عمرو موسي.. الحوار الوطني.. الشكل والمضمون!! بقلم: رجب الشرنوبي
غالباً لاتستهويني حوارات إبراهيم عيسي ومن يسير علي دربه، أفكار “شاذة” لاتناسب ماتربينا عليه وتعايشنا معه، مانراه نحن ميراثاً وكنز نشرف به ونفخر، يعتبره هو تخلف ورجعية من منظور الحداثة التي يتكلم عنها!!.
عموماً عندما يكون ضيفه هو وزير خارجية مصر السابق عمرو موسي، صاحب الحضور المتميز والشخصية الثرية الوطنية، موسوعة السياسية والفكر ذات التنوع الفضفاض، الشاهد علي كثير من الأحداث بخبراته التراكمية وسنواتها الطويلة، هنا قد تختلف الأوضاع!! طبعاً بكل تأكيد وعناية وإهتمام تابعت اللقاء.
مع بداية كلماته وكما توقعت، رؤيته للحوار الوطني كانت من خلال نافذه خاصة جداً، تتفق في كثير منها مع ماتلمسته بين ثنايا كلمات الرئيس السيسي، عند إطلاق هذه الدعوة الكريمة للحوار الوطني أثناء إفطار العائلة المصرية، دعوة تحمل فكر وفلسفة ومضمون ولاتتوقف فقط عن الشكل والتنظيم. يمثل الحوار في نظر أشهر وزراء خارجية مصر، فرصة لوضع تصور شامل عن تفاصيل هامة وضرورية في مستقبل الجمهورية الجديدة، من المهم ألا يتوقف الحديث عنها في الغرف المغلقة، بل يجب أن يتخطي هذا الحاجز إلي كل مكان في مصر، يجب أن تصل الفعاليات إلي كل مدينة وقرية ونجع في الدلتا والصعيد، هو في الأساس حوار بين كل شرائح المجتمع كما يقول، من حق كل مصري ومصرية أن يكون طرف في الحوار ومشارك فيه، أوهكذا يجب أن يكون.
حديث الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية قيم وثري، تأكيده عن أهمية وجود إطار حاكم لهذا الحوار، يُغلق الباب أمام كل من أختلفت أيدلوجياته مع تراب هذا الوطن وتطلعات هذا الشعب، مدنية الدولة، المواطنة، حقوق المرأة والطفل وغيرها من الثوابت الأخري، كلها تفاصيل لايجب أن تغيب بأي حال عن هذا الإطار.
قضايا رئيسية تمس حياة المواطن بشكل مباشر تمثل جزء من واقع غير مرضي إستمر عقود طويلة، تعليم المرأة والزيادة السكانية، كوارث الحكم المحلي إلي جانب التنمية الإجتماعية..مشاكل مزمنة في حاجة إلي حلول سريعة..لايوجد لهذه الأزمات مكان من جديد في الجمهورية الجديدة.
الإعلام بكل بكل تفاصيله إضافة إلي كيانات كثيرة أخري..يمكن أن تكون بمثابة مراكز حوارمجتمعي جيد وشامل..لايقل جدوله الزمني عن ستة أشهر ولايختفي تأثيرة قبل خمسون عام.
تنوع القوي السياسية المشاركة في الحوار يعطيه أهمية خاصه..رغم ضعف تأثير البعض منها وسط الشارع..يمكن تعوض هذا بتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في الحوار..عبر كل الأبواب الممكنة والنوافذ المتاحة..علي أن تكون نتائج هذه الحوارات الشعبية، أمام السادة القائمين علي الحوار من داخل الغرف المغلقة.
حديث رئيس لجنة الخمسين السابق عن بعض الملفات والقضايا الأقليمية والدولية..يحمل بين طياته خبرات تراكمية كبيرة علي مدار سنوات طويلة تحمل فيها هذه المسئولية.
عند حديثه عما أُثير حول حلف شرق أوسطي جديد، وجدت في تساؤلاته المنطقية مهنية عالية وقراءة مستقبلية..عن مايمكن أن تفصح عنه الأيام القادمة.
من الأعضاء الذين سينضمون للحلف ومن هم الأعداء الذين يستهدفهم؟!هل إسرائيل عضو في هذا الحلف ومن هي أسرائيل؟!هل تكون بوضعها الحالي ام إسرائيل قبل 5يونيو؟!!.
هل تكون إيران هي العدو المستهدف؟!وماذا عن موقف أمريكا وإسرائيل منها؟! الصين وبعض القوي الأخري التي تمثل أعداء للولايات المتحدة وموقف الحلف منها؟؟!!.
موقف مصر من الحلف وهي التي عُرف عنها تاريخياً الحياد التام في مثل هذه الظروف، متخذاً من إعتراف مصر بالإتحاد السوفيتي، في خمسينيات القرن الماضي مثالاً لهذه الحيادية التاريخية، رغم كل الضغوط الغربية والأمريكية حينها.
علي العموم إنضمام مصر لهذا الحلف بالتأكيد سيتم حسابه بكل دقة من قبل الرئيس السيسي، هذا هو جوابه عن إستفسار مقدم البرنامج، ثم إستدرك الضيف، تجنباً للوقوع في عداء مع قوي كبري مثل الصين وروسيا دون داعي، في ضوء ذلك أشاد بالموقف المصري الرائع الذي أتخذه الرئيس السيسي، من الحرب الروسية الأوكرانية.
مع تطرق الحديث إلي قضية العرب الأولي، لازال الأمين العام يري الأمل معقود أولاً علي نضال الشعب الفلسطيني، ثم تغلغل الأجيال الجديدة من الأسر الفلسطينية داخل المجتمع الإسرائيلي، هذه المكونات الجديدة يمكن أن تُحدث الفارق، إضافة إلي الدعم العربي والوحدة الفلسطينية بين مكونات الشعب الفلسطيني، منوها عن الإهتمام الخاص الذي توليه قيادة مصر السياسية تجاه هذه الحقوق المشروعة.
إشارة وزير الخارجية السابق إلي خسائر مستقبلية، ربما تُصيب النظام العالمي القائم منذ الحرب العالمية الثانية، يؤكد أننا أمام إحتمالية كبري بولادة نظام عالمي جديد يحسم مصير العالم في السنوات المقبلة، حديثه عن الأهداف الروسية من العمليات والنتائج علي الأرض، يعبر عن التصميم الروسي في تحقيق ماتم تخطيطه من أهداف.
موقف أمريكا والغرب وإعادة تسليح الجيش الألماني بهذا الشكل المطروح، يضع العالم أمام خيارات مستقبلية غير مأمونة العواقب، تصويره للعمليات بأنها تسير في إتجاه حروب الإستنزاف، يجعل العالم إمام سيناريو خطير وطويل المدي..مخاطر ضخمة علي الأمن والسلم الدوليين وأزمات غذاء عالمية يمكن أن تكون لها آثار مدمرة.
أثناء حديثه عن الجامعة العربية ودورها مما يحدث علي المسرح العالمي، إختصار الحديث عنها بإشارة عن موقعها بميدان التحرير، رداً كاف علي سؤال المحاور عن مستقبل الجامعة العربية، دورها القادم في صياغة الأحداث العالمية.
رغم رشاقة الحديث التي يتمتع بها عمرو موسي وما يصاحبها من فلسفة خاصة في قراءة الأحداث، إلا أن نظرات العتاب التي امتلأت بها عيناه وعدم توجيه دعوه له كما قرأتها، تكاد تتحول من فصاحتها إلي كلمات تُنطق.
حديثه عن الجمهورية الجديدة..تطرقه إلي الإنجازات التي تمت، إعترافه بالتقصير والتأخير من قبل، رغم أنه كان جزء مهم من صناعة القرار فترات طويلة، دليل واضح علي تواضع الرجل وإخلاصة الشديد للوطن، يؤكد ذلك بلا شك مسيرة من العطاء إستمرت خلال سنوات طويلة.
يظل عمرو موسي برنس الخارجية المصرية، واحد من أفضل من شغلوا هذا الموقع، كما أظل أنا علي موقفي من إبراهيم عيسي وأفكاره “وأمثاله من خارج الصندوق”..الله الغني عنهم!!.