الجريمة فى الشارع المصري.. الأسباب والحلول – بقلم: د. عبد الرحمن أمين

د. عبد الرحمن أمين

الإثنين الدامى يوما لن ينساة العديد والعديد من محافظات مصر، وهو اليوم الذى شهد فاجعة مقتل نيرة أشرف طالبة جامعة المنصورة على يد زميلها بالجامعة عقب رفضها الزواج منه، وقيامه بقتلها بوحشية وقام بذبحها على مرأى ومسمع الجميع أمام بوابة الجامعة لتلقى مصرعها فى الحال ويتم القبض عليه.

 ولم يفق الجميع من تلك الصدمة حتى تفاجئ الجميع بحادثة أشد قسوة وهو إنتحار أحد الأشخاص قفزا من أعلى برج القاهرة ليسقط جثة هامدة وسط ذهول الجميع.

 وعندما أشارت عقارب الساعة إلى الواحدة صباحا إنتشرت الإستغاثات عبر وسائل التواصل الإجتماعى الفيس بوك للتنبية على إنقاذ شخص يدعى مصطفى توكل من المنصورة عقب قيامة بنشر بوست يؤكد فيه انه فى طريقة للإنتحار وقام بالقفز بسيارته من أعلى كوبرى الجامعة بالمنصورة ليلقى مصرعة هو الأخر.

فمن قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن قتل نفسه بدعوى حرية التصرف فهو قاتل وقد ازهق حياة ليست من حقه.

ففي ساعات مبكرة من الليل أو قطع من النهار الوجيز طالعتنا مواقع التواصل الاجتماعي بانتحار شابين الإنتحار جريمة أم سلوك؟

الإنتحار بات ظاهرة تهدد أمن وسلامة المجتمع لكونه غدا متداول بشكل ملفت للنظر والأمر يحتاج الي إعادة مراجعة علي كافة المستويات عندما يكون مجتمع معظم شريحته العمرية من الشباب وتصير معظم حالات الإنتحار من نفس الشريحة العمرية فان الأمر يحتاج الي وقفة أخلاقية لتربية الأبناء علي التسليم بقضاء الله وقدره والسعي الدؤوب نحو العمل وشغل اوقات الفراغ والتمسك بخلق اللين والتحلي بالمرونة والبعد عن كل ما هو فاسد علينا أن نعلم أولادنا منذ الصغر ان حياتك مسئولية وأمانة وان ما تسعي اليه يتحقق لكن بالصبر

علموا أولادكم ان الحياة تعب وسعي ومتعة خالقة وان ازهاق نفس يعني ضياع مجتمع علموا أولادكم ان ضياع هدف ليس معناه ضياع الحياة إنما هو بداية لهدف جديد قد يكون أفضل الف مرة مما ضاع ان لحظات اليأس عندما تتملك المرء إنما تدفعه دفعا نحو التخلص من حياته وهو يظن انه يرتاح ايها الحالم المستهتر، إنما هي بداية عذاب لن ينتهي لك ولمن تركتهم خلفك علموا اولادكم في البيت، في المدرسة، في المسجد، في الكنيسة، في كل ركن من أركان المجتمع، ان جودة الحياة تعني جودة التماسك والتعايش مع المها.

و بينما كل شخص منا يغدوا ويسعي ويجتهد سعيا وراء عيش كريم أو حفظا من سطوة زمن لئيم اذا بخبر ينزل كالصاعقة المدوية شاب ينحر، زميلته علي مرأي ومسمع من الجميع في الحقيقة لن اتكلم بسخط أو اخرج غضبي الذي اظنه كالبركان لكني سوف اتحلي بالهدوء من أجل تقديم وجهة نظر تربوية واكاديمية حول الحادث.

في البداية أود أن اتسائل مع حضراتكم ما السبب وراء حدوث تلك الجريمة؟ هل ضعف البنيان األخالقي وفساد التربية؟ ام غياب الوعي والمسؤولية؟ ام كلاهما معا؟

اسمحوا لي أن اقول من أمن العقاب اساء الأدب لقد امتلئت الشوارع بالبلطجة الممنهجة وأصبح المحترم جبان وأصبح التجاوز فهلوة وأصبحت الأخلاق في علب التحنيط.

وما يحدث هو ناقوس خطر دق الأبواب من خلال ما هو فاسد وتغذية وكل ما هو غريزي ومنحط البداية كلمة تم السكوت عنها بدعوى الهزار، فتحولت الي عادة وسلوك ممقوت البداية صفعة صغيرة، وتانيب ضمير لم يحدث قط في انخفاض معامل الأخلاق قياسا إلى معامل التجاوز والإستهتار.

 البداية كانت بالسماح لمثل هذا النموذج ان يكون ردفا لأبنتنا الشهيدة أمام مرأى الجميع فلم يعيروا بكلام أو مواجهة وهو مقيد بالجنوح وسوء الأدب.

 البداية عندما أصبحنا نبرر الخطأ اكثر مما نقدم علي فعل الخير البداية كلمات متناثرة من هنا ومن هناك اجتمعت لتؤسس قاموس من البلطجة وفرد الصدر وكسر الذراع وعند الترويع تستمع لموسيقي المهرجانات فتغرق في عالم من الهواجس والخيالات المتطرفة.

 البداية كانت عندما غرق الوالدين في أحلام السعى وراء لقمة العيش ونسوا ان تربية الجسد بدون أخلاق وبالا علي صاحبة وعلي مجتمعه فصرنا أجسادنا تفتقر الي العقول إلا من رحم ربي.

 البداية كانت لما وقف ابن الثلاث سنوات يتبجح ونظنها خفة ظل، وابن السبع سنوات يلطم أخاه ونظنه صغير، وابن العشر سنوات يرسل خطابات عشق لزميلته في المدرسة، ونظنها شقاوة أطفال، وابن السابعة عشر يقتل زميله الذر أخذته النخوة دفاعا عن شرف زميلته ونحكم عليه أنه مازال طفل.

 البداية تصدع بركاني في جسدنا احرقت أنفسنا الطيبة ولم يتبق الا نفسها فالنفس إمارة بالسوء تلهث وراء ما يشبع هواها حتى وان كان مخالفات للشرع والدين ونواميس الكون البداية انا وانت البداية كل المجتمع.

 البداية صحوة ضمير وجمال خلق وطيب معشر وأدب اختلاف وروعة حوار ولو بقي ردء لكان التواضع وعدم التعالي وخفض الجناح.

 البداية غرس يروي بماء الالتزام ويراعي بأدب الود والأحترام الغرو من عازف يتجاوز اللحن، فيبدوا شاذا فيستبعد ويكون لقد غابت أنفسنا فغابت أخلاقنا، فأصبح سلوكنا مشين.

 فالبداية ليست كلمات وإنما تربية الوعي ومنجاة من هلاك محقق اصنعوا الورود من اخلاقكم والبسوا حلل الضمير، واجعلوا الكلمة عهد، واجعلوا مواثيقكم وعد والا تنسوا الفضل بينكم أيتها الرحمة الساكنة في بعض ذرات من شغاف القلوب تغمدي كل ضحايا التخلف الأخلاقى بالرحمة.

  • الأستاذ الدكتور عبد الرحمن أمين.. أستاذ تربويات العلوم النفسية والإجتماعية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى