إيكونوميست: الطلاق لم يقع بعد بين السعودية وأمريكا.. ولكن

 

في وقت توترت العلاقة الدبلوماسية بين الرياض وواشنطن على خلفية قرار تحالف “أوبك+” -السعودية العضو الأبرز به- الأخير بخفض إنتاج النفط، وصف تقرير لمجلة “إيكونوميست” العلاقة بين البلدين على أنها “زواج غير سعيد”، سيستمر لسنوات مقبلة.

تقرير المجلة البريطانية اعتبر أن الانفصال عن الزوجة في السعودية يقع بتكرار الطلاق 3 مرات، ولكن “لحسن الحظ.. الانفصال أصعب في الدبلوماسية”، حسب وصفها.

والانهيار التام للعلاقات بين السعودية وأمريكا -بحسب التقرير- هو أمر غير مرجح تماماً رغم “تآكل” صفقة “النفط مقابل الأمن”، التي دعمت علاقة واشنطن بالرياض على مدى عقود سابقة.

وتابع التقرير: “لا أحد يعرف ما الذي سيحل محلها”، في إشارة إلى صفقة “النفط مقابل الأمن”، التي رسّخت علاقات الولايات المتحدة بدول الخليج العربي في العموم.

وتراجعت العلاقات بين الرياض وواشنطن، إلى أدنى مستوًى لها منذ عقود، في بداية أكتوبر الجاري، عندما قررت (أوبك) خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً ابتداءً من نوفمبر، القرار الذي فجّر غضب بايدن، وقال إنه سيعيد تقييم العلاقات مع السعودية، بسبب هذا القرار.

وتقول “إيكونوميست”: “يبدو أن الديمقراطيين في واشنطن مصممون على التخلي عن شريكهم طوال 77 عاماً، مشيرة إلى أن دول الخليج غاضبة مما تعتبره “لهجة أمريكا الساخرة التي لا تتحلى بالاحترام”.

واتهم الرئيس الأمريكي السعودية بعد هذا القرار، بالانحياز إلى جانب روسيا، لأن الأسعار المرتفعة ستنعش خزانة فلاديمير بوتين قائلاً: “ستكون هناك بعض العواقب” على المملكة.

وكانت الخارجية السعودية ردّت على تعهد بايدن، بإعادة تقييم العلاقات مع الرياض بعد قرار تحالف “أوبك بلس” ببيان “غير عادي”، اتهم الولايات المتحدة بتشويه الحقائق، قائلاً إن البيت الأبيض طلب تأجيل التخفيض لمدة شهر.

وتصر السعودية على أن القرار يأتي في إطار “اقتصادي بحت” ولا يتعلق بالسياسة، حيث يرى الديمقراطيون في واشنطن أن السعوديين يريدون مساعدة الجمهوريين في الانتخابات النصفية، لأن ارتفاع أسعار النفط يضر بالإدارة الحالية.

دول الخليج الأخرى دعمت السعودية، وأصدرت بيانات بهذا الخصوص.

وبخلاف الكويت والبحرين وسلطنة عمان، فإنه حتى الإمارات، التي تختلف أحياناً مع السعودية بشأن سياسة النفط، قدمت دعماً علنياً للرياض.

ويقول “مارتن إنديك” الزميل في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، إن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، تراجعَ عن التزامه لبايدن بتوفير نفط إضافي.

وأوضح: “كان هذا هو الالتزام الذي قطعه ولي العهد عندما كان الرئيس (بايدن) هناك. لكن كان هناك اتفاق على عدم الاعلان عن التفاصيل. لم يفوا بهذا الالتزام”.

ووصف “إنديك” عدم استعداد السعودية للنظر في الصورة الأكبر أو علاقتها مع الولايات المتحدة، على أنها مسألة “إشكالية للغاية”.

ويشير تقرير “الإيكونوميست” إلى أن السعوديين وجيرانهم، لا يرغبون في التنازل عن المليارات من العائدات لمساعدة حزب بايدن في الفوز ببضعة أصوات إضافية.

الاتجاه إلى روسيا أو الصين صعب
ويرغب معظم الأميركيين بعد عقدين من الحروب الكارثية في المنطقة في الابتعاد عنها، ويأمل بعض المسؤولين الخليجيين أن تؤدي رئاسة دونالد ترامب المحتملة عام 2025 إلى تقوية العلاقات مع واشنطن، ومع ذلك، فإن جناحه في الحزب الجمهوري ليس حريصاً على حماية دول الخليج النفطية.

على الرغم من إحباطاتها من الولايات المتحدة، إلا أن دول الخليج ليس لديها بديل جيد، إذ لا يمكن لروسيا أن تقوم بدور الحامي والمورد للأسلحة.

ومع تعثّر جيشه في أوكرانيا، يحتاج بوتين إلى أي أسلحة يمكن أن ينتجها اقتصاده الذي تعيقه العقوبات بتأثير معاركه الخاصة، كما لا تقدم روسيا سوى القليل من الآفاق للتجارة والاستثمار.

وتعتبر الصين شريكاً أكثر فائدة، حيث لا تنزعج من مسائل حقوق الإنسان، كما أن بكين مصدر كبير للاستثمار، لكنها غير معنية بضمان أمن الخليج.

والصين مثل روسيا، تحافظ على علاقات ودية مع إيران، الخصم اللدود لدول الخليج العربي.

لذلك، فإن أمريكا ودول الخليج “عالقون مع بعضهم البعض بتعاسة” في الوقت الحالي على الأقل، يقول التقرير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى