رجب الشرنوبي.. يكتب: المجلس الأعلي للهوية المصرية!!
في السنوات الأخيرة أصبحت المجتمعات العربية عامة والمجتمع المصري خاصة، تتعرض بلا أدني شك لحملات من التشويه المتعمد للهوية الوطنية، خصوصاً بعد أحداث هامة عاشتها ولازالت تعيشها وتتجرع مرارتها، تستهدف في الأساس هدم بنيتها الإقتصادية والإجتماعية والثقافية.
تزداد قوة هذا الخطر الداهم يوماً بعد يوم مع مايعيشة العالم، من تحديات دولية وإقليمية وكوارث إقتصادية، قد تنهار معها الثوابت وتضيع فيها المعالم ونضل نحن الطريق وسط هذا الزحام في ظل تطور متلاحق دائم وسريع ومفزع، علي وسائل الإتصال الحديثة ومواقع والتواصل الإجتماعي.
كل مانشاهده من خلط متعمد بين بعض المفاهيم وتشوية للبعض الآخر كل مانتابعه يومياً من من تسطيح للفكر وتهميش للقيمة، المجتمع الذي أصبح يعٌج بأنصاف بل بأشباه الموهوبين، يتحركون فيه ويعبثون بثوابته كما يشاءون، الأدهي من ذلك والأخطر أن يتخذ أبناءنا وبناتنا من نمازج مثلهم سيئة ومدمرة قدوة لهم.
جرائم غريبة علينا وتصرفات شاذة لم نكن نسمع عنها، أصبحت تملأ يومياً صفحات الجرائد والمواقع الإخبارية، تتهافت عليها هي الأخري وتسارع في تتبعها ونشر تفاصيلها، تضفي عليها مزيد من التشويق والإثارة وبعض البوهارات الإعلامية والصحفية، أملاً في تحقيق مكاسب مالية سريعة ونجاحات مهنية وهمية.
هذه المظاهر وغيرها أكثر تشهد بخطورة ما وصلنا إليه، بل تُنبيء بصورة رمادية تهدد هوية ومستقبل أجيالنا القادمة، هذا الموروث الذي أستأمننا عليه آبائنا وأجدادنا، علينا أن نبذل كل غال ونفيس من أجل الحفاظ عليه، ميراث لأبنائنا من بعدنا يحفظوه ويحافظوا عليه، يفخرون به ويتحدث نيابة عنهم ويميزهم بين الأمم.
علي غرار المجلس الأعلي للآثار والمجلس الأعلي للسياحة والمجلس الأعلي للثقافة وغيرها من المجالس، قد يكون تأسيس “مجلس أعلي للهوية المصرية “إختيار مناسب في هذه الظروف، علي أن يكون هيئة مستقلة تتبع مباشرة رئاسة مجلس الوزراء، يمثله فروع تابعة له داخل دواوين كل المحافظات.
هيئة رقابة وتنسيق ومتابعة مستقلة ومستمرة تهدف إلي الحفاظ علي الهوية المصرية، ترصد وتراقب عن قرب الحركة التلقائية للمجتمع والتغيرات الطارئة فيه، تتابع كذلك كل مايتعلق بالبرامج وخطط العمل داخل مؤسسات الدولة، ممن له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بترسيخ وتشكيل الهوية المصرية.
برامج مشتركة وأٌطر تعاون مع التربية والتعليم، فعاليات ومبادرات مجتمعية وأنشطة طلابية مع التعليم الجامعي، متابعة لأنشطة وزارة الثقافة وقصورها المنتشرة في كل مكان، مراقبة الإنتاج الضخم والمتنوع لكل نقابات الإبداع الفني، مشاركة وتواجد في أنشطة وفعاليات الشباب والرياضة، تسليط الضوء ودعم عمل مؤسسة الأزهر الشريف، متابعة مستمرة للمحتوي الذي تقدمة الأوقاف والكنيسة ومايتبعهما، عمل المؤسسات الإعلامية والصحفية الحكومية والخاصة، التقليدية منها والحديثة الإلكترونية والدور الذي يمكن أن تساهم به في ذلك.
كل ماسبق من مؤسسات وغيرها يمكن أن تكون داخل نطاق عمل المجلس وبؤرة إهتمامه، تستطيع بلاشك وبالتنسيق المناسب مع المجلس، أن تساهم في أداء مهمته القومية إضافة إلي قيامها بمهامها الأصلية، كما يمكنها أن تكون مجال خصب للعمل علي تعميق وتفعيل مفهوم الهوية المصرية، فهي مؤسسات الشعب التي تتشكل فيها وداخلها هويتة منذ نعومة أظافره.
إنشاء هيئة مستقلة بغرض إنجاز هذه المهمة القومية، من شأنه أن يحافظ علي ملامح هويتنا الوطنية وروابطنا الإجتماعية وملامحنا الثقافية، يضمن كذلك معه حاله من الثبات النفسي داخل نفوس أبناءنا وأجيالنا المستقبلية، وسط هذه الموجات والهجمات الشرسة من الثقافات المختلفة والدخيلة علينا.
كما أنه يضيع علي كل آخر تتقاطع معه أيدلوجيتنا ومصالحنا فرص الإستقطاب لأبنائنا وشبابنا، مستغلاً في ذلك كل ماينتابهم من حيرة وقلق وعدم وضوح الرؤية بشكل كافي، بهذا التدمير الواضح والمتعمد للمفاهيم والقيم المصرية الخالصة، ومايصاحبه من تقديم الكثير من المغريات السهلة إليهم مقرونة بإثارة مدمرة لغرائزهم.
إقتراح أضعه بين يدي الرئيس السيسي صانع القرار الوطني، آملاً أن يأخذ حقه من الدراسة إن كان في ذلك جدوي، كما أتمني أن يلقي من الإهتمام والقبول مايتناسب مع قيمة وأهمية الهدف المنشود، مع خالص تحياتي.