تونس : انتقادات بعد شراء سعيد لحوما لقصره بنحو 450 ألف دولار
■ الأمة – تونس:
تعرض الرئيس التونسي “قيس سعيّد” لسيل من الانتقادات بتهمة التبذير في المال العام عقب تداول وثيقة لمناقصة شراء لحوم حمراء لقصره بقيمة 450 ألف دولار أمريكي.
ونشر الموقع الرسمي للصفقات العمومية في تونس، بيانات تظهر قيام قصر قرطاج بشراء كمية كبيرة من اللحوم الحمراء، بقيمة تزيد عن مليون و141 ألف دينار (نحو 348 ألف دولار)، وذلك فقط منذ بداية العام الجاري.
وأثارت الوثيقة استياء واسع خاصة من معارضي “سعيد” الذين اعتبروا ذلك تناقضا مع دعوة السلطات للتقشف في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي تشهدها البلاد.
وعلّق النائب السابق في البرلمان المجمّد “زياد الهاشمي” على صفحته، أنّ الرئيس “سعيد” يطالب بشراء لحوم حمراء بالمبلغ المذكور بينما تطالب الحكومة عامة الشعب المتخبط في حالة مجاعة بالتقشف، في وضع متسم بطفرة فقدان مواد أساسية عدة.
وتتهم تعليقات على مواقع التواصل “سعيد” باستخدام خطاب شعبوي مرتكز على معاني التعفف والعيش ببساطة مثل سائر المواطنين ومكافحة الاحتكار والفساد بهدف الوصول للسلطة والتفرد بها، معتبرين أنه يتصرف بموارد الدولة دون أي رقيب.
ويقول “الهاشمي” إن النظام الرئاسي الذي فرضه “سعيّد” يكشف عن تبذير للمال العام دون رقابة من الشعب أو البرلمان أو الإعلام، مبينا أن الإعلام لم ينقل ما جرى عكس ما حصل مع الرئيس السابق “المنصف المرزوقي” حين اتهم إبان حكمه بشراء الأسماك بمبالغ كبيرة.
وبينما عاب البعض على الرئيس دعوة الناس إلى التقشف ومعاضدة جهود الدولة بينما يحافظ هو على الرفاهية، تساءل البعض الآخر عن سبب ارتفاع مشتريات القصر الرئاسي من اللحوم منذ صعود “قيس سعيد” للحكم في 2019.
من جانب آخر، يرفض الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي الوزير السابق “غازي الشواشي” الخوض في مسألة الشراءات التي خصصها القصر الرئاسي للحوم الحمراء، بحكم عدم تيقنه من صحة ما يُتداوَل.
لكنه أكد أن “قيس سعيد” يتبنى خطابا شعبويا أجوف برفعه شعارات محاربة الفساد والمضاربة ومحاربة الفقر والبطالة، بينما على أرض الواقع أخفق بعد أكثر من عام من اتخاذه المراسيم الاستثنائية في الحفاظ على قوت التونسيين المتلاشي.
وتكررت لقاءات الرئيس برئيسة الحكومة ووزراء التجارة والداخلية، لكنه يصر على النكران باجتراره نظرية المؤامرة واتهام خصومه بوقوفهم وراء فقدان السلع لشحن الشارع ضده، بينما يقف شح السيولة لدى الدولة وراء أزمة توريد السلع، كما يرى “الشواشي”.
ويعتبر “الشواشي” أن “سعيد” فاقد للكفاءة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وأنه ركز حكومة ضعيفة بلا مشروع وفاقدة للصلاحيات، مستبعدا حصول أي إصلاحات في فترة حكمه لأنه يشكل بنفسه أكبر عائق أمام الحكومة ويضعها في طريق مسدود.
“الشواشي” يرى أن “سعيد” يفرض أمر الواقع ويحتكر السلطة بقوة السلاح لبسط مشروع سياسي يغيب فيه الجانب الاقتصادي والاجتماعي، موضحا أن أغلب أنصاره ليسوا مقتنعين بمشروعه بقدر ما هم يعارضون حركة النهضة ومن حكموا معها.
ضرب تحت الحزام
في المقابل، يعتبر مؤيدو “قيس سعيد” ما يُتداوَل بشأن اللحوم الحمراء محاولة يائسة لضرب الرئيس تحت الحزام من قبل خصومه، ويقول السياسي “أحمد الكحلاوي” إن من يصنعون تلك الفتن يحاولون تشويه صورته.
ويؤكد “الكحلاوي” أن التونسيين متيقنون من نظافة يد الرئيس، معتبرا أن هناك حربا طاحنة ضده من قبل خصومه باستخدام ورقة المحتكرين بهدف شحن الشارع وتجييشه للخروج في مظاهرات ضده، وهو أمر استبعده لفقدان الناس الثقة فيمن حكموا سابقا.
ولا تعدو إثارة مسألة شراء اللحوم الحمراء بأسعار باهظة من القصر الرئاسي سوى سقوط رديء في الشعوبية من قبل خصوم “سعيد”، وفق “الكحلاوي” الذي يرى أن هناك حصارا مفروضا عليه لإثنائه عن محاسبة المنظومة التي دهورت البلاد طوال العشرية الماضية.
ويرفض “الكحلاوي” الاتهامات الموجهة للرئيس بشأن محاولته تركيز نظام استبدادي، مشيرا إلى أن الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها في 25 يوليو 2021 كانت ضرورية لإنقاذ البلاد من حالة الدمار التي عاشتها طوال السنوات العشر الماضية.
وتعيش تونس أزمة اقتصادية، زادت من حدتها تداعيات تفشي فيروس كورونا، ونقصا للمواد الأساسية من الأسواق، جراء تضرر سلاسل التوريد وارتفاع أسعار الطاقة، على خلفية الأزمة الروسية الأوكرانية.