في الأقصر .. طقوس غريبة للزواج تجذب ألاف السياح !! اتفرج
تتعدد طقوس الزواج واحتفالاته في صعيد مصر، من تلك الطقوس المميزة حفل ليلة الحناء الإسناوي في محافظة الأقصر (جنوب مصر) الذي يشبه مهرجان الألوان إلى حد كبير، فبعد أن يسكب أصدقاء العريس الحناء عليه وعلى ملابسه، يلطخون بعضهم بعضاً بقطع الحناء في جو تكسوه البهجة على أنغام الأغاني الشعبية والنوبية، ذلك بعد تجهيز الحناء وإعدادها بكميات وافرة.
ونرصد هنا أجواء وطقوس ليلة الحناء في إحدى قرى مركز إسنا في محافظة الأقصر التي تبدأ مع بداية غروب الشمس حتى منتصف الليل.
نبذة عن الحناء
الحناء عبارة عن مسحوق نباتي أخضر اللون، يستخدم عادة في صبغ الشعر وتزيين الأيدي، كما يدخل في صناعة عطور عدة، تزرع شجيرات الحناء في المناطق شديدة الحرارة، لذا يزرع في أغلب الدول الأفريقية.
وشجيرة الحناء من الفصيلة الحنائية، تعتبر من الشجيرات المعمرة دائمة الخضرة وكثيرة التفرع، لها رائحة عطرية قوية وتنمو بشكل كثيف. تحتوي أوراق الحناء على نسبة عالية من مادة اللاوسون وهي عبارة عن مادة غليكوسيدية، تمنح الحناء الخصائص المسؤولة عن الصبغة واللون، الحصول على الحناء يتم بتجميع أوراقها وتجفيفها ثم طحنها.
وللحناء فوائد عدة للشعر والجلد بحسب عديد من الأبحاث الطبية، إذ لها دور فعال في تحفيز نمو الشعر وكثافته وعلاج قشرة الرأس وصبغ الشعر الأبيض منه من دون مواد كيماوية، فيما يخص فوائدها للجلد فهي تقلل التجاعيد وتمنح البشرة نضارة وحيوية وتعالج تشققات الجلد.
طقوس حفل ليلة الحناء
ليلة الحناء هي الليلة التي تسبق حفل الزفاف، تأخذ في صعيد مصر شكل احتفال كبير، خصوصاً من قبل أصدقاء العريس الذين يحرصون على تهنئته بتوديع آخر أيام العزوبية وسط فقرات من الرقص والغناء.
قال عبدالوهاب المحمدي الباحث في شؤون تراث صعيد مصر “ليلة الحناء تبدأ مبكراً في قرى الصعيد، بحضور الحلاق لتزيين العريس بالشكل اللازم ليظهر في أبهى صورة أمام الجموع الغفيرة التي ستأتي لحضور حفل ليلة الحناء الخاصة به. كذلك العروسة يجري تجميلها من قبل متخصصات بمساعدة صديقاتها، ثم تأتي مرحلة تجهيز خلطة الحناء التي تتكون من كميات كافية من مسحوق الحناء وليمون وعطور بروائح متنوعة ودم غزال ومخملية”.
وأضاف عبدالوهاب “إعداد عجينة الحناء النهائية يتم على يد أسرة العريس ويستغرق ساعة كاملة، لأنها تحتاج إلى عملية عجن وتقليب متواصلة، ويجري توزيع الكميات عبر الأواني والصفائح البلاستيكية. عادة ما يجري تنظيم حفل ليلة الحناء أمام منزل العريس، ولا يبدأ الاحتفال إلا بإشعال البخور لطرد الأرواح الشريرة وحماية العروسين من الحسد والعين كما يعتقد الأهالي”.
غمر العريس بالحناء
أوضح عبدالراضي حسين أحد أهالي مركز إسنا، قائلاً “فرحة الزواج لا تكتمل سوى بأجواء ليلة الحناء وما تحمله من بهجة تدخل قلوب الكبار والصغار، فالجميع يشارك في سكب وغمر الحناء على العريس بشكل جيد، بعد ذلك يعتلي العريس فرساً ويجوب فيه بين أصدقائه وأقاربه وسط فقرات من الغناء والرقص والتحطيب”.
وأضاف عبدالراضي “الحضور من أصدقاء وأقارب العريس يقذفون بعضهم بعضاً بقطع الحناء، ويتنافسون في ذلك كدليل على محبتهم العريس في أجواء تكسوها البهجة والسعادة، والذي يمتنع عن ذلك يعاب عليه امتناعه”، موضحاً أن “ليلة الحناء في إسنا عادة متوارثة بطقوسها منذ مئات السنين، فيما يخص حفل ليلة الحناء للعروسة فيكون حفلاً خاصاً للفتيات لا يحضره الرجال، إذ يجري تزيين العروسة فيه ورسم الحناء على جسدها”.
يسكب أصدقاء العريس الحناء عليه وعلى ملابسه ويلطخون بعضهم بعضاً في جو تكسوه البهجة (ابندبندنت عربية)
وعبر طه العربي عريس حديث الزواج عن سعادته البالغة بليلة الحناء الخاصة به، لأن أبطال المشهد في ليلة الحناء هم أصدقاء العريس الذين يتنافسون في إظهار حبهم له، وفرحتهم بتوديع العريس لآخر أيام العزوبية، عبر الغناء والرقص والتحطيب والألعاب الشعبية. وأكد أن أجواء ليلة الحناء في مركز إسنا بمحافظة الأقصر مختلفة عن سائر المحافظات المصرية، وأجمل ما يميزها البساطة وعدم التكلف.
اهتمام سياحي
وذكر وائل إبراهيم نقيب نقابة المرشدين السياحيين الأسبق في الأقصر أن “أجواء ليلة الحناء في مركز إسنا تجذب عديداً من السائحين خلال الفترة الأخيرة لحضورها وتصويرها، لما فيها من طقوس وأجواء مبهجة على رغم بساطتها، ويتشارك فيها الجميع بالرقص والغناء وتبادل الحناء”.
وأشار وائل إلى أن عادة احتفال ليلة الحناء ترجع لأصول فرعونية وردت في أسطورة “إيزيس وأوزوريس”، حينما صبغت إيزيس يدها بالدماء لجمع أشلاء أوزوريس بعد مقتله على يد أخيه ست، فصار صبغ اليد رمزاً للوفاء، لذلك يحرص كلا العروسين في صعيد مصر على وضع الحناء في يد بعضهما بعضاً كعهد للإخلاص والوفاء.
وتشهد ليلة الحناء عدداً من الرقصات التراثية بالتحطيب والرقص بالخيل والعصا، وعقب انتهاء ليلة الحناء يتجه العريس برفقة أصدقائه وأقاربه للاغتسال والاستحمام في نهر النيل، وهم يرددون عدداً من الأغاني الشعبية المخصصة لحفل ليلة الحناء، أشهرها “الليلة الحنة… وغداً الدخلة… زغردوا يا بنات الحنة”.