تضامن عربي واسع مع الشيخة ميّ آل خليفة بعد”إقالتها” لرفضها مُصافحة السفير الإسرائيلي”
“من القلب ألف شكر لكل رسالة وصلتني، وحدها المحبة تحمينا وتقوّينا”، هكذا عبرت الكاتبة والوزيرة البحرينية، ميّ بنت محمد آل خليفة عن شكرها وامتنانها لكل من تضامن معها عقب إقالتها من منصبها كرئيسة لهيئة البحرين للثقافة والآثار.
جاء ذلك في تغريدة مقتضبة نشرتها الوزيرة البحرينية قبل يومين عبر حسابها على تويتر، لتفتح الباب أمام الكثير من التساؤلات و تثير الجدل بين رواد مواقع التواصل.
ولايزال التفاعل مستمرا حول التغريدة التي حظيت بأكثر من 3800 إعجاب وحصدت حوالي 600 تعليق.
ورغم أن الوزيرة السابقة لم تعلن عن أسباب إقالتها من منصبها الرفيع، إلا أن نشطاء ومغردين رجحوا أن يكون الأمر “متعلق بمسألة التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل”.
ما صحة ما يتم تداوله؟
ووفقا للعديد من التقارير الإخبارية العربية فإن أسباب إقالة الوزيرة ترجع لرفضها مصافحة السفير الإسرائيلي في البحرين.
ولم تتمكن بي بي سي من التأكد بشكل مستقل من صحة تلك الأنباء.
لكن بإجراء بحث سريع، سيتبين أن الموقف الذي أشارت إليه تلك التقارير، يعود إلى بدايات الشهر الماضي.
وقد أفاد موقع “i24NEWS” بأنه استطاع التأكد من صحة تلك الواقعة من مصدر إسرائيلي رفيع، لكنه لم يسمه.
بينما ذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية بأن الشيخة مي بنت محمد رفضت مصافحة السفير الإسرائيلي لدى البحرين إيتان نائيه خلال مراسم دفن والد السفير الأمريكي لدى المنامة، في 16 حزيران /يونيو.
ونقلت الصحيفة بأن الوزيرة غادرت منزل السفير الأمريكي وطلبت عدم نشر أي صور لها في العزاء.
من جهة أخرى، توقعت منصة “خليج 24” أن تكون آراء ومواقف الوزيرة “المتمردة” سببا في إقالتها.
وعددت المنصة مجموعة من الأحداث قالت إنها تعكس موقف الوزيرة الرافض للتطبيع.
نفي بحريني
ردا على التقارير المتداولة، نفى مصدر مسؤول بمركز الاتصال البحريني صحة التفسيرات التي ربطت بين إقالة الوزيرة الوزيرة وإسرائيل.
كما أشاد بيان لمركز الاتصال بالجهود التي قدمتها الشيخة ميّ للنهوض بالبلاد.
وحذر المصدر ذاته من اتباع التأويلات والتفسيرات الخاطئة بشأن التعديل الوزاري الأخير والذي طال مناصب قيادية عدة.
وأضاف بأن “استبدال الوزيرة جاء في إطار تعديل وزاري واسع شمل 17 منصبا وزاريا’.
وفي 21 يوليو/ تموز الحالي، أصدر العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة مرسوما بتعيين الشيخ خليفة بن أحمد بن عبدالله آل خليفة رئيساً لهيئة البحرين للثقافة والآثار دون التطرق إلى إقالة الشيخة مي.
تعددت التفسيرات والإشادة واحدة
ورغم تضارب التفسيرات ونفي مركز الاتصال، شارك العديد من السياسيين والناشطين العرب منشورات أعربوا فيها عن دعمهم للوزيرة السابقة.
فمنهم من وصفها بـ القدوة وبالمخلصة لعروبتها” في حين اعتبرها البعض الآخر “أشجع من الحكومات العربية التي هرولت للتطبيع مع إسرائيل” .
بينما اكتفى آخرون بالإشادة بإنجازاتها للتعريف الثقافة والتراث البحريني.
وكانت عدة شخصيات وفصائل سياسية فلسطينية قد سارعت للإشادة بالمسؤولة البحرينية.
ومن بينهم وزير الثقافة السابق إيهاب بسيسو الذي نشر صورا على فيسبوك تجمعه بالشيخة ميّ.
ونوه بسيسو في منشور مطول على فيسبوك، بالمسيرة المهنية للوزيرة السابقة و بـ”انحيازها للقضايا الإنسانية”.
كذلك، أثنت الناشطة السياسية الفلسطينية، حنان عشراوي بمواقف الشيخة ميّ واصفة إياها بـ المرأة الجريئة التي رفعت شرف العروبة”.
ومقابل هذا الاحتفاء الواسع، انتقد البعض ما اعتبروه محاولة لـ “تشويه الحكومة البحرينية وتضليل الرأي العام العربي بالترويج بأن موقف الشيخة من إسرائيل يقف وراء إقالتها من منصبها”.
وشدد مغردون على ضرورة احترام المعاهدات والاتفاقيات المبرمة لما “توفره من حماية لمصالح البحرين وأمنها” بينما يرى آخرون أن تلك الآراء “تعبر عن موقف السلطات لا الشعب”.
وعام 2020، طبّعت البحرين والإمارات العلاقات مع إسرائيل بموجب الاتفاقات الإبراهيمية التي توسطت فيها الولايات المتحدة.
وترتب على هذا التطبيع تبادل للبعثات الديبلوماسية وتعاون ثنائي على جميع الأصعدة الأمنية والسياسية.
وقد أثارت تلك الاتفاقيات ضجة كبيرة آنذاك بين منتقد ومؤيد. كما سلطت الأضواء مجددا على الجالية اليهودية في المملكة الخليجية والتي تقدّر بنحو 50 يهوديا بحرينيا.
بالعودة للجدل المثار حول إقالة الشيخة ميّ، فقد نفى نشطاء بحرينيون ما تداوله البعض حول رفض الشيخة مقترحا للسماح لمستثمرين يهود أمريكيين بتشييد حي يهودي” في البلاد، واعتبروه ” أنباء كاذبة لا تتوافق مع مسيرة الوزيرة التي تقلدت مناصب ثقافية هامة”.
من هي الشيخة ميّ؟
الشيخة مي بنت محمد آل خليفة هي أحد أفراد العائلة الحاكمة في البحرين. وهي كاتبة مختصة في البحوث التاريخية.
وقد ترأست وزارة الإعلام والثقافة بين عامي 2008 و2010. وتعد أول امرأة تتقلد ذلك المنصب داخل دول مجلس التعاون الخليجي.
كما أسست مجلس أمناء “مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث” و”المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي”.
وفي 2015، تولت رئاسة هيئة البحرين للثقافة والآثار.
وتعد واحدة من أبرز الشخصيات النسائية تأثيرا في المجال الثقافي في بلادها. كما سبق أن صنفتها مجلة فوربس ضمن أكثر 50 امرأة تأثيرا في العالم العربي في عام 2005. وحاصلة على جوائز وأوسمة رفيعة في مجالات الثقافة والفن والتراث والعمارة.