تركيا تشدد على استمرار التطبيع مع مصر.. وتهاجم الاخوان
أعلن “فؤاد أوقطاي” نائب الرئيس التركي، الجمعة، استمرار تطبيع العلاقات مع مصر في إطار الإرادة المشتركة للجانبين والمصالح والاحترام المتبادل.
وقال “أوقطاي”، في كلمة أمام لجنة الموازنة بالبرلمان التركي، إن التحولات الجيوسياسية الأخيرة في الشرق الأوسط انعكست على مقاربات دول المنطقة أيضا.
وأضاف أن الموقف التركي المتمثل بإعطاء الأولوية للتعاون الإقليمي أثمر عن فتح حقبة جديدة في العلاقات الثنائية مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل.
وأردف: “تستمر اتصالاتنا مع مصر لتطبيع العلاقات في إطار الإرادة المشتركة للجانبين والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل”، بحسب وكالة “الأناضول”
واستطرد نائب الرئيس التركي: “قمنا وسنواصل القيام بكل ما تتطلبه مصالح بلدنا وشعبنا”.
اوالإثنين، وصف الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، لقاءه بنظيره المصري “عبدالفتاح السيسي” على هامش افتتاح مونديال قطر، بأنه خطوة أولى تم اتخاذها من أجل إطلاق مسار جديد بين البلدين.
من جانبها، علقت الرئاسة المصرية، آنذاك، على لقاء “السيسي” و”أردوغان”.
وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية “بسام راضي” إنه تم خلال اللقاء “التأكيد المتبادل على عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين المصري والتركي”.
وأضاف: “كما تم التوافق على أن تكون تلك (المصافحة) بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين الجانبين”.
وتعد المصافحة بين “أردوغان” و”السيسي” أبرز التطورات التي حدثت على مسار جهود المصالحة بين أنقرة والقاهرة، وهي الجهود التي بدأت منذ أشهر، وشهدت تقدما على مستوى وزراء الخارجية وقادة أجهزة الاستخبارات.
محطات التطبيع التركي المصري
قبل نحو عامين من الآن، بدأ تواصل بين أنقرة والقاهرة على مستوى وزارتي الخارجية، وكان ذلك التواصل أول نواة للحوار بين البلدين، بعد التوتر والقطيعة التي شابت العلاقات في صيف 2013.
وفي 5 مايو/أيار 2021، عُقدت مشاورات مصرية تركية، للمرة الأولى منذ العام 2013، بوزارة الخارجية المصرية بالقاهرة.
الجولة الثانية عقدت في 7 و8 سبتمبر/أيلول من نفس العام، في أنقرة، وتبعتها قرارات تركية بخفض حدة انتقاد فضائيات المعارضة المصرية التي تبث من إسطنبول لنظام “السيسي”، ووقف بعض الإعلاميين بها.
وفي يونيو/حزيران 2022، حدث أحد أبرز التطورات في العلاقات ين الجانبين، بتسلم القائم بأعمال السفارة التركية في القاهرة “صالح موتلو شان”، مهام عمله.
وفي 21 يوليو/تموز الماضي، شارك وفد مصري رفيع المستوى، ضم مسؤولين بجهاز المخابرات المصرية، في لقاء دولي استضافته تركيا حول الأزمة الليبية.
وبالتزامن، آنذاك، قال “أردوغان” إن المباحثات التركية المصرية متواصلة عند المستوى الأدنى وليس هناك ما يمنع ارتقاءها إلى المستوى الرفيع.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، التقى وزيرا الخارجية المصري “سامح شكري” والتركي “مولود جاويش أوغلو” في نيويورك، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة.
وفي 23 أغسطس/آب الماضي، ألمح وزير التركي “خلوصي أكار” لإمكانية إجراء مناورات عسكرية مشتركة مع مصر، في حال تحقيق تقدم في المحادثات مع القاهرة وبلوغ علاقات البلدين “نقطة معينة”.
تطور سلبي
وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، طرأ تطور سلبي على تلك المسيرة، حينما أعلن وزير الخارجية المصري عن توقف الجلسات الاستكشافية بين بلاده وتركيا، بعد انعقاد جولتين منها.
وجاءت تصريحات الوزير المصري “شكري”، آنذاك، خلال لقاء مع قناة “العربية” السعودية، وقد برر “سامح شكري” موقف القاهرة بقوله إنه “لم تطرأ تغيرات في إطار الممارسات من قبل أنقرة”، مشيرا إلى غضب مصر من التواجد العسكري التركي بليبيا، مؤكدا أن “من الأمور التي تثير القلق هو عدم خروج القوات الأجنبية من ليبيا حتى الآن”.
وجاءت تصريحات الوزير المصري بعد توقيع تركيا اتفاقيتين في مجال الطاقة والتعاون الأمني مع حكومة الوحدة الوطنية الليبية، التي يترأسها “عبدالحميد الدبيبة” في طرابلس، والتي لا تعترف بها القاهرة، بعد تعيين مجلس النواب الليبي في طبرق حكومة أخرى برئاسة “فتحي باشاغا”.
وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، قال “أردوغان” لصحفيين، خلال عودته من قمة العشرين بإندونيسيا، إنه لا يوجد استياء أو خلاف أبدي في السياسة، ملمحا لإمكانية لقائه مع “السيسي” وبحث عودة كاملة للعلاقات، بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في تركيا في يونيو/حزيران من العام المقبل.
وفي 20 من نفس الشهر، ظهرت صورة المصافحة، التي وصفت بالتاريخية بين “أردوغان” و”السيسي”، خلال حفل افتتاح بطولة كأس العالم 2022 في قطر، وكان أمير الدولة الخليجية الشيخ “تميم بن حمد آل ثاني” يتوسطهما، ما مثل دليلا على وجود وساطة قطرية منذ فترة لترتيب مثل هكذا لقاء بين الرئيسين.
وبعد دقائق من هذه المصافحة، نشرت قناة “القاهرة الإخبارية” الجديدة في مصر والمقربة من أجهزة سيادية، خبرا عن عقد “مباحثات قمة” بين “السيسي” و”أردوغان” و “تميم” في الدوحة.
ورغم الخلاف السياسي خلال السنوات الماضية بين تركيا ومصر فإن قيمة التبادلات التجارية بينهما تقترب من 5 مليارات دولار سنويا، وسط حديث عن اقتراب توقيع اتفاقيات جديدة لإنعاش الاستثمارات التركية في مصر.
تحركات التطبيع بين أنقرة والقاهرة حازت على تأييد أبرز حلفاء “أردوغان” السياسيين، وهو حزب “الحركة القومية” التركي، حيث أثنى رئيسه “دولت بهتشلي”، بالمصافحة بين “أردوغان” و”السيسي”، مطالبا بالمضي قدما في التطبيع الكامل للعلاقات.
تركيا تفسر
وفيما يعد أبرز تفسير مطول من مسؤول تركي لسبب تسارع جهود التطبيع بين أنقرة والقاهرة، رغم موقف “أردوغان” السابق والذي كان رافضا تماما للقاء “السيسي” أو التطبيع مع سلطته، قال نائب وزير الثقافة والسياحة التركي “سردار تشام”، عبر حسابه بـ”تويتر”، قبل أيام، إن التطورات السياسية في العالم ومصالح الدول هي ما تحكم التبدلات في مواقفها، وما قد يكون حقيقة بالأمس يمكن أن يصبح كذبة اليوم والعكس صحيح.
واعتبر أن السؤال عن سبب تحسن علاقات الدول اليوم بعد تأزمها بالأمس “هو أمر لا يصح في عالم الدبلوماسية”.
وقال إن هناك أسبابا كثيرة تبرر السعي لعلاقات جيدة مع مصر، مثل القضية الفلسطينية، وقربنا التاريخي من 100 مليون مصري، وحقيقة أن علاقتنا الاقتصادية والتجارية لا تزال مستمرة.
وأكد أن العلاقات السياسية بين الدول لا تؤسس بناءً على العاطفة.
وانتقد “تشام” جماعة الإخوان الآن، وقال إنها تعرضت للانشقاقات والاختراقات، وفقدت موقعها السابق.
وذكر “تشام” أن هناك جهودا مهمة وناجحة يتم بذلها، خاصة وزارة خارجيتنا ، لبدء عهد جديد مع مصر.
وأضاف: “هناك آلاف الصفحات من المحادثات والجهود السابقة التي مهدت لهذه المصافحة (بين أدوغان والسيسي). ليس من جانب واحد، ولكن بجهد ثنائي”.
واختتم تغريداته بالقول إنه “على الرغم من أن آلام الأمم لم تُنس، فإن العلاقات بين الدول تستمر دائمًا، ولهذا أصبحنا كأتراك أصدقاء أو حلفاء مع الدول المهزومة في حرب الدردنيل”.
وتابع: “ولهذا السبب كذلك، بعد انتصارنا على الاستقلال، بدأ الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك صداقات وعلاقات وثيقة مع رئيس الوزراء اليوناني آنذاك إلفثيريوس فينيزيلوس”.