الشراكة الصناعية التكاملية بين الإمارات ومصر والأردن.. مكاسب بالجملة

لم تتوقف دولة الإمارات العربية المتحدة عند تحقيق التكامل الاقتصادي مع دول الجوار.

من خلال تلبية احتياجات الدول العربية وصولا إلى اقتصادات قادرة على مواجهات التحريات المتصاعدة.

وخلال وقت سابق، الأحد، أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة، أعمال مؤتمر للإعلان عن “الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة”، في العاصمة أبوظبي، وتجمع كلا من الأردن ومصر إلى جانب الإمارات.

وجاء إعلان الدكتور سلطان الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة بدولة الإمارات عن استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار في إطار شراكة صناعية مع مصر والأردن، ليعزز توجهات الدولة نحو تحفيز اقتصادات الجوار.

وقال الجابر: “تماشياً مع توجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، ستخصص القابضة ADQ صندوقا استثماريا بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمار في المشاريع المنبثقة عن هذه الشراكة في القطاعات المتفق عليها”.

ماذا يعني الإعلان؟
ترى دولة الإمارات أن العنصر المالي يعتبر أحد أهم التحديات التي تواجه الاقتصادات العربية غير النفطية، في وقت تتوفر فيها مختلف أسباب النجاح، من أيدي عاملة ماهرة، وبيئة عمل جاذبة، وقدرة على مواكبة تطورات الصناعة.

ولدى كل من مصر والأردن، تجارب صناعية ناجحة، تمكنت خلال من تحقيق نمو في قطاع الصادرات، إذ يتجاوز عدد الدول المستقبلة للصناعات المصرية، حاجز 100 دولة حول العالم، وأكبر من 90 دولة لدى الأردن.

المسألة الأخرى، أن دولة الإمارات تعي أهمية توفير السيولة النقدية لكل من الأردن ومصر، اللتين تضررتا من التبعات المالية السلبية لجائحة كورونا، فكان الإعلان عن تخصيص 10 مليارات دولار في القطاع الصناعي، ليمثل أهم خطة تعاف في البلدين.

المسألة الثالثة من الإعلان، أن دولة الإمارات آمنت بأهمية تحقيق التكاملية في وقت تتخذ دول العالم خاصة المتقدمة منها، مبدأ الانعزالية الحمائية التجارية، بالتزامن مع الأزمة الروسية الأوكرانية، وأزمات سلاسل الإمدادات.

كذلك، تدرك دولة الإمارات بأهمية المواقع الجغرافية لكل من مصر والأردن، كنقطتي التقاء لقارات آسيا وإفريقيا وأوروبا، ومن خلال هذه الشراكات الصناعية، تمتد أدوات الدولة الاستثمارية لتحقيق عوائد مشتركة تحقيقا لمبدأ “رابح – رابح”.

بذلك، تكون الدول الثلاثة قد نجحت في بناء نموذج اقتصادي ملهم لاقتصادات أخرى، قد تجد لها حيزا في هذه الشراكة، لبناء طريق حرير عربي ممتد، وقادر على تحقيق الازدهار الاقتصادي المشترك.

وجاء قرار دولة الإمارات باستثمار 10 مليارات دولار جديد في كل من مصر والأردن، ضمن مساعيها زيادة حصة الاقتصاد غير النفطي، ومصدرا هاما للعائدات غير النفطية خلال السنوات المقبلة.

وأكد وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة سلطان الجابر حرص دولة الإمارات على تطوير العلاقات الاستراتيجية مع كل من الجانبين المصري والأردني بما يمكنها من تعزيز التنمية المستدامة في الدول الثلاث ولضمان الأمن والأمان، والاستقرار والازدهار مع أهمية القطاع الصناعي الاستراتيجي استناداً للمقومات التي تملكها الدول الثلاثة في هذا المجال وتماشياً مع رؤية وتوجيهات القيادة العليا في الدول الثلاث وعلاقات أخوية تاريخية تجمعنا على كل المستويات وفي جميع القطاعات مع الأشقاء في الأردن ومصر.

وأشار الجابر إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للدول الثلاث بلغ حوالي 765 مليار دولار وفق البنك الدولي لعام 2019 مع امتلاك طاقات شابة تفوق الـ 60 مليون نسمة إلى جانب بنية تحتية متطورة عالمية المستوى، مثل قناة السويس التي يمر منها حوالي 13% من تجارة العالم، وعدد من أكبر الموانئ التجارية مثل: جبل علي، وميناء خليفة، وميناء العقبة، إلى جانب كم كبير من الموارد المهمة من النفط والغاز، والطاقة المتجددة، والمعادن كالذهب في مصر، والفوسفات في الأردن، ورمال السيليكا وغيرها.

وأضاف بالتطلع من خلال هذه الشراكة إلى تقديم نموذج جديد للتكامل والتعاون، وللشراكات النوعية مع الأشقاء في العالم العربي، والأصدقاء في مختلف دول العالم مع التركيز على الاستمرار في بناء شراكات استراتيجية طويلة المدى تسهم في تعزيز الاستقرار، ودعم جهود النمو والتقدم.. وتحقيق الازدهار الاقتصادي، والاجتماعي، وتسخير القدرات والإمكانات.

وتطرق الجابر إلى العديد من المقومات التي تتمتع بها الدول الثلاث من وجود منظومة تشريعية وقانونية داعمة، وإمكانات تمويلية، وكذلك تحظى بالمصداقية والموثوقية في المجتمع الدولي إلى جانب العمالة الماهرة ووفرة المواد الخام والموقع الجغرافي الاستراتيجي وحجم السوق الاستهلاكية الكبيرة، والعديد غيرها من المزايا المهمة التي سيؤدي التكامل بينها، والاستثمار فيها، إلى تحقيق الهدف بتسريع التنمية الصناعية.

وتابع بأن إطلاق هذه الشراكة يعكس حرصنا جميعاً على إقامة شراكاتٍ تنموية بنّاءة، تستفيد من مجالات التكامل بين المزايا والخبرات، والإمكانات والقدرات لكل من الدول المشاركة… وتعزز التقدم نحو الاكتفاء الذاتي، وضمان الأمن الغذائي والصحي.

كما ستؤدي الشراكة الطموحة إلى إتاحة فرص صناعية ذات قيمة اقتصادية مضافة تُقَدَّر بمليارات الدولارات.. وتطوير المزيد من المشاريع الصناعية المشتركة في المستقبل.

وحدد العديد من القطاعات ذات الأولوية التي ستستفيد بشكل مباشر من الشراكة بمقدمتها الأدوية، والزراعة والأغذية، والبتروكيماويات، والمعادن، والمنسوجات، وغيرها مستعرضاً عدداً من مؤشرات النمو ففي مجال الزراعة والغذاء، فهناك فرصة لزيادة إنتاج القمح والذرة في الدول الثلاث من 16.5 مليون طن إلى حوالي 30 مليون طن سنوياً.

كما يتيح قطاع المعادن وتحديداً الألومنيوم والحديد والسيليكا والبوتاس فرصاً لمشاريع بقيمة 23 مليار دولار من خلال تصنيع منتجات عالية القيمة، مثل: الزجاج، والأسلاك الكهربائية، ومكونات السيارات، وألواح الطاقة الشمسية.

تعزيز الأمن الغذائي والدوائي
من جهتها أكدت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة أن مبادرة الشراكة الصناعية بين مصر والإمارات والأردن تستهدف تعزيز الأمن الغذائي والدوائي وتحقيق التعاون والتكامل المشترك في مجالات الصناعة والاستثمار وسلاسل التوريد والزراعة والأسمدة والمنسوجات والمعادن والبتروكيماويات، مشيرة إلى أن المبادرة تستهدف أيضاً البناء على العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الاستراتيجية بين الدول الثلاث وترجمتها لمشروعات تعاون ملموسة تصب في مصلحة اقتصاديات الدول الثلاث وشعوبها الشقيقة.

وقالت الوزيرة إن المبادرة تسهم في استكشاف فرص ومقومات الشراكة والاستثمار في عدد كبير من المجالات الحيوية ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن تعظيم الاستفادة من المقومات الصناعية والمزايا التنافسية للدول الثلاث.

وأشارت جامع إلى أن المبادرة تستهدف تطوير صناعات مشتركة قادرة على المنافسة بالأسواق الإقليمية والعالمية من خلال تعزيز الاستثمار في القطاعات التكاملية والمساهمة في تكامل سلاسل التوريد وتحسين الأمن الاقتصادي للدول الثلاث، لافتةً إلى أن المبادرة ترتكز على الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة واستخدام الموارد الطبيعية وخلق اقتصاد دائري وذلك في إطار الالتزامات الدولية الخاصة بالمناخ.

ولفتت وزيرة التجارة والصناعة إلى أن أهم أهداف المبادرة تتضمن تحقيق تكامل سلاسل الإنتاج في مجال الأمن الغذائي بدءاً من زراعة المحاصيل ومشروعات تسمين الثروة الحيوانية والمشروعات الصناعية القائمة على الحبوب والمنتجات الحيوانية ووصولاً إلى مشروعات التعبئة والتغليف وذلك من خلال الاستفادة من المقومات الكبيرة للدول الثلاث لتنمية قطاعات الزراعة وإنتاج الأسمدة، وكذا تنمية مشروعات التعاون المشترك في مجالات الأمن الدوائي واستغلال مقومات توافر الكوادر المؤهلة والمدخلات التصنيعية وحجم السوق الكبير ، مشيرة إلى أن المبادرة تستهدف أيضاً التعاون في مجالات صناعة الغزل والنسيج والصناعات المعدنية وصناعة البتروكيماويات.

دعم القطاع الخاص
وفي هذا الإطار أكدت جامع التزام الدول الثلاث بتقديم الدعم اللازم للقطاع الخاص في كل من مصر والإمارات والأردن لتنفيذ مشروعات التعاون المقترحة من خلال تيسير إجراءات ممارسة الأعمال وإزالة أي تحديات تقف حائلاً أمام تدفق رؤوس الأموال وانسياب حركة التجارة البينية.

وأضافت الوزيرة أنه بموجب هذه المبادرة فقد تم الاتفاق على إنشاء لجنة عليا ثلاثية للشراكة برئاسة وزراء الصناعة بالدول الثلاث، بالإضافة إلى لجنة تنفيذية مكونة من وكلاء الوزارات المعنية، حيث ستعمل هذه اللجان مع القطاع الخاص لتسريع وتيرة الفرص ذات الجدوى الاقتصادية، وستنسق اللجنة مجموعة المشاركين من القطاع الخاص ومسارات العمل المطلوبة لتحقيق أهداف هذه الشراكات، لافتةً إلى أن اللجنة ستتولى اللجنة أيضاً مراجعة التقدم المحقق وتسهيل التعاون والإشراف عليه والنظر في قطاعات ومشاريع إضافية للشراكة الاقتصادية الاستراتيجية بين الدول الثلاث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى