بلومبيرغ: ماذا سيفعل بايدن إذا استعمل بوتين السلاح النووي؟
■ الأمة – القاهرة:
نشر موقع وكالة بلومبيرغ الأمريكية مقالا لأندرياس كلوث، كاتب المقال في الموقع المكلف بالشؤون الأوروبية، تحت عنوان “ماذا سيفعل بايدن إذا استعمل بوتين السلاح النووي”. وقد أكد الكاتب أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يريد استخدام الأسلحة النووية، تمامًا، كما أنه لا يريد الاستمرار في خوض “عمليته العسكرية الخاصة” ضد أوكرانيا، لكنه لا يزال يقاتل لأنه غير قادر على الفوز، وهذا يعني أيضًا أنه قد يُلقي قنبلة نووية؛ خاصة وأنه هدد بهذا مرة أخرى هذا الأسبوع، فيما تحتاج الولايات المتحدة وحلفاؤها – وأصدقاء بوتين المفترضون في الصين وأماكن أخرى – إلى أن يقرروا الآن كيف سيكون رد فعلهم.
يرى الكاتب أنه بالنسبة لبوتين فإن التصعيد النووي لن يكون وسيلة لانتزاع النصر من بين فكي الهزيمة، ولكن لانتزاع البقاء – السياسي أو حتى الجسدي – من دائرة النسيان. ويقول الكاتب إنه “على عكس القادة الديمقراطيين، ليس لديه طريقة للتقاعد بأمان بعد كل الضرر الذي تسبب فيه. كمؤرخ دجال للقياصرة، فهو يعلم أن نهايته قد تكون فوضوية”.
ويعتقد الكانب أن بوتين قد ينفض الغبار عن عقيدة روسية يسميها المحللون الغربيون “التصعيد لوقف التصعيد”، والتي تعني الذهاب إلى الأسلحة النووية لتجنب خسارة حرب تقليدية (غير نووية)؛ حيث سيفجر بوتين واحدة أو أكثر من الأسلحة النووية “التكتيكية” – على عكس “الإستراتيجية” – وهي تفجيرات منخفضة، لكنها كبيرة بما يكفي للقضاء على موقع للجيش الأوكراني أو مركز لوجستي، لكنها في الوقت نفسه “صغيرة” جدًّا بحيث لا يمكن محو مدينة بأكملها. ويرى الكاتب أنه بإلقاء مثل هذه القنبلة؛ سيشير بوتين إلى استعداده لاستخدام المزيد، وسيكون دافعه هو إجبار أوكرانيا على الاستسلام والغرب على الخروج من الصراع؛ ولكن دون جعل الولايات المتحدة تفكر في الانتقام التلقائي؛ حيث يريد بوتين أن يتنحى أعداؤه، حتى يتمكن من إعلان النصر والبقاء في السلطة.
وشدد الكاتب على أنه غني عن القول إن مثل هذا العمل اليائس من شأنه أن يمثل أحلك منعطف في تاريخ البشرية منذ هيروشيما وناغازاكي؛ فهو لن يقتل ويشوِّه ويصيب أعدادًا هائلة من الأبرياء فحسب، بل سيتسبب أيضًا في إرهاب دائم في جميع أنحاء العالم؛ حيث سيؤدي تصعيد بوتين إلى العديد من النتائج التي كانت تعتبر “محرمات” في زمن الحرب الباردة، والتي منها أنه إذا رأى العالم أنه يفلت من ذلك، فإن الدول النووية الأخرى قد تحذو حذوه، وهذا بدوره سيجبر البلدان التي تخلت عن الأسلحة النووية باسم عدم الانتشار أو نزع السلاح على بناء ترساناتها الخاصة ـ مثلما فعلت أوكرانيا في تسعينات القرن الماضي ـ وستنتهي سياسة الحد من التسلح، وستصبح الحرب النووية أكثر احتمالًا في أماكن أكثر، في الغرب والجنوب وشرق آسيا.
وهنا يتساءل الكاتب ماذا يجب أن يفعل الرئيس الأمريكي جو بايدن إذًا؟ ليؤكد “بأنه من الواضح أنه يجب عليه ردع بوتين، إذا قرر التصعيد؛ لكن هذين الأمرين هما جانبان من نفس القرار: فالرد الضمني يؤدي أيضًا إلى الردع”.
وينقل عن ماثيو كرونيغ من مؤسسة المجلس الأطلسي، الذي لخص بعض الخيارات المطروحة؛ فـ”إحدى طرق الرد على الضربة النووية الروسية المحدودة تكمن في مضاعفة الإجراءات المتخذة ضد نظام بوتين للضعفين أو حتى ثلاثة أو أربعة أضعاف، وعزل روسيا تمامًا عن العالم الغربي. وبدلاً من الرضوخ، سيرسل الغرب أيضًا المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا، والمزيد من القوات، بما في ذلك الأسلحة النووية ، إلى الجبهة الشرقية لحلف شمال الأطلسي”.
يرى الكاتب أن مثل هذه الاستجابة المحدودة المتعمدة تهدف إلى وقف دوامة التصعيد قبل أن تبدأ، ولكن مشكلتها أن بوتين قد لا يجد هذا الرد مخيفًا بما يكفي لردعه؛ فهو منبوذ بالفعل، والروس يتألمون بالفعل تحت العقوبات، وإذا كان يخشى نهاية عهده أو حياته، فإنه قد يدمر كل شيء في طريقه. وعلى الجانب الآخر؛ فهذه الاستجابة المقيدة ستبدو غير كافية بشكل مؤسف للأوكرانيين وبقية العالم، وسيفقد أصدقاء كييف شجاعتهم، وسيستنتج الديكتاتوريون مثل كيم جونغ أون من كوريا الشمالية أنه يمكن استخدام الأسلحة الباليستية دون أي مشاكل عكسية.
ويشدد الكاتب على أن رد بايدن يجب أن يكون أكثر قوة؛ من خلال خياريْن عسكريين: أولهما الرد بالمثل من خلال تفجير سلاح نووي تكتيكي منخفض الضرر، وسيكون المقصود من الانفجار النووي أن يكون إشارة توقف لبوتين، كما أنه سيطمئن الأوكرانيين والعالم بأن الولايات المتحدة ستجيب على التصعيد مرة أخرى؛ أي أنها ستفرض المحرمات النووية.
غير أن المشكلة في هذا الخيار أنه قد يحول المواجهة إلى سلسلة من التفجيرات التكتيكية؛ حيث إن روسيا لديها حوالي 10 أضعاف عدد الرؤوس الحربية التكتيكية للعب بها، وسيصبح من المستحيل توقع السيناريوهات، خاصة عند أخذ الخطأ البشري في الاعتبار، مما قد يؤدي إلى اشتعال معركة نووية رهيبة.
ويعتبر الكاتب أن الخيار العسكري الأفضل هو توجيه ضربة أمريكية تقليدية للقوات الروسية؛ حيث يمكن أن يكون الهدف هو نفس القاعدة العسكرية التي شنت الضربة النووية بالضبط، أو يمكن أن تكون القوات الروسية في أوكرانيا، وهو ما من شأنه أن يشير إلى أوكرانيا والعالم بأن أي خرق للمحرمات النووية سيعاقَب عليه، والرسالة الموجهة إلى بوتين هي أنه لا يستطيع التصعيد لوقف التصعيد، لأن الغرب سيتدخل لهزيمته.
يستدرك الكاتب بالقول إن هذا الحل قد يرقى إلى مستوى صدام مباشر بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، وبالتالي سيتسبب في خطر الحرب العالمية الثالثة، وقد يستنتج بوتين منه أن الولايات المتحدة ليست مستعدة للرد بالأسلحة النووية، وشن المزيد من الضربات النووية، ويثير هذا سؤالًا آخر يجب على بايدن الإجابة عليه: بمجرد أن يقرر كيف سيستجيب لمستويات مختلفة من التصعيد النووي، كيف يجب أن ينقل ذلك؛ سواء إلى بوتين، أو الحلفاء، أو الأعداء أو عموم الناس؟
وبحسبه هناك احتمال آخر وهو العودة إلى فرضية أن بوتين لا يريد استخدام الأسلحة النووية، لكنه سيفعل ذلك إذا كان يخشى أن يكون بقاؤه مهددًا؛ حيث يمكن للولايات المتحدة أن تضع خططًا لتغيير النظام في حالة التصعيد النووي. وفي هذه الحالة؛ سيكون من الأفضل إيصال ذلك – ليس بشكل غامض، ولكن بشكل محدد، وليس علنًا ولكن بشكل خاص – إلى بوتين.
ويختم الكاتب مقاله بالحديث عن بصيص الأمل في هذه الأزمة الذي ظهر من خلال لقاء بوتين بزعماء الهند والصين، ناريندرا مودي وشي جين بينغ، في أوزباكستان الأسبوع الماضي؛ حيث أعرب كلا الزعيمين – رغم أنهما يمتلكان أسلحة نووية – عن “قلقهما” بشأن حربه. ويؤكد على أنه “بغض النظر عن العداوة بين بكين وواشنطن، وبغض النظر عن الصراعات الأخرى الجارية؛ فيجب أن يوحد شبح الحرب النووية العالم ضد التهديد؛ حيث يمكن لبايدن وشي وجميع قادة العالم الآخرين تنحية خلافاتهم جانبًا وإرسال هذه الرسالة إلى بوتين: إذا كنت ستستخدم أسلحة نووية؛ فسنتأكد من عدم بقائك”.