ما الذي حمله الكاظمي من السعودية إلى إيران؟

رغم تصريحات رئيس الحكومة العراقية المتفائلة حول التقارب السعودي- الإيراني، إلا أن الكثير من المتغيرات الإقليمية والدولية قد تضع عراقيل جديدة، ما يجعل الأوضاع أكثر صعوبة.

يرى مراقبون أن العراق تستكمل دورها الذي بدأت لخلق حالة من الحوار بين طهران والرياض على مدى خمس جولات كان آخرها والأكثر تفاؤلا في أبريل/نيسان الماضي.

في الوقت ذاته، يرى آخرون أن الحديث عن الوساطة العراقية الآن غير منطقي في ظل الظروف التي تعيشها المنطقة، وأن زيارة الكاظمي في ظاهرها الوساطة وباطنها يحمل رسالة أمريكية شديدة إلى قادة إيران حول الترتيبات القادمة والتي سيحملها بايدن خلال زيارته للمنطقة منتصف الشهر المقبل، وأن السعودية وإيران لن يصلا عما قريب إلى تطبيع العلاقات.

ماذا يحمل الكاظمي من الرياض إلى طهران؟

بداية، يقول المحلل السياسي الإيراني، دكتور حسين رويوران، في رأيي أن ما قام به العراق من عملية التوسط بين إيران والسعودية حقق نتائج على الأرض وقرب وجهات النظر.
نتائج إيجابية

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، هناك نتائج إيجابية تحققت رغم التغيرات على الأرض، من بينها زيارة بايدن إلى المنطقة وخطة التطبيع مع الكيان الصهيوني التي يسعى لها، والتي يمكن أن تؤثر على تلك النتائج، لكن بشكل عام، هناك إنجازات على الأرض، حيث تم حل الكثير من المشاكل التي كانت عالقة بين الجانبين، اتضح ذلك من خلال تسريبات وزارة الخارجية الإيرانية.

وتابع المحلل السياسي، في تصوري أن تلك الزيارة هى استكمال للسعي السابق في ملف المصالحة والذي قام به العراق، وأرى أن تحقيق إنجاز على الأرض من خلال إعادة العلاقات بين البلدين في المستقبل القريب، هو أحد أهم تلك الانجازات التي تسعى بغداد من أجلها ولتقريب وجهات النظر بين إيران والسعودية.
نقاط عالقة

وأشار رويوران إلى أن، هناك لقاءات تمت بين مسؤولي البعثة الإيرانية ووزير الحج مع المسؤولين السعوديين، وكان هناك استقبال جيد للمسؤولين الإيرانيين من قبل السعودية، وهذا الأمر قد يكون له تأثير في تغيير وجهات النظر السلبية والإسقاطات الذهنية.

لكنه أشار إلى أنه لا يتصور أن مسؤولي الحج يمكن أن يؤثروا كثيرا على بناء العلاقات مع الدول هو مسؤولية وزارة الخارجية وليس وزارة الحج، وزارة الحج يمكن أن تعكس بصورة ما بعض النقاط المعلقة بين إيران والسعودية، من بينها ملف اليمن في ظل سريان الهدنة والوقف الحالي لإطلاق النار، هذا الأمر يأتي على خلفية أساسية، وهي أن إيران ساعدت على إيقاف الحرب لتوفير أرضية لحل تلك الأزمة المستعصية وبالتالي خروج السعودية من هذا المأزق السياسي الذي وقعت فيه.

سباق ماراثوني
في المقابل، أكد المحلل السياسي السعودي، الدكتور عبد الله العساف، على أن المفاوضات السعودية مع إيران هي مفاوضات “ماراثونية” طويلة جدا، ويرجع ذلك إلى أمرين أولهما، هو طبيعة النظام الصفوي في إيران والعقلية الصلبة التي لا يمكن التفاهم أو التفاوض معها بسهولة. الأمر الآخر أن القضايا الخلافية اليوم بين الرياض وطهران هي قضايا ثقيلة، ليست قضايا حدود على سبيل المثال يمكن أن يتنازل كل طرف عن جزء من أجل إنهاء الخلاف.
الخلاف الأمني

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن الموضوع الخلافي بين الطرفين وخصوصا الرياض هو موضوع أمني، حيث تحتل إيران اليوم 4 عواصم عربية، كما أن القضية تتعلق أيضا بالعقيدة وتصدير الثورة والإرهاب، والتبني والدعم الإيراني للمليشيات الإرهابية من حزب الله للمليشيات والحشد الشعبي بالإضافة إلى الحوثيين، كل هذه أمور لا نعتقد أنها سوف تحل بسهولة، لذا فإن التقارب وإن بدا قريبا اليوم، إلا أننا نعتقد أن الأمر صعب جدا، رغم وصول دبلوماسيين من العاملين في منظمة المؤتمر الإسلامي وغيرها إلى جدة، لكن الأمر ليس بالسهولة التي يتخيلها البعض، الأمر صعب جدا ويحتاج إلى وقت طويل للتفاوض والتقارب، ولا يمكن قراءة هذا التقارب ما لم يتم اللقاء سواء في الرياض أو طهران بين وزيري خارجية البلدين.

مرحلة التطبيع

واستبعد العساف أن تصل الأوضاع بين البلدين إلى مرحلة التطبيع الكامل في تلك المرحلة، بل يمكن أن تحدث تحولات و تقاربات إقليمية يكون لها تأثير على العلاقات السعودية – الإيرانية تصل بالطرفين إلى مرحلة التهدئة وليس التطبيع، حيث تجيد إيران التعامل مع المواقف والعواصف السياسية وتنحني لها كي تمر.
رسائل إلى إيران

وفيما يتعلق بزيارة الكاظمي والوساطة العراقية بين البلدين وما إذا كانت زيارة رئيس الحكومة العراقية إلى السعودية ثم إيران تأتي ضمن مساعي حل الخلافات أم أنها لإيصال رسائل إلى طهران، يقول، الدكتور قحطان الخفاجي، نائب رئيس لجنة العلوم السياسية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات، إن زيارات مصطفى الكاظمي للرياض ثم إلى طهران، أعتقد أن الزيارة لا تتعلق بتقريب وجهات النظر بين السعودية وإيران، وبمتابعة دقيقة للأوضاع، نجد أن هناك زيارات قام بها ولي العهد السعودي إلى أطراف إقليمية عربية وغير عربية، تأتي ضمن حراك جديد للولايات المتحدة الأمريكية تجاه المنطقة بشكل عام والسعودية بشكل خاص.

ضغط أمريكي
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، ومن وجهه نظرنا أن زيارة الكاظمي إلى طهران في هذا التوقيت تحمل رسالة من المجتمع الدولي وأمريكا تجاه إيران وحكامها، لإنهاء وضع الهيمنة الإيرانية على الشأن العراقي، وإنهاء فاعلية أطرافها من الجماعات المسلحة الموالية لها، ونعتقد أن هذا الأمر هو بداية لفعل كبير إذا لم تأخذ إيران بهذا التحذير وتنهي وجود فصائلها المسلحة، وهذا الأمر هو ترتيبة قادمة من وجهة نظرنا لوضع جديد يكون فيه العراق بعيدا عن إيران، إذا الزيارة للضغط على إيران لتغيير سلوكها وليس للتقريب بينها وبين الرياض كما يتحدث الإعلام الرسمي.

في وقت سابق اليوم، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، إن “إيران والعراق يؤكدان على ضرورة دعم السلام والاستقرار في المنطقة من خلال عمل مشترك بين قادتها”.

وأضاف رئيسي، في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، “نرحب بالحوار بين دول المنطقة من أجل إيجاد حلول للمشاكل”. مؤكدا أن “التدخل الأجنبي لا يحل المشاكل في المنطقة بل يزيدها”، وذلك حسب وكالة “تسنيم” الإيرانية.

وذكر أن “خطوات الكيان الصهيوني من أجل تطبيع علاقاته مع بعض دول المنطقة لن تجلب له الأمن على الإطلاق”.

كانت وكالة الأنباء العراقية قد أفادت، ليل السبت/الأحد، أن رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، بحث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان العلاقات الثنائية بين البلدين والتعاون الاقتصادي.
وأشارت الوكالة العراقية إلى أن الزعيمين أكدا على الدور البارز للعراق في تقريب وجهات النظر بالمنطقة.

وبحسب الوكالة، جرى خلال لقاء الكاظمي ومحمد بن سلمان التباحث في العلاقات الثنائية بين البلدين، وأهمية تطويرها وبما يحقق مصالح شعبي البلدين.

وتطرق الجانبان إلى مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وجهود ترسيخ السلام والتهدئة في المنطقة، وفقا لوكالة الأنباء العراقية.

ونوه بأن “اللقاء شهد التأكيد على تدعيم التكامل الاقتصادي، والتعاون البيني بما يعزّز التنمية المستدامة في المنطقة، ويقوّي الجهود الثنائية لمواجهة الأزمات الاقتصادية”.

وأكد الطرفان، بحسب البيان، على الدور البارز للعراق في تقريب وجهات النظر في المنطقة، والدفع بجهود التهدئة والحوارات البنّاءة إلى الأمام.

كان ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، استقبل السبت، رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي في مدينة جدة السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى