د. هند الشومر تكتب: التصدي للعنف بالقوى الناعمة

يحتفل العالم يوم 25 نوفمبر من كل عام باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة وتستمر الاحتفالات حتى 10 ديسمبر، وهو اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ولا يقتصر العنف على المرأة، فقد ازدادت حوادث العنف مؤخرا لأسباب كثيرة، ونحمد الله أنها لم تصل إلى إطلاق الرصاص كما هو في بعض الدول، ولكن غياب ثقافة السلام في المجتمع وعوامل تأجيج الصراعات لأسباب اجتماعية أو ثقافية قد تؤدي إلى العنف وحالة التربص داخل المجتمع.

وبالرغم من تأثير القوى الناعمة مثل الموسيقى والفن في نشر ثقافة الحب والسلام، إلا أنها غابت عن حياتنا الحالية، وخاصة أن وسائل الإعلام تنقل بالصوت والصورة والتعليق حوادث العنف، بل أصبحت بعض البرامج الحوارية استفزازية إما بسبب أداء الضيوف أو الإعداد لها.

وإذا قارنا وجود وتأثير القوى الناعمة الآن وفي المجتمع في أوقات سابقة لوجدنا أن حفلات الفن الراقي والموسيقى كانت عوامل مهمة للصحة النفسية ولم يكن لحوادث العنف أي وجود في المجتمع، وقد نكون الآن في حاجة لتعزيز الصحة النفسية ونشر السلام والسكينة من خلال تعزيز دور القوى الناعمة سواء في إقامة حفلات أو نشر إنتاج فني راق أو دعابات راقية.

ويكفي أن نشاهد الإنتاج الفني في زمن الأبيض والأسود سواء كان أفلاما أو حفلات لتعود البسمة على الوجوه بعد أن غابت طويلا مع غياب القوى الناعمة فهي ضرورية للحياة وللصحة النفسية ولتعزيز أواصر السلام والحب بين أفراد المجتمع وتخفيف منابع العنف والتنمر وما يترتب عليه من توتر في المجتمع ويؤدي إلى جفاف الحياة وتوقف نبض الحب في القلوب.

وليست المدنية الحديثة سببا في ذلك، بل لأننا أغفلنا دور القوى الناعمة وحولنا الحياة إلى معسكر للقتال والتنمر والتربص وتحويل الاختلافات في الرأي إلى معارك ضاربة بين قطاعات المجتمع وبين الدول والجماعات، بينما علينا أن نستدعي قادة القوى الناعمة ونطلب منهم أن يقوموا بمسؤولياتهم لنشر الحب والسلام بدلا من حياة الجفاف والتنمر والتربص بدون أسباب وجيهة أو مقبولة.

ولنجرب إعادة الاعتبار في القوى الناعمة لنعيد البسمة والحب والسلام لحياتنا ولن نحتاج إلى ما تفعله بعض الشعوب لنشر السلام ووقف العنف مثل مهرجان الطماطم في اسبانيا أو مهرجان الألوان في الهند وهي محاولات لإعادة البسمة للحياة حتى لو كان الثمن الغسيل في المصبغة أو الاستحمام للتخلص من الطماطم أو الألوان.

ولكن جفاف الحياة يجب أن يواجه بمبادرات تعيد البسمة للوجوه وتعيد تذوق القيم الجميلة دون إسفاف أو ابتزاز. ولقادة العالم الذين ينشرون العنف والحروب نقول لهم رفقا بنا وحافظوا على السلام بينكم وإلى الإعلام الذي ينشر الإثارة ويؤجج الصراعات، نقول كفى عنفا لأننا أحوج ما نكون للحب والسلام والسكينة لنقلل حوادث العنف ونقضي عليها تماما مستقبلا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى