هل تقود مفاوضات القاهرة بين فرقاء ليبيا إلى وضع حد للأزمة السياسية؟
أشار محللون مصريون إلى أهمية المباحثات التي تستضيفها العاصمة المصرية القاهرة في الوقت الراهن بين الفرقاء الليبيين، إلا أنهم اعتبروا أن التباينات بينهم أعمق كثيرا وترتبط بدرجة كبيرة بالأطراف الخارجية ذات التأثير في الأزمة الليبية.
والتقى، يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين، كل من رئيس مجلس الدولة الليبي خالد المشري، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في القاهرة، كما التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري المبعوث الأممي، ورئيس بعثة الدعم الأممية في ليبيا عبدالله باتيلي، لبحث تطورات الأزمة الليبية، فيما كشف مسؤول مصري أن المشاورات سيتم استكمالها الأسبوع المقبل.
ودارت المشاورات بين الفرقاء الليبيين حول ثلاثة ملفات هي تسمية المناصب السيادية، والتوافق حول قاعدة دستورية تُجرى الاستحقاقات الانتخابية بموجبها، ومصير السلطة التنفيذية.
دستور مؤقت
ويرى رئيس وحدة التسلح في المركز المصري للفكر أحمد عليبة أن فرصة التوافق حول قاعدة دستورية تُجرى الاستحقاقات الانتخابية بموجبها باتت من الماضي، بعدما صوت المجلس الأعلى للدولة في وقت سابق ضدها.
وبين لـ”إرم نيوز”، أن المناقشات الحالية تدور حول تضمين المواد التي جرى التوافق بشأنها خلال جولات التفاوض السابقة لوضع قاعدة دستورية، في مشروع دستور 2017، لتكون بمثابة دستور مؤقت تُجرى الانتخابات بموجبه ثم يتم تعديلها لاحقا.
وبخصوص ملف السلطة التنفيذية في ليبيا، أوضح عليبة أن هناك رؤية عامة بأن فتحي باشاغا رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب لم تعد له فرصة بأي شكل من الأشكال في الاستمرار.
في المقابل، يرى عليبة أن عبدالحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الصلاحية، وضعه في تراجع مستمر، لأسباب اقتصادية متمثلة في أزمة سيولة، وعدم قدرته على دفع الرواتب، وسياسية، حيث يتم التعامل معه من الأطراف الدولية كطرف أزمة وليس كممثل شرعي للحكومة الليبية، مبينًا أن صعوبة التوافق حول مصير السلطة التنفيذية تكمن في عدم توافق الأطراف الداخلية حتى الآن على البديل.
وفيما يخص التقارب المصري التركي، وإمكانية تأثيره على الأزمة باعتبار الملف الليبي عائقا أساسيا أمام استعادة العلاقات بين القاهرة وأنقرة، بحسب تصريحات متعددة لمسؤولين مصريين، أوضح عليبة أن الجزئية الخاصة بالسلطة التنفيذية الليبية، وفرص الدبيبة وباشاغا، قد تكون بندا فرعيا ضمن الملف الليبي بالنسبة للقاهرة.
الجزئية الخاصة بالسلطة التنفيذية الليبية، وفرص الدبيبة وباشاغا، قد تكون بندا فرعيا ضمن الملف الليبي بالنسبة للقاهرة في تقاربها مع أنقرة
وأكد أن أولويات مصر في هذا الإطار قد تكون إجلاء المرتزقة والقوات الأجنبية، ويأتي في مرتبة متأخرة بعد ذلك ملف الحكومة.
وحول ما إذا كانت تأثيرات التقارب المصري التركي ستظهر قريبا على الأزمة الليبية، أوضح عليبة أنه لا بد أولا من أن نرى هذا التقارب على أرض الواقع حتى تظهر تأثيراته، مرجحًا أن الأمر سيستغرق بعض الوقت.
بارقة أمل
من جهته، يرى الدكتور حامد فارس، الخبير السياسي والمحاضر في معهد جنيف لفض المنازعات الإقليمية التابع لجامعة الدول العربية، أن لقاءات القاهرة بمثابة بارقة أمل لحلحلة المشهد الليبي المتأزم، عبر جلوس الفرقاء للحديث، خاصة أن حل الأزمة بالأساس دستوري؛ من أجل الوصول لإجراء الانتخابات، مضيفاً أن المشهد الراهن يحتاج لوضع وثيقة تتوافق عليها الجهات ذات الصلاحية للبت في الأمور الدستورية.
وفيما يخص مستقبل السلطة التنفيذية، أوضح فارس أن السيناريو الأقرب هو استمرار حكومة من الحكومتين المتواجدتين في الوقت الراهن، شريطة أن تقدم أي منهما خارطة طريق واضحة المعالم ، وبتواريخ محددة لإجراء الاستحقاقات الانتخابية.
السيناريو الأقرب هو استمرار حكومة من الحكومتين المتواجدتين في الوقت الراهن، فيما يتعلق بمصير السلطة التنفيذية في ليبيا
واعتبر أن الحكومة التي ستكون أكثر توافقا مع خارطة الطريق الدولية ستكون هي صاحبة الفرص الأكبر في هذا الإطار، فيما لم يستبعد في الوقت ذاته أن يتم التوافق حول حكومة ثالثة مؤقتة يكون بمقدورها التجهيز لإجراء الانتخابات.
مدى زمني
ويرى مدير المركز الوطني للدراسات في مصر، هاني الأعصر، أن التحركات والمشاورات الأخيرة من الصعب أن تؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة، مؤكدا أنه من المناسب لمصر الحفاظ على علاقات مع كافة أطراف الصراع الليبي، بالشكل الذي يتيح لها مساحات حركة واسعة، حيث إن جهود حلحلة الأزمة تحتاج لوجود علاقات مع جميع الأطراف.
ويعتقد أن المتغيرات الأخيرة على الساحة الليبية عززت من وضع الدبيبة، وقللت من فرص الطرح الخاص بتشكيل حكومة انتقالية جديدة تشرف على إجراء الاستحقاقات الانتخابية.
وفي غضون ذلك، أكد رئيس مجلس النواب المصري حنفي الجبالي، خلال لقائه رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، أمس الخميس، دعم مصر لمجلس النواب الليبي للاضطلاع بدور رئيسي في العملية السياسية بوصفه الجهة التشريعية الوحيدة المُنتخبة التي باستطاعتها القيام بدور في قيادة الحوار (الليبي – الليبي)، للوصول إلى توافق حول المسار الدستوري في أقرب وقت ممكن.
وشدد على دعم بلاده لجهود المبعوث الأممي إلى ليبيا، وعلى ضرورة خروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، مؤكدًا أن مصر تعمل مع كافة الشركاء الدوليين والليبيين من أجل دعم جهود توحيد المؤسسة العسكرية.