين إطاريتين بقيمة 1.5 مليار يورو لصالح البحرية الأسترالية، عام 2007.
وتمت ترقية “ألكازار” إلى رأس إدارة المبيعات في “نافانتيا” من عام 2012 إلى عام 2017، وتفاوض من مدريد في صفقات بقيمة 4 مليارات يورو، بما في ذلك طلب شراء 5 طرادات من طراز Avante 2200 لصالح البحرية السعودية، تم تسليم الثالث منها إلى السعودية من حوض بناء السفن في مدينة قادس الإسبانية يوم 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وكانت مجموعة “نافال” حريصة جدًا على الحصول على أحدث عقود صناعة السفن الخاصة بالبحرية السعودية، ولذا أرسلت الرئيس التنفيذي المتمرس “فرانسوا ريفو”، الذي عمل مع الشركة لأكثر من 25 عامًا (1989-2015)، لرئاسة عملياتها في الرياض في يوليو/تموز 2022، ليحل محل “ديدييه فويلي”.
لكن الشركة الإسبانية كانت قد بدأت بالفعل مشروعا مشتركا مع الشركة السعودية للصناعات العسكرية كجزء من صفقة الطرادات الخمسة، وتم تعيين “صوفيا هونروبيا” لرئاسة المشروع المشترك في أبريل/نيسان الماضي.
ثمة عامل آخر أسفر عن خسارة “نافال”، وهو أن المجموعة الفرنسية لم يكن لها شريك محلي مهم لتعزيز فرصها في الفوز بصفقة السفن الحربية.
ورغم أن “ريفو” حاول تدارك ذلك، بمحاولة التواصل مع شركة “سكوبا” في معرض “يورونافال” التجاري بباريس في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حسب ما كشفته مصادر “إنتليجنس أونلاين”، لكن “سكوبا”، التابعة لشركة “عجلان وإخوانه” والتي تخضع لأوامر مباشرة من “بن سلمان”، لا تزال ناشئة في هذا المجال وليس لها مقر رئيسي في السعودية حتى الآن.