لطي صفحة الماسة الزرقاء.. زيارة مرتقبة لـ “بن سلمان” إلى تايلاند
يزور ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، الأسبوع المقبل تايلاند، في زيارة هي الأولى على صعيد كبار أفراد العائلة المالكة للدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، منذ أكثر من 3 عقود.
ومن المتوقع أن يشهد البلدان اتفاقيات لرفع مستوى العلاقات الدبلوماسية والاستثمارية، حسب وكالة “بلومبرج”.
وتعقد الاتفاقيات على هامش اجتماع القادة الاقتصاديين لمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في بانكوك، والذي سيحضره ولي العهد، كضيف خاص، وفقا لما ذكرته نائبة المتحدث باسم الحكومة التايلاندية “رشادة دناديريك”.
وتحدد الاتفاقيات خططا لتعزيز العلاقات الدبلوماسية حتى عام 2024، بما في ذلك العثور على “موقع مناسب” لبناء سفارة سعودية في بانكوك.
وصرحت “رشادة” أن البلدين سيشكلان أيضا مجلس تعاون ثنائي ويسعيان لتشجيع الاستثمارات المباشرة.
وقالت إنه “بعد أن وافق مجلس الوزراء التايلاندي على مسودات الاتفاقات، فإن المعاهدات ستقوي العلاقات بين تايلاند والسعودية، بهدف أن تصبحا حليفا إقليميا لبعضهما البعض”.
وتأتي زيارة “بن سلمان”، تلبية لدعوة رئيس الوزراء التايلاندي “برايوت تشان أوشا”، الذي زار الرياض في يناير/كانون الثاني الماضي، في أول زيارة يقوم بها زعيم تايلاندي منذ قطع العلاقات بسبب سرقة مجوهرات في عام 1989، شملت “ماسة زرقاء” وقتل على أثرها 3 دبلوماسيين سعوديين.
وخلال زيارة “برايوت”، قالت السعودية وتايلاند في بيان مشترك، إنَّهما اتفقتا على تبادل السفراء في المستقبل القريب، واستعادة العلاقات الكاملة.
وحينها، قالت الخطوط الجوية السعودية في بيان منفصل، إنَّها تعتزم استئناف رحلاتها المباشرة إلى تايلاند.
وفي وقت لم تؤكد السعودية بشكل رسمي الزيارة، حضر وزير الاستثمار السعودي “خالد الفالح” وممثلون عن القطاع الخاص، قبل أيام، منتدى استثماريا في بانكوك، ضم 60 شركة سعودية و150 شركة تايلاندية.
وقال رئيس غرفة التجارة التايلاندية “سانان أنجوبولكول”، في بيان الإثنين، إن السعودية مهتمة بالاستثمار في قطاع الرعاية الصحية في تايلاند، وتدرس البلاد كمركز لتخزين النفط الخام في جنوب شرق وشرق آسيا.
وذكرت “بلومبرج” أن “سيام بيوات” وهو مطور تايلاندي، يحرص على الاستثمار في المشروع الضخم في السعودية “ذا لاين”، وهو جزء من مشروع “رؤية المملكة 2030” لتقليل الاعتماد على النفط.
وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وتايلاند في العام 1957، ثم انقطعت عام 1989.
ورغم ذلك، لم تكن القطيعة كاملة في الثلاث عقود الأخيرة.
ويعود الخلاف بين السعودية وتايلاند إلى العام 1989، بعد اتهام عامل يحمل الجنسية التايلاندية يدعى “كرينانجكاري تيشامونغ” بسرقة مجموعة من الأحجار الكريمة والمجوهرات الثمينة، بما في ذلك قطعة نادرة تسمى “الماسة الزرقاء” من داخل قصر الأمير “فيصل بن فهد”، وهو أول أبناء الملك “فهد بن عبدالعزيز” الذي كان يجلس على العرش آنذاك.
وكانت “الماسة الزرقاء” من عيار 50 قيراطا من بين ما يقدر بنحو 20 مليون دولار من الأحجار الكريمة والمجوهرات في عملية السرقة التي دمرت العلاقات بين البلدين، وفق وكالة “أسوشيتد برس”.
وتلت حوادث السرقة تعرض 3 دبلوماسيون سعوديون في تايلاند لعملية اغتيالات خلال عام 1990.
وتوترت العلاقات بين الرياض وبانكوك بعد سلسلة الحوادث التي وقعت بين العامين 1989 و1990، حيث كانت تعتقد السعودية أن السلطات التايلاندية متواطئة في التستر على بعض كبار الضباط المتورطين في تقاسم المجوهرات مع العامل.
وما تزال سرقة الحلي من أكبر الألغاز التي لم يتم حلها في تايلندا حتى الآن، ولم يجرِ بعد استرداد عدد كبير من الأحجار الكريمة، ومنها: “الماسة الزرقاء النادرة”.
ولم يدن أحد بارتكاب جرائم القتل للدبلوماسيين السعوديين، ففي عام 2014، رفضت محكمة جنائية تايلاندية قضية ضد 5 رجال، بينهم ضابط شرطة كبير، متهمين بقتل رجل الأعمال السعودي “محمد الرويلي”، الذي اختفى بعد شهر من مشاهدته لإطلاق النار على دبلوماسيين سعوديين.
كما منعت المملكة الخليجية مواطنيها من السفر إلى الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، نتيجة الأزمة الدبلوماسية الحادة التي نشبت بسبب قضية السرقة وأعقبها عمليات القتل.
ووفق مراقبين، فإن تايلاند حريصة على تطبيع العلاقات مع السعودية بعد الخلاف الذي كلّفها مليارات الدولارات من أموال التجارة الثنائية، وعائدات السياحة، وخسارة وظائف عشرات الآلاف من العمال المهاجرين التايلنديين لوظائفهم.