الإمارات ومصر تستعدان للاحتفال بذكرى مرور 5 عقود على علاقاتهما
تستعد الإمارات ومصر لبدء احتفالات وصفت بـ”الكبرى”، احتفاء بمرور 5 عقود على تأسيس العلاقات الرسمية بين البلدين.
وستتضمن الاحتفالات التي تقام في 26 حتى 28 من الشهر الجاري، أجندة متنوعة من الفعاليات بحضور 1800 شخصية من كبار المسؤولين والمستثمرين ورجال الأعمال والمثقفين والمبدعين والإعلاميين من الجانبين، حسبما ذكرته وكالة الأنباء الإماراتية “وام” (رسمية).
وتحمل المناسبة رمزية كبرى بحكم حجم العلاقات المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين، طول الـ5 عقود الماضية، وتبرز تلك العلاقات كمحطات فارقة نجحت في التعاطي مع المعطيات التي أفرزتها المراحل المختلفة طول تلك الفترة.
ومثلت السنوات العشر الأولى 1971-1981 الانطلاقة الرسمية للعلاقات الإماراتية المصرية التي تمتد لسنوات طويلة قبل ذلك التاريخ، إلا أن ذلك العام شهد قيام اتحاد دولة الإمارات الذي دعمته مصر، وأيّدته بشكل مطلق، حيث سارعت للاعتراف به فور إعلانه ودعمته، إقليمياً ودولياً، معتبرة أنه ركيزة للأمن والاستقرار وإضافة جديدة تصب في مصلحة قوة العرب.
وأسست تلك الحقبة التاريخية لعلاقات ثنائية متينة ترجمت في فترة وجيزة إلى مواقف وتعاون في جميع المجالات السياسية، والاقتصادية، والثقافية، وغيرها.
فعلى الصعيد السياسي، برز الموقف الإماراتي في عام 1973 إلى جانب مصر، ودعم حقها في استعادة أراضيها المحتلة.
ويسجل التاريخ المقولة الخالدة لرئيس الإمارات الراحل الشيخ “زايد بن سلطان آل نهيان”، في دعم التضامن العربين حي قال إن “البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي”.
وفي المجال الاقتصادي وقّع البلدان في عام 1973 اتفاقية للتعاون العلمي والتقني في المجالات الزراعية، فيما افتتحت في عام 1976 مدينة الشيخ زايد في محافظة الإسماعيلية المصرية والتي تستوعب أكثر من 17 ألف وحدة سكنية، منها 5 مناطق قديمة بناها الشيخ “زايد” وبلغ عدد وحداتها السكنية 4500 وحدة.
ونقلت الدولتان خلال العقد الثاني (1981-1991) علاقاتهما إلى مستوى أرفع عبر إنشاء كيان تنظيمي يشرف على تطوير علاقتهما الثنائية في كل المجالات وفق آلية ممنهجة تأخذ في الاعتبار حجم إمكانات البلدين، حيث تم في 1988 توقيع اتفاق إنشاء اللجنة العليا المشتركة بين البلدين.
كما وقع البلدان على اتفاق تبادل تجارى وتعاون اقتصادي وتقني وتشجيع وحماية الاستثمارات بين كل من الإمارات ومصر.
أما العقد الثالث (1991-2001) من العلاقات الثنائية بين البلدين فقد حافظ الطرفان خلاله على علاقات وثيقة مبنية على الاحترام والتقدير المتبادل والمصالح المشتركة التي حرص الجانبان دوماً على أن تبقى في أفضل المستويات وتتطور بشكل مستمر.
ويعد اتفاق إنشاء مجلس الأعمال المصري الإماراتي المشترك في عام 1993 بين الاتحاد العام للغرف التجارية واتحاد غرف تجارة وصناعة أبوظبي، من أبرز إنجازات تلك الحقبة الزمنية على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين والتي شهدت أيضاً في عام 1995 إنشاء مدينة الشيخ زايد في محافظة الجيزة المصرية، بمنحة من صندوق أبوظبي للتنمية، ومساحتها 38.4 كيلومتر مربع، ومن أبرز معالمها المميزة تمثال للشيخ “زايد”.
وأخذت العلاقات الثنائية بين الإمارات ومصر في مطلع الألفية الجديدة، العقد الثالث من العلاقات بين البلدين (2001-2011)، طابعا استراتيجياً حيث بدا واضحاً حجم التقارب والتنسيق عالي المستوى بين قيادتي البلدين في التعاطي مع العديد من الملفات والقضايا الحساسة في المنطقة حينها، وقد نجحتا، بفضل إدارتهما الحكيمة ورؤيتهما الاستشرافية، في الحفاظ على سيادة الأمن والاستقرار ودعم السلم الدولي.
ووقعت الإمارات ومصر، ممثلتين في وزارتي خارجية البلدين، في عام 2008 مذكرتي تفاهم بشأن المشاورات السياسية، تستهدف تعزيز المشاورات الثنائية بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وعبرت السنوات العشر الأخيرة عن شعار احتفالات البلدين بمرور 50 عاماً على بدء علاقاتها الرسمية (مصر والإمارات قلب واحد) والذي عبرت عنه المواقف التاريخية التي ستبقى محفورة في تاريخ وذاكرة أبناء البلدين الشقيقين.
وتحولت العلاقات المصرية الإماراتية في العقد الأخير إلى نموذج متميز تستند إليه العلاقات العربية، بفضل الخصوصية والاحترام المتبادل تحت مظلة أواصر الأخوّة والصداقة التي تربط بين البلدين، قيادة وشعباً، وانعكست على مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية، والتجارية، والاجتماعية، والثقافية.
ففي عام 2013 وقع البلدان اتفاقية لدعم البرنامج التنموي المصري، قدمت بموجبها دولة الإمارات 4.9 مليارات دولار لتنفيذ مجموعة من المشاريع التنموية في مصر.
وأعلن مركز جامع الشيخ زايد الكبير في العام ذاته عن مبادرة لتمويل مشروعات عدة للأزهر الشريف، تبلغ كلفة إنشائها نحو 250 مليون درهم (68 مليون درهم).
وقدمت الإمارات في عام 2015 حزمة دعم جديدة بقيمة 14.7 مليار درهم (4 مليارات دولار) للشعب المصري الشقيق، تتكون من شريحتين متساويتين في القيمة، إحداهما وديعة في المصرف المركزي المصري، والثانية لمصلحة مشاريع متنوعة في قطاعات متنوعة.
كما أعلنت خلال مشاركتها في القمة الاقتصادية بشرم الشيخ، أن إجمالي ما قدمته خلال العامين الأخيرين لمصر-في ذاك الوقت- بلغ نحو 51 مليار درهم (13.88 مليار دولار).
واتفق البلدان في عام 2017 على تشكيل آلية تشاور سياسي ثنائية تجتمع دورياً مرة كل 6 أشهر على مستوى وزيري الخارجية، والأخرى على مستوى كبار المسؤولين.
وفي عام 2019 شهد صاحب رئيس الإمارات الحالي الشيخ “محمد بن زايد آل نهيان”، والرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي”، في قصر الوطن، تبادل اتفاقات ومذكرات التفاهم بين الإمارات ومصر، تهدف إلى تطوير مستوى العمل المشترك والتنسيق بين البلدين.
وشهد عام 2022 الإعلان عن الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة تجمع الدولتين، إضافة إلى المملكة الأردنية الهاشمية، من أجل تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة في 5 مجالات صناعية واعدة ومؤهلة للتكامل والتعاون، وتخصيص صندوق استثماري بقيمة 10 مليارات دولار، للاستثمار في المشاريع المنبثقة عنها.