المحكمة الاهلية لم تعد أثرا بعد عين.. بقلم: عادل سيف

 

عادل سيف

بعد ثلاثة أشهر من هدم مبنى المحكمة الأهلية بشارع غيط النوبي في منطقة الرويعي حتى سطح الارض، وهو واحد من أقدم مباني المحاكم الاهلية في مصر ولم يعد يتبق منه حاليا الا الجزء الأكبر من سوره وبوابته الحديدية، نزعت منذ حوالي أسبوعين لوحة المحكمة الي كانت تعلو البوابة والعائد تاريخها كما هو مسجل عليها الى عام 1830، وبذلك ازيلت أخر بصمة للمبنى العريق الذي صمد لمدة 192 عاما تمهيدا لهدم السور حتى لم يعد المبنى ينال حظوة وصفه بأنه “أثر بعد عين”.

يعود خلفية تاريخ إنشاء المبنى إلى عهد محمد علي باشا عندما سعى إلى إدخال المحاكم المدنية لتعمل إلى جانب المحاكم الشرعية التي كانت لا تتواكب مع النظر في النزاعات والخلافات الناتجة عن المستحدثات التي أدخلت في عصره، لذا طلب من رفاعة الطهطاوي ترجمة للقانون المدني الفرنسي للاستعانة به في اصدار حكام القضايا المدنية، وترافق مع ذلك إصدار لوائح وقرارات كانت أقرب للقوانين لمعالجة مشاكل عامة كانت تطرأ من حين لأخر.

وظل المبنى يعمل مسايرا كافة تطورات القضاء المصري حتى ثمانينيات القرن العشرين، وكان يعمل وقتها تحت مسمى محكمة الموسكي وباب الشعرية لتنقل المحكمتين الى مباني أخرى وظل بعده المبنى مهجورا مهملا ليتعرض لانتهاكات لسرقة ابوابه وشبابيكه وكراسي ودكك قاعاته حتى القمامة كانت تلقى فيه، وتسبب ذلك في اشتعال حرائق عدة مرات، إلى أن تم هدمة مع كامل المباني المرافقة له من أماكن احتجاز المتهمين وحفظ الاحراز ملفات القضايا ومكاتب انتظار أعضاء السلك القضائي في فبراير 2022، وأخيرا نزعت لوحته في نهاية مايو 2022.

غير معلوم من نزع اللوحة والتي يبدو من سلامة مكانها بعد نزعها ان العملية تمت بعناية وحرص مما يدل على ان من نزعها يعرف تماما قيمتها، ربما تكون جهة رسمية نزعتها تمهيدا لعرضها في أحد المتاحف وهذا ما نأمله، وربما سرقت وهذا محتمل وحدث مع آثار تعود لمئات وآلاف السنين.

لوحة المحكمة (تصوير: محمد نور الدين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى