ماساة قرية مصرية جاءها الموت بالجملة!.. بقلم: شريف قنديل
حتى الآن لم يصدر البيان! لكن الشئ المؤكد أن شباب قريتنا الوادعة كانوا يحاولون انقاذ بعضهم، وأن العامل الصعيدي الغريب الذي سقط في الحفرة كان يحاول انقاذهم! الشيء المؤكد أن شباب “لبيشة” الأربعة بدير وكرم ورشدي و بدر أخذتهم النخوة لتخفيهم حفرة الصرف المفجعة!
سيان! سيان! المهم أن يتوقف المسؤول الانسان مع نفسه دقيقة، ويدرك تماما أن هذه الحفرة البغيضة لن تخفي الحقيقة!
نعرف أن الحفرة وأن الخط “تحت التجربة” فهل قررتم أيضا أن يكون الموت تحت التجربة؟!
ليدرك المسؤول الكبير أن الشهداء الخمسة لم يلقوا الموت الخانق في البحر الأعمى أو في خندق أو في زورق.. ولم يواجهوه في حديقة أو نزهة على الساحل أو في غابة أو تحت تروس دبابة..
ليدرك المسؤول المتراخي الأعمي أنه أعاد لنا بهذه الفاجعة الأليمة، كل المآسي والتراجيديات القديمة.. “عمال المقطورة، وأتوبيس حفظة القرآن وعمال المصنع، وأطفال الترحيلة”،فهل كان شهداؤنا الخمسة يدفعون له ولكل الفسدة والمتكاسلين بقايا الضريبة!
فليدرك المسؤول المتراخي الأعمى أن “لبيشة” ككل القرى المصرية كانت تفرح بالانجاز وتغني للكرامة، فاختبأ لها الحزن في حفرة العقوبة، فيما كان قلب المسؤول الأعمى يمتلأ بالرطوبة!
“لبيشة” قبل وبعد صلاة الجمعة كانت تتمنى من قلبها الغناء للانجاز فما اسعفها الغناء! تريد أن تبكي وتنتحب على الشباب الخمسة فما أسعفها البكاء!
ويا أيها الانسان المسؤول عن الطرق وعن السواحل والحفر.. ألا تلاحظ أن الموت هذه الأيام يأتي بالجملة؟ّ يرخي جناحه ويختطف الشباب، فيما تؤجلون وتتباطؤون وينشغل بعضكم بفرق العملة؟!
أرجو ألا تكتفوا بوصم أهالي القرية بالتخلف والإهمال والإستعجال ونفي التهمة!!
ويا شبابنا الخمسة، لوحة الشرف والنخوة والشهامة ضمتكم وستضمكم في كل مناسبة.. واحدا فواحدا.. وساعدا فساعدا..
ويا أهلنا في “لبيشة” وفي كل قرية مصرية، سنظل نتشارك المحنة، والأحزان الليلية والصباحية في تلك الأيام الحجرية.. لن تقذفنا الفتنة في حفر الأيام القاسية..ويا أهل عزت الغريب هناك في الصعيد لكم كل مواساة أهلكم في المنوفية.. وحدتنا في الوطن الواحد .. في الجرح الواحد.. في الهم الواحد.. في الحزن الواحد!