إيكونوميست: مقتل شيرين أبوعاقلة قد يُطيح بالحكومة الإسرائيلية
وكالات – القاهرة:
7 طلقات ترن.. يتسلل المصور ليظهر امرأة بسترة واقية مكتوب عليها “صحافة” على الأرض، ورجل يحاول مساعدتها، لكنه يتراجع بعد طلقة أخرى.
وعندما ينجح في النهاية في رفع جسدها الضعيف، يتضح أنها لم تكن تستجيب، واحدة من أشهر الوجوه الإعلامية تحولت إلى جسد دموي محطم.
هكذا لخصت مجلة “إيكونوميست” البريطانية، اللحظات الأخيرة للصحفية الفلسطينية “شيرين أبوعاقلة”، لافتة إلى أن مقتلها قد يطيح بالحكومة الإسرائيلية.
تقرير المجلة، الذي حمل عنوان “موت في جنين.. قُتلت شيرين أبوعاقلة وهي تغطي مداهمة إسرائيلية”، قال إن الصحفية التي غطت النزاع الإسرائيلي الفلسطيني باتت آخر ضحاياه، لافتا إلى أن “اللحظات الأخيرة من حياة شيرين مثل حياتها، سجلتها لقطات إخبارية صارخة”.
وقُتلت “شيرين” عندما كانت في جنين بالضفة الغربية لتغطية اقتحام إسرائيلي للمدينة، وأفاد شهود العيان ووزارة الصحة الفلسطينية بأن الجنود الإسرائيليين هم الذين أطلقوا النار عليها.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي “نفتالي بينيت”، إن “شيرين” قُتلت “على الأرجح” برصاص مسلح فلسطيني.
ولتقديم أدلة على ذلك، شاركت وزارة خارجيته لقطة من 15 ثانية، أظهرت مُقنعاً يطلق النار في زقاق.
ولم تظهر اللقطة وقت ما الذي كان يصوب عليه، ولاحقاً، بدا وزير الدفاع “بيني جانتس” غير متأكد من هذه الرواية.
وقالت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “بيتسيلم”، إن اللقطة صُورت من على بعد 300 متر، بعيداً عن مكان سقوط “شيرين”.
فيما قال “علي السمودي”، زميل الصحفية الذي أصيب أيضاً، إنه لم يكن هناك أي من المسلحين الفلسطينيين قريباً منهما.
وقال “بينيت”، إن إطلاق النار “لم يكن قابلاً للسيطرة عليه”.
وفي سلسلة لقطات، سُمع صوت وابل من الرصاص بعيداً، لكن الطلقات التي صوبت على الصحفيين كانت أعلى صوتاً وتحت السيطرة، وانطلقت من بندقية واحدة.
وكانت “هآرتس” قالت، في وقت سابق، إن تحقيقا أوليا أجراه جيش الاحتلال أظهر أن “شيرين” كانت، لحظة مقتلها في مخيم جنين، تقف على بعد 150 مترا فقط من وحدة خاصة إسرائيلية، والتي أطلقت عشرات الرصاصات في نفس التوقيت تقريبا.
وقالت الصحيفة إن التحقيق أظهر أن جنود “وحدة دوفدوفان” (وحدة عسكرية خاصة) أطلقوا بضع عشرات من الرصاصات خلال اقتحام جنين وقت مقتل الصحفية الفلسطينية-الأمريكية.
ووفقا للصحيفة، توقع التحقيق أن الرصاصة التي اخترقت رأس “شيرين” يبلغ قطرها 5.56 ملم، وأُطلقت من بندقية “إم 16″، الأمريكية الصنع.
ومن المعروف أن تلك البندقية تعد السلاح الرئيسي الأبرز للجنود الإسرائيليين، لكن بعض المقاومين الفلسطينيين يستخدمونها بشكل نادر.
ورفضت السلطات الفلسطينية، الخميس، طلبًا إسرائيليًا بفحص الرصاصة التي قتلت “شيرين”، ودعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي والأمم المتحدة وجهات أخرى لإجراء تحقيق فوري مستقل حول المسؤول عن مقتلها.
و”شيرين نصري أبوعاقلة”، صحفية وُلدت في القدس عام 1971، وكانت مراسلة صحفية فلسطينية تعمل مع شبكة “الجزيرة” الإعلامية، وتنحدر من عائلة مسيحية مشهورة في بيت لحم.
كما أنها واحدة من أشهر الصحفيات الفلسطينيات، وقال الكثير من المراسلين العرب خاصة الصحفيات، إنهن “تأثرن بها”.
ولأنها مقدسية مسيحية، كانت ذات حضور طاغ في الضفة الغربية، ما يعني رحلات متعددة إلى أماكن مثل جنين، التي نفذ فيها الجنود الإسرائيليون على مدى الأسابيع الستة الماضية سلسلة عمليات عسكرية ليلية لاعتقال فلسطينيين، ووقعت عمليتان في إسرائيل نفذهما شبان من محافظة جنين.
وقُتل منذ مارس 19 إسرائيلياً و30 فلسطينياً، وكانت “شيرين أبوعاقلة”، الثامنة التي تقتل في مخيم جنين.
وطليت جدران الأزقة بصور الأعلام الفلسطينية والشعارات المؤيدة لحركة الجهاد، التي تهيمن على مخيم جنين.
وتقول المجلة إن حادثة قتل “شيرين” ستهزّ الحكومة الائتلافية المكونة من 8 أحزاب في إسرائيل.
وفقدت الحكومة الغالبية في الكنيست في الشهر الماضي، عندما انشق عضو من حزب “بينيت”.
وكاد الحزب الإسلامي المحافظ القائمة العربية الموحدة بقيادة “منصور عباس”، أن يخرج من الحكومة بسبب المواجهات في المسجد الأقصى.
وقال “عباس”، إنه يرغب في البقاء في الائتلاف حتى يحقق بعض المكاسب للعرب داخل إسرائيل.
وفي 11 مايو، أكد أن حزبه لن يدعم تحركاً من المعارضة لحل الكنيست، لكن أحداثاً مثل مقتل “شيرين”، قد تجعل البقاء في الحكومة، أمراً صعباً عليه.