بالأرقام .. مليارات ستتدفق على قطر من استضافتها كأس العالم
بعد انطلاق مونديال قطر 2022، وبدء المنافسة بين المنتخبات على الظفر بالكأس الغالية، من المتوقَّع أن تصل قيمة المكاسب الاقتصادية التي ستحقِّقها قطر من استضافة بطولة كأس العالم 2022 إلى 17 مليار دولار، مقارنة بـ3.31 مليارات دولار في مونديال ألمانيا عام 2006.
يضاف إلى ذلك مكاسب مماثلة تنوَّعت ما بين مساهمة اقتصادية بقيمة 509 ملايين دولار في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2010 وفوائد اقتصادية بقيمة 769 مليون دولار للأسر في جنوب أفريقيا عام 2010، ونحو 13.4 مليار دولار في البرازيل عام 2014، و14.5 مليار دولار في روسيا عام 2018.
ووفقاً لتوقُّعات صندوق النقد الدولي، سيرتفع معدل النمو الاقتصادي في قطر إلى 3.4% في عام 2022 (ونمو قدره 4.1% في القطاع غير النفطي) نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات واستضافة المونديال.
ووفق عضو مجلس إدارة الاتحاد العربي للاستثمار “كريم إسماعيل”، فإن الاستثمار أو الصناعة الرياضية أصبح لها مفهوم مختلف، وعوائد كبيرة، وهناك حاليًا اقتصاد رياضي وطب رياضي وسياحة رياضية.
ويضيف: “قطر لن تحقق 10% عوائد من تكاليف تنظيم كأس العالم، ولكن هذا المبلغ تم ضخه لما بعد المونديال، خصوصا وأن قطر ليست دولة سياحية، والرقم الضخم الذي تم صرفه، لتفتح البلد مصارد جديدة لدخلها”.
وتحتضن 8 ملاعب البطولة بتقنية عالية ومزودة بأحدث التكنولوجيات لضمان أقصى درجات الراحة للمتفرجين؛ حيث من المتوقع أن يزور قطر 1.2 مليون مشجع لحضور هذا الحدث التاريخي الذي سيعزز قطاع السياحة في البلاد.
لكن مع انتهاء البطولة، فإن قطر التي يبلغ عدد سكانها 2.8 مليون نسمة، لن تكون في حاجة إلى مثل هذا العدد من الملاعب.
وسبق أن مثلت الاستثمارات الكروية غير المرغوب فيها أو غير المربحة، إشكالية للدول التي استضافت بطولات كأس العالم الأخيرة.
لكن قطر تطمح في التغلب على ذلك؛ إذ ستعمل على إبقاء 3 من الملاعب الـ8 فيما سيُجرى تفكيك الملاعب الـ5 المتبقة أو إعادة تحويلها لأغراض بديلة أو حتى سيتم تقليص قدراتها بشكل كبير.
ويعتقد خبير تمويل كرة القدم في جامعة ليفربول “كيران ماجواير”، بحسب “الخليج الجديد” أن قطر ستستخدم هذه المرافق والملاعب الكروية للحصول على حق استضافة نهائيات بطولات أوروبية مثل نهائي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي؛ ما سيعزز حضورها الرياضي والسياحي مستقبلا.
بشكل عام، فإن التأثير الاقتصادي الإيجابي لهذا الحدث الكروي العالمي لا يقتصر على قطر فحسب، بل سيكون لجاراتها الخليجية أيضاً نصيب منه، فمن المُتوقَّع أن تنتعش السياحة وترتفع نسب إشغال الفنادق في السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان.
ووفقا لتقرير نشره موقع “يورو نيوز”، ستحظى الشركات والمؤسسات في المنطقة، بدفعة قوية تُسهم في تعزيز أعمالها بسبب مونديال قطر.
ويتوقع أن يسهم المونديال في تحقيق أرباح ضخمة لشركات الطيران الخليجية، وقطاعات الفنادق والمطاعم، والنقل الداخلي.
مكاسب أخرى ..
وتتطلَّع الدولة الخليجية إلى تحصيل مكاسب أخرى تفوق في أهميتها المكاسب الاقتصادية.
وترغب في الوصول إلى مكانة دولية مؤثِّرة، تعزيز أدائها الدبلوماسي وحضورها الدولي، إبراز قوَّتها الناعمة، وتحسين الصورة المرسومة عن المنطقة العربية الموبوءة بالصراعات.
فمن شأن استضافة هذا الحدث الرياضي العالمي الضخم أن يعزِّز ثقة العالم بقطر، ويزيد من حظوظها في إقامات شراكات استراتيجية أكثر، وتكثيف جهود الوساطة لوضع حدًّ نهائي للخلافات والأزمات السياسية المعقَّدة.
ويعتبر خبير تمويل كرة القدم والمحاضر في جامعة شيفيلد هالام “دان بلوملي” مونديال قطر “رهانا كبيرا على القوة الناعمة” للدولة الخليجية، لكنه من الناحية التجارية يمثل خسارة، مضيفا هذا الأمر لا يثير قلق قطر الغنية بالغاز في ضوء ما تزخر به من ثروات كبيرة في مجال الطاقة.
وفي هذا الصدد، قال إن المكاسب الرئيسية التي تسعى قطر إلى تحقيقها من وراء استضافة كأس العالم ليست “تجارية” فقط.
وأضاف أن الدافع الرئيسي يتمثل في “تعزيز العلاقات الدولية ودور قطر الاستراتيجي والدفاعي كقوة ناعمة فيما يبدو أن المال ليس هدف قطر”.
وعلى عكس كل الدول التي سبق لها تنظيم بطولة كأس العالم، لا تنظر قطر لمونديال 2022 من زاوية الربح والخسارة الضيِّقة فقط، بل تسعى حقّاً لإيجاد موضع استراتيجي لها في الساحة الدولية وموقع متقدِّم في لعبة التوازنات، وتطمح لأن تكون أيضاً “الحصان الأسود” الذي يجمع بين يديه خيوطاً كثيرة تجعل منه طرفاً ضرورياً في النظام العالمي الجديد الآخذ في التشكُّل.
خلاصة القول، لن تقع قطر في فخّ المكاسب قصيرة الأجل لاستضافة بطولة كأس العالم كما حدث مع البرازيل وغيرها، بل على العكس تماماً يهيِّئ هذا البلد الخليجي نفسه ليصبح مركزاً رياضياً وسياسياً واقتصادياً ذا مواصفات عالمية في الشرق الأوسط.