إنترسبت: إنقلاب للحرس الثوري الايراني يلوح في الأفق
“أخطر أزمة تواجه الجمهورية الإسلامية حتى الآن”.. هكذا وصف موقع “إنترسبت” الأمريكي عدم وجود خليفة واضح للمرشد الأعلى “علي خامنئي”، الذي يعاني من المرض والتقدم في العمر، وسط تخوفات من أن تؤدي الأزمة إلى زيادة دور الحرس الثوري، وربما القيام بدور مباشر في حكم البلاد.
وتهدد أزمة اختيار بديل لـ”خامنئي” البالغ من العمر 83 عاما، والذي خضع لجراحة سرطان البروستات في 2014، نظام حكم رجال الدين القائم في البلاد منذ عام 1979.
ومنذ صعود “خامنئي” إلى السلطة، لحقته شائعات كثيرة عن مرضه أو حتى وفاته، وكان يخرج كل مرة سليما منها.
لكن في الآونة الأخيرة ذكرت تقارير غربية عدة، أن “خامنئي على فراش الموت” وأنه “مريض بشكل خطير”.
وأضاف “إنترسبت” أن الأزمة تغلي تحت السطح ونادرا ما يتم تناولها في وسائل الإعلام المحلية، مشيرة إلى أنها “يمكن أن تكون أخطر أزمة تواجه الجمهورية الإسلامية حتى الآن”.
ولفت التقرير إلى أن أزمة الخلافة المرجحة في إيران شبيهة بالأزمات التي عادة ما تواجه الأنظمة الاستبدادية في العالم خلال السنوات والعقود الماضية.
رجحت الموقع أن تؤدي الأزمة إلى زيادة دور الحرس الثوري الإسلامي، أحد أقوى المؤسسات الأمنية في إيران، وربما القيام بدور مباشر في حكم البلاد.
وأشارت إلى أن التحدي يتمثل بالإضافة إلى اختيار الخليفة، هو أن من يخلف “خامنئي” سيكون من جيل لم يشارك في الثورة.
يقول الباحث في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة جورج واشنطن “سينا أزودي”، إنه “لا أحد تقريبا يناقش موضوع خلافة خامنئي علنا داخل إيران، لكن السلطة بأكملها تستعد الآن لقضية الخلافة”.
وأضاف “أزودي” أن “التحدي يتمثل بالإضافة إلى اختيار الخليفة، هو أن من يخلف خامنئي سيكون من جيل لم يشارك في الثورة”، مبينا أنه “بمجرد أن يغادر خامنئي المشهد، ستزول إحدى العوائق الرئيسية أمام تحسين علاقات إيران مع الغرب”.
تقول الصحيفة إن فترة حكم “خامنئي”، الذي أصبح المرشد الأعلى لإيران في عام 1989، تزيد عن فترة حكم سلفه روح الله “الخميني” زعيم الثورة ومؤسس الجمهورية الإسلامية، أربعة أضعاف.
ومن نواحٍ عديدة، فإن النظام القائم حاليا في إيران اليوم هو من صنعه الشخصي، وتعتمد إدارة مراكز القوى المتنافسة داخل إيران على دوره كسلطة نهائية، وفقا للصحيفة.
وتتابع أن “خامنئي” عمد إلى تهميش معظم منافسيه داخل المؤسسة الدينية، وعزز نفسه كسلطة لا جدال عليها داخل النظام.
وترى أن هذا الاحتكار للسلطة والنفوذ، الشائع في الديكتاتوريات، جعل موقعه بمأمن عن المنافسة، لكن في الوقت ذاته صعب من مهمة إيجاد الخليفة المناسب له بعد وفاته.
وأثار استخدام وكالة “راسا” الإيرانية، لقب “آية الله” لـ”مجتبى”، نجل المرشد الأعلى “علي خامنئي”، الشكوك حول إعداده لخلافة والده، في منصب أعلى سلطة دينية في البلاد.
ووفق تحليل نشرته مجلة “ناشونال إنترست”، فإن المؤشرات تتزايد على أن “خامنئي” (82 عاما) يخطط لإبقاء هذا المنصب ضمن عائلته، ليخلفه ابنه “مجتبى” من بعده.
وأوضح التحليل أن “مجتبى” الذي يحمل رتبة “حجة الإسلام” يتم تهئيته ليصبح “آية الله”؛ وهي المرتبة الأعلى في التسلسل الهرمي الشيعي في إيران.
ويعد “مجتبى خامنئي” شخصية غامضة، ولا يشغل أي منصب عام في الحكومة، ونادراً ما يظهر علناً، ولكن يقال إنه يتمتع بنفوذ أكبر بكثير من نفوذ أبناء القائد الآخرين في المنظمات القوية مثل مكتب والده، ومنظمة استخبارات “الحرس الثوري” الإيراني.
كما يتمتع “مجتبى”، بنفوذ كبير في آلة الدعاية في البلاد، بما في ذلك الإذاعة الحكومية، والمعاملات السياسية خلف الكواليس.
ومع ذلك يشير التقرير إلى وجود جهات داخل المؤسسة الأمنية الإيرانية قد تكون مستعدة للاستفادة من وفاة “خامنئي”.
من أبرز هؤلاء الحرس الثوري الإسلامي، الذي وصفته الصحيفة بأنه الجهة الوحيدة المتبقية داخل إيران التي تمتلك القوة والحافز للقيام بدور مباشر في السياسة الإيرانية بعد رحيل “خامنئي”.
وتنقل عن خبراء القول إنه من الممكن للغاية، بل ومن المحتمل أيضا، أن تقرر قيادة قوية اقتصاديا ومسلحة جيدا في الحرس الثوري الإيراني القيام بـ “انقلاب عسكري” للسيطرة المباشرة على إيران بعد وفاة “خامنئي”.
ويؤكد هؤلاء للموقع أن مثل هكذا انقلاب لا يجب أن يكون علنيا، كما في العديد من البلدان الأخرى في المنطقة، وأشهرها مصر وباكستان، اللتان تداران من من قبل مؤسسات عسكرية قوية خلف الكواليس، حتى مع احتفاظها بمظهر الحكومة المدنية.
ويرى هؤلاء أنه لا يوجد سبب للاعتقاد بأن القيادات القوية داخل الحرس الثوري الإيراني ستفوت مثل هكذا الفرصة.
ويعد اسم “مجتبى”، الذي على علاقة وثيق بالمؤسسة الأمنية العميقة للدولة، خيارا مناسبا للحرس الثوري، خاصة أنه قد يخدم وجوده لاحتواء أي معارضة في المستقبل.
وتهز إيران موجة غضب منذ وفاة الشابة “مهسا أميني” في 16 سبتمبر/أيلول، بعد اعتقالها على يد شرطة الأخلاق في طهران بذريعة عدم التزامها بقواعد اللباس الديني، فيما توسعت حركة الاحتجاج التي امتدت إلى غالبية المدن الإيرانية ما تسبب في مقتل عشرات من المتظاهرين.
ويحدد الدستور الإيراني خصائص المرشد الأعلى بأنه “عادل وتقي ومدرك لسنه وشجاع وواسع الحيلة وقدوة إدارية”.
وفي 2016 أعلن قادة مجلس الخبراء أنهم شكلوا لجنة لتحديد مؤهلات المرشح المثالي وتحديد قائمة مختصرة من المتنافسين، ولكن لم يتم الإفصاح عنها.
ويتمتع المرشد الأعلى بالسلطة المطلقة في إيران، وله القول الفصل في أهم القضايا، ويضع سياسات وتوجهات البلاد تجاه العالم الخارجي