رجب الشرنوبي.. يكتب: حتي يكون الحوار حوار!!

رجب الشرنوبي

إن لم أكن مخطيء دعوة الرئيس للقوي المختلفة داخل المجتمع هي دعوة للحوار، هذا الحوار كما فهمت تكمن أهميته في إمكانية وضع تصور مستقبلي مناسب، تسير الدولة من خلاله وتسعي لإكمال ما تم البدء فيه قبل عدة سنوات، هذا التصور من الضروري أن يشارك فيه بشكل أو بآخر كل أبناء الوطن، بإستثناء من تتقاطع أيدلوجياته الخاصة مع تراب هذا الوطن، هي في الأساس إذن دعوة لكل أهل مصر للمشاركة في صنع مستقبلها القادم.

الحوار كما أفهمه هو حوار بين ممثلين عن كل شرائح المجتمع، تُطرح فيه كل نقاط الإختلاف قبل الحديث بإسهاب عن مساحات التوافق، حتى يكتسب الحوار قيمة ويكون ذات جدوى، ومن المفترض أن يحتوي كل وجهات النظر المتعارضة، لذلك عند الحديث عنه، أو المشاركة فيه، يجب أن يكون التركيز على مضمون الحوار أكثر إهتماماً من الشكل الذي يتم تصويره عليه.

توجيه الدعوة إلى بعض النواب الذين يشعلون حاليا مقاعد في مجلسي النواب والشيوخ، من وجهه نظري خطوة لا تتوافق مع مضمون جيد للحوار لأسباب متعددة.

بداية هؤلاء النواب لديهم غرف للحوار منعقدة ومستمرة طوال الوقت، أي جديد يمكن أن يأتون به؟؟ ولا أري أي ضرورة لكي تزاحم وجهات نظر هؤلاء النواب وهي معروفة سلفاً، كل الآراء الجديدة التي لم تأخذ فرصتها في التعبير مثلهم، وجود هذه الرؤي الجديدة ربما يعطي الحوار انعكاسات إيجابية، تثريه وتغذية بأفكار جديدة تجعله أكثر فاعلية.

هؤلاء النواب الذين تم توجيه الدعوة لهم، جزء منهم جاء بالأساس بالتعيين بما يعني عدم وجود إرادة شعبية يمثلها، أما من جاء منهم إلى الغرف النيابية من خلال القوائم الحزبية، كلنا يعلم كيف تم إعداد هذه القوائم داخل الأحزاب.

لذلك وبما أننا بصدد وضع تصور حقيقي ومستقبلي، نعتبر الصراحة والشفافية هي الطريق الأكثر فاعلية للوصول إلى هذا التصور، إنطلاقاً من هذه القاعدة فالأفضل أن يحمل وجهات نظر الحزب داخل غرف الحوار، كوادر حزبية جديدة تنتمي إلي نفس الحزب وتعبر عن رأيه تجاه كل القضايا المطروحة للحوار.

من جاء منهم إلى الغرف النيابية بنظام الفردي، يستطيع غيرهم من الكوادر الشعبية والشخصيات العامة داخل نفس دوائرهم، أن يعبر عن وجهه نظر الشارع في هذه الدوائر، بعيداً عن ضغوط المصالح والسعي للتواجد في هذه الغرف مرة أخري، أو على الأقل للإبتعاد عن أي شبهات محتمله.

يمكن لكل النواب وليس فقط من خلال المجموعة التي تم دعوتها، أن يبدأ مجلسي النواب والشيوخ وبالتنسيق مع الجهة المنظمة، حوارات موازية داخل الغرف النيابية، تناقش فيها كل القضايا المطروحة للنقاش بنفس جداولها الزمنية، على أن تكون مخرجات هذه الحوارات النيابية، بين أيادي القائمين على الحوار والجهة المنظمة له، تُعرض وتؤخذ في الاعتبار عند صياغة المخرجات النهائية.

يمكن للجهة المنظمة للحوار ومجلس الأمناء الخاص به أن يكون أكثر فاعلية كذلك، إذا ما تم التنسيق مع ممثلين لهم في كل المحافظات، لإجراء حوارات موازية في مراكز التطوير الخاصة بمديريات التربية والتعليم، على أن يتم تنظيم هذه الحوارات بنفس الأسس والقواعد التي تحكم العمل في الغرف الأصلية للحوار، ولا مانع من وجود بعض الزيارات من مجلس أمناء الحوار، من وقت لآخر لإضفاء أعلي درجات الجدية.

نتثري الحوار وتوسع بذلك دوائر المشاركة الشعبية فيه، يبدو أن البعض ممن تمت دعوتهم للحوار الوطني، لم يصله مضمون الرسالة التي كانت وراء الدعوة إلى الحوار بشكل صحيح قبل أن تبدأ جلسات الحوار بشكل رسمي، نصب البعض نفسه متحدثاً بإسم السلطة التنفيذية وليس متحدثاً بإسم الشعب ونائب عنه.

بعض النواب الشباب خصوصاً من تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، يتحدثون أمام الكاميرات عن مشاركة شعبية واسعة النطاق، من خلال التسجيل على موقع الأكاديمية الوطنية للتدريب.

أقول للنائب الشاب أنت نائب عن الشعب كله ولست نائباً عن جيل بعينه، هل يستطيع الفلاح الأمي والعمال والصنيعية وربات البيوت التفاعل بهذه الكيفية؟! هل يستطيع الكثير غيرهم من فئات أخري كثيرة التواصل مع موقع الأكاديمية بهذه الكيفية؟!.

أتمني أن تكون المساهمات في الحوار الوطني القادم، مساهمات أمينة وواقعية وتقدم عوناً حقيقياً لإنجاحه وتعظيم قيمته، سواء كانت هذه المساهمات بالمشاركة الفعلية فيه أو المصاحبة للحديث عنه، حتي يكون الحوار شاملاً قيماً ومثمراً، يلبي طموحات الشعب ويتناسب مع مستوي الجمهورية الجديدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى