لغز “تجميد” قانون المحليات في البرلمان !
بقلم- سيد على
لايزال قانون المحليات نائما في لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، وفيما يبدو بأن اللجنة غير متعجلة لمناقشته أو قراره من البرلمان رغم مرور السنوات الخمس الانتقالية التي أقرها دستور ٢٠١٤ في المادة 242 منه على استمرار العمل بنظام الإدارة المحلية القائم إلى أن يتم تطبيق النظام المنصوص عليه فى الدستور بالتدريج خلال خمس سنوات من تاريخ نفاذه ( 14 يناير 2019 )، وبالتالى أصبح من الضرورى إصدار قانون جديد للإدارة المحلية يتوافق مع الدستور من ناحية، ويستجيب للتطورات المعاصرة من ناحية أخرى.
ورغم مرور كل السنوات الانتقالية ورغم الوعود المتكررة بإقرار القانون لإجراء الانتخابات، ورغم الحاجة الملحة للمجالس المحلية فإن الأمر برمته فيما يبدو ليس علي أجندة الحوار، خاصة أن قانون الهيئات الوطنية للانتخابات ما زال قيد الدراسة، وعلي الرغم من اختتام لجنة الإدارة المحلية جلسات الحوار التي عقدتها بشأن المشروع، إلا أنها تستعد لعقد سلسلة من الاجتماعات، لحسم عدد من النقاط الخلافية لإقرار القانون بشكل نهائي..
مثل التقسيم الإداري المنضبط والموارد المالية والحساب الموحد، وإعادة النظر في سلطة التعيين بالنسبة للسكرتير العام والمساعد ورؤساء الأحياء والقرى والمراكز، وزيادة الأعداد المرتبطة بأعضاء المجالس المحلية المنتخبة، وكل تلك النقاط لم يتم حسمها من اللجنة لذلك فهناك فترة حتى يتم عرض القانون للمناقشة ثم للتصويت لإقراره ورغم ذلك فإن لغز التأجيل يكمن في كيفية تطبيق نصوص الدستور المعقدة، والتي تحتاج إلي عالم وليس ناخب لاختيار المرشحين..
تعديل دستورى
وهناك استحالة في استكمال الشرط الانتخابي الخاص بتمثيل الفئات المختلفة في الدستور ونسبها فهناك حصص دستورية نص عليها الدستور المصري في المادة 180 لا يمكن الالتزام بها إلا عبر نظام القائمة المطلقة، ويجب تخصص ثلثي العدد الإجمالي من كل دائرة انتخابية للقائمة المطلقة المغلقة وإلزام مقدمي القوائم بأن تتضمن كل الحصص الانتخابية التي نص عليها الدستور: بأن يكون ربع العدد الإجمالي للدائرة للشباب وربعها للمرأة ونصفها للعمال والفلاحين على أن يمثل من بينهم المسيحيون وذوو الإعاقة تمثيلًا بمترشح أصلي واحد بكل قائمة مطلقة ومترشح أصلي واحد على الأقل بكل قائمة يزيد عددها على اثني عشر مترشحاَ أصليًّا لذوي الإعاقة.
وهذا يحتاج إلى تعديل دستوري لم يلتفت إليه أحد في التعديلات التي جرت مؤخرا وقد أدى ذلك بالفعل إلى إثارة العديد من التساؤلات والشكوك من جانب القوى السياسية والمدنية، بمن في ذلك أعضاء البرلمان حول مدى الجدية في أن يكون هناك قانون جديد للإدارة المحلية، حتى يتسنى إجراء الانتخابات المحلية لتشكيل المجالس المحلية التى مضى على حلها أكثر من ١١سنة، دون أن تكون هناك مجالس بديلة لها أو حتى مجالس مؤقتة تتولى القيام بدورها إلى حين انتخاب مجالس جديدة، وهو ما جرى عليه الوضع فى جميع الدول في حالة حل المجالس المحلية.
إعداد القانون الجديد
وإلى جانب ما سبق، اقتصر إعداد مشروع القانون، سواء من جانب الحكومة أو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب على فئة قليلة ومحدودة. وكان الأفضل بالنسبة لمشروع قانون يدخل فى نطاق اهتمام العديد من الوزارات والمواطنين أن تكون هناك لجنة تمثل الأساتذة والخبراء ومنظمات المجتمع المدنى والأحزاب والقوى السياسية الرئيسية يتم تشكيلها بعد أو قبيل صدور الدستور فى يناير 2014، لوضع تصور متفق عليه لقانون جديد للإدارة المحلية فى ضوء الدستور والتطورات والخبرات المعاصرة، وفى ضوء ما يناسب البيئة المصرية.
ولو حدث ذلك، لكان من الممكن صدور القانون حتى قبل تشكيل البرلمان، من خلال قرار بقانون، ولربما كنا إنتهينا من انتخاب المجالس المحلية منذ سنوات، لأن القانون في هذه الحالة كان سيحظى بقبول الأطراف المختلفة. ولكن ترتب على عدم تشكيل مثل هذه اللجنة قيام أحزاب التجمع، والوفد، والحرية بتقديم مشروع قانون، وعدم وجود توافق حول مشروع القانون المقدم من الحكومة. وقد أدى تعدد مشروعات القانون التى ناقشتها اللجنة إلى استهلاك الكثير من الوقت فى محاولة التوفيق بين مشروعات القانون الأربعة.