نداء الي الوفديين من محمود أباظة : الوفد في خطر أنقذوه
بيان من محمود أباظة
رئيس حزب الوفد السابق
نداء الي الوفديين
الهيئة الوفدية بصدد انتخاب هيئة عليا جديدة تشارك رئيس الحزب في إدارة شئون الوفد يوم 28 أكتوبر الحالي.
هذا الانتخاب يكتسب أهمية خاصة بسبب الظروف التي يمر بها الوفد حاليًا.
سبق أن واجه الوفد مشاكل عديدة اعترضت مسيرته وأربكتها في السنوات السابقة، إلا أن ما يتعرض له اليوم من مشاكل تختلف كمًا ونوعًا عما سبق.
الدكتورعبد السند يمامة منذ الأيام الأولى لرئاسته، اتخذ تصرفات أثارت دهشة الوفديين ثم قلقهم، ثم غضبهم، ثم خشيتهم على مصير الوفد وثقة الوفديين في حزبهم، أي وضعت بقاء الوفد ذاته على المحك.
لنستعرض هنا بعض الوقائع الثابتة والموثقة التي تدل على منهج الرئيس الجديد وما يترتب عليه من مخاطر على الوفد والوفديين.
أولاً : مؤامرة الإطاحة بالهيئة الوفدية
بعد أسابيع قليلة من فوز الدكتور عبد السند يمامة بثقة الهيئة الوفدية التي انتخبته رئيسًا للوفد، أصدر قرارًا للإطاحة بهذه الهيئة.
فوجئ الوفديون بقرار رئاسي تضمن بندين. أولاً تعيين بعض رؤساء اللجان العامة الجدد وتثبيت الآخرين.وثانيا تكليف هؤلاء الرؤساء بإعادة تشكيل لجانهم الإقليمية في خلال شهر من تاريخه.
هذا القرار يعني ببساطة الإطاحة بالهيئة الوفدية (أو مكونها الرئيسي) والاتيان بهيئة وفدية جديدة بإراداته المنفردة. مما أثار ثائرة الوفديين في القطر كله واضطره إلى إلغاء القرار بعد سويعات قليلة من صدوره.
ولاشك أن هذا القرار مخالفه صريحة “للنظام الداخلي” دستور حزب الوفد الذي ينص على أن اللجان الإقليمية بجميع درجاتها تشكل بالانتخاب ولايجوز لرئيس الحزب أن يُعيّن إلا في حالة تعذر إجراء الانتخاب وبعد العرض على المكتب التنفيذي، وغني عن البيان أن الحزب الذي استطاع انتخاب رئيسه على مستوى جميع المحافظات لايتعذر عليه انتخاب اللجان الإقليمية في كل محافظة على حدة. فالقرار إذن اغتصاب للسلطة من حيث الشكل واعتداء على الهيئة الوفدية أعلى سلطة في الحزب من حيث الموضوع.
إلا أن القصة لم تنتهي عند هذا الحد. بل ظهر في نفس اليوم على رسائل التواصل الاجتماعي تسجيلاً لاجتماع سري في منزل رئيس الحزب ضم إلى جانبه كل من الدكتور ياسر الهضيبي والأستاذ عصام الصباحي تم فيه الاتفاق على هذا القرار المشار إليه عاليه، كما اتفق أيضا على الإسراع بنشره في المركز الإعلامي للحزب قبل أن يعرف به أحد.
الأمر لم يعد مجرد قرار اتخذه رئيس الحزب بعيدًا عن الهيئة العليا والمكتب التنفيذي وبالمخالفة لأحكام دستور الحزب بل أصبح مؤامرة شاركه فيها شريكين آخرين تهدف إلى الإطاحة بالمكون الرئيسي في الهيئة الوفدية (اللجان المركزية) واصطناع هيئة وفدية أخرى في السر ومن خلف ظهر الوفديين وإن كانت المحاولة لم يكتب لها النجاح فهي دليل على وجود النية في تغيير هوية الوفد واختطافه.
ومع ذلك فقد تمكن رئيس الحزب من تنفيذ مخططه جزئيًا عندما أصدر قراراً بحل اللجان النوعية التي تشكل مكون آخر من مكونات الهيئة الوفدية ، إلا أنه لم يستطع أن يشكل لجان نوعية أخرى بمعرفته لعدم موافقة الهيئة العليا.
مجمل القول أن النية مبيتة للإطاحة بالهيئة الوفدية أعلى سلطة في الحزب والاتيان بهيئة وفدية جديدة بأسلوب ملتو وبقرارات تضرب عرض الحائط بنصوص النظام الداخلي وذلك بالاتفاق بين رئيس الحزب وشريكيه ومن شايعهم.
ولنا أن نتساءل إن لم يكن رئيس الحزب راضيًا عن الهيئة الوفدية التي منحته ثقتها وتآمر مع شريكيه الدكتور ياسر الهضيبي والأستاذ عصام الصباحي للإطاحة بها فمن من يريد أن تتشكل الهيئة الوفدية التي يرضى عنها؟ ليس من الوفديين الذين يشكلون الهيئة القائمة إذن فسوف تتكون من غير الوفديين.
ويرى البعض أنه يريد أن تتكون من أعضاء جدد من البيئة الإخوانية إن لم يكونوا من التنظيم الإخواني المرصود.القدر المتيقن أنه لا يثق في الوفديين الملتزمين بمبادئ الوفد وأعرافه وقيمه وكل ذلك لايرضى الدكتور عبد السند يمامة وشريكيه وهذا سبب كاف للخوف على الوفد من الاختطاف والعمل على حراسته وحمايته.
ثانيًا: موضوع الأستاذ فيصل الجمال أمين صندوق الوفد
فيصل عبد العزيز الجمال انتخب عضوًا في الهيئة العليا من الهيئة الوفدية كما انتخبته الهيئة العليا عضوًا في مكتبها التنفيذي وأمينًا للصندوق فهو من القيادات الوفدية المنتخبة شأنه في ذلك شأن رئيس الحزب.
فيصل الجمال كان من أول المناصرين للدكتورعبد السند أثناء حملته الانتخابية ومن أنشطهم وأكثرهم أثرًا. وهي حقيقة يعرفها كل من شارك في المعركة الانتخابية لرئاسة الحزب الأخيرة في كلا الفريقين.
بصرف النظر عن سبب الخلاف بين رئيس الوفد وأمين الصندوق “وهو موضوع له حديث آخر” يجب أن نتوقف أمام الأسلوب الذي اتبعه الدكتورعبد السند يمامة للإطاحة بقيادة وفدية كانت محل ثقة وتقدير من الدكتور عبد السند قبل أن يصل إلى السلطة.
إستند الدكتور عبد السند إلى شكوى قديمه قدمها أحد أعضاء الوفد بشأن إدارة الجريدة ضد الأستاذ فيصل الجمال في عهد الرئيس السابق للوفد المستشار بهاء أبو شقة الذي كان على خلاف مع الأستاذ فيصل واتخذ من هذه الشكوى الكيدية ذريعة لايقاف الأستاذ فيصل الجمال وتولى الدكتور عبد السند الدفاع عن فيصل الجمال آنذاك، وفور انتخابه رئيسًا للوفد أصدر قرارًا بإلغاء قرار وقف فيصل الجمال. ولكن عاد بعد الخلاف مع أمين الصندوق إلى إيقافه مرة ثانية!!.
والإيقاف إجراء تحفظي يحق لكل من الرئيس منفردًا أو الهيئة العليا اتخاذه ضد العضو تمهيدًا لإحالته للتحقيق أمام لجنة النظام وسماع دفاعه وتحقيقه ثم اتخاذ قرار بشأنه وفي جميع الأحوال ينتهي أثر القرار بمرور 60يومًا.
إلا أن رئيس الوفد لم يكتف بهذا القرار وإنما فجر في الخصومة وتجاوز كل الضمانات التي كفلها النظام الداخلي لحق الدفاع في المادة الخامسة من هذا النظام.
لم يعرض الأمر على المكتب التنفيذي لإحالة أمين الصندوق إلى لجنة التنظيم وذلك بقرار من المكتب يصدر بالأغلبية.
لم يُحل أمين الصندوق إلى لجنة النظام ولم تواجهه بما هو منسوب إليه ولم تسمع دفاعه ولم تحققه ولم تصدر تقريرًا بشأنه إلى الهيئة العليا.
لم يُعرض الأمر على الهيئة العليا ولم تُصدر قرارًا بأغلبية أعضائها بفصل الأستاذ فيصل أمين الصندوق من الحزب.
لم يكتف رئيس الحزب بكل هذه المخالفات بل منع الهيئة العليا من نظر التظلم الذي تقدم به الأستاذ فيصل الجمال وفقًا لحق كفلته له المادة الخامسة. وأضاف في سبيل ذلك طُرفه من طرائف حياتنا الحزبية حين هدد أعضاء الهيئة العليا بالوقوع تحت طائلة قانون العقوبات إذا نظروا هذا التظلم.
وأخطر ما في هذا الجموح أن الدكتور عبد السند في صلب قراره الباطل بفصل الأستاذ فيصل عبد العزيز الجمال استند إلى أن تقرير مكتب مصطفى شوقي للمحاسبة وتقرير الدكتور هاني سري الدين قد أدانا فيصل الجمال وذلك على خلاف الحقيقة وهي عبارة مهذبة.
ثم بعد ذلك كله لابد من التسليم بأن الدكتور عبد السند يمامة تعمد حرمان المواطن فيصل الجمال من حق الدفاع عن نفسه وهو حق يكفله الدستور والقانون والنظام الداخلي للوفد. ولما كان هذا الحق من عُمد حقوق الإنسان وأساس لا تقوم الحريات العامة برمتها بغيره يكون رئيس الوفد قد خرج عن مبادئ الوفد الواردة في المادة الأولى من النظام الداخلي التي تنص فقرتها الثالثة”احترام حقوق الإنسان والحريات العامة للمواطنين ومحاسبة كل من يعتدي عليها”.
ولايخفى على أحد أن في كل ذلك الشطط تعمُد من رئيس الوفد وشريكيه إرهاب الوفديين قيادة وقاعدة في رسالة واضحة تعني أن كل من يختلف مع هذا الثالوث في توجهاته الجديدة مصيره الذبح.
الخلاصة
على ضوء ما سبق تتضح الأخطار التي يواجهها الوفد والوفديين.فاختطاف الوفد وارد..وإسكات الوفديين مطلوب، لذلك كله يصبح انتخاب أعضاء الهيئة العليا الجديدة الفرصة الأخيرة لإنقاذ الحزب وتصحيح مساره وإيقاف هذا الانهيار الذي هز ثقة الوفديين في أنفسهم وفي حزبهم، بل أقول وثقة المصريين في الوفد وفي التجربة الحزبية جمعاء.
وحتى لا ندور حول مشاكلنا يجب علينا وضع معايير لاختيار أعضاء هذه الهيئة الجديدة التي ستتحمل عبء إعادة الوفد إلى مكانته في قلب الأمة.
1-التعهد بفرض احترام مبادئ الوفد وأحكام نظامه الداخلي على الجميع وعلى رأسهم رئيس الوفد.
2-استبعاد كل من شارك رئيس الحزب في محاولة الإطاحة بالهيئة الوفدية.وكل من شايعه في مصادرة حق الدفاع الذي لاتقوم الحريات العامة بغيره.
3-التصدي للأزمة المالية التي نتجت عن ضياع أموال الوفد ، وإعلان حقيقة الوضع المالي وكيف وصل إلى ما وصل إليه وتقديم خطة شاملة للإصلاح.
4-التفرقة بين تبرع الوفديين والمناصرين لمساندة الوفد في أداء رسالته الوطنية كرافد رئيسي من روافد الحركة الوطنية المصرية، وبين بيع المناصب والمقاعد وإتاحة الفرصة للاستفادة من الانخراط في صفوف الوفد لتحقيق أغراض لا صلة لها بأهداف الوفد ومبادئه. فالأولى واجبة ومباحة والأخرى مرفوضة وآثمة.
محمود أباظة