ما انعكاسات التقارب المصري المغربي على الأزمة الليبية والصحراء الغربية؟
كشفت مصادر سياسية ودبلوماسية مصرية ومغربية متطابقة أن الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى الرباط؛ ستثمر عن تقارب بين الرباط والقاهرة بشأن جملة من القضايا الإقليمية أبرزها قضية الصحراء الغربية.
وقالت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها لـ ”إرم نيوز“ إن ”خروج القاهرة عن حيادها المألوف تجاه قضية الصحراء أضحى مسألة وقت فقط، لا سيما بعد اعتراف دول أفريقية وعربية وغربية عدة بمغربية الصحراء“.
وأشارت المصادر إلى ”التقاء مواقف الرباط مع مواقف القاهرة في الأزمة الليبية والدور الذي يلعبه المغرب في ليبيا باعتباره بلدا محايدا ويتمتع بثقة كل الأطراف الليبية“، وفق تعبيرها.
وكان رئيس الحكومة الليبي المكلف من البرلمان فتحي باشاغا، قد أثنى على الجهود المبذولة من طرف مصر والمغرب لحل الأزمة الليبية.
وقال باشاغا بعد اجتماع لحكومته في مدينة درنة شرق ليبيا الثلاثاء إن ”حكومته تتطلع إلى مزيد من البيانات الداعمة إقليميا ودوليا“.
من جانبه، أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، في مؤتمر صحفي مع نظيره المصري سامح شكري، دعم الأمن المائي المصري.
فيما أكد شكري ”دعم بلاده للحل الأممي للصحراء الغربية“، مجددا كذلك ”دعم القاهرة لوحدة المملكة المغربية الترابية“.
”إعادة الزخم للعلاقات“
رأى مساعد وزير الخارجية المصري السابق، حسين هريدي، أن الزيارة التي قام بها شكري يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين للمغرب ”تعبّر عن رغبة مشتركة بين البلدين بإعادة الزخم إلى العلاقات المصرية المغربية“.
وأضاف هريدي في تصريح لـ“إرم نيوز“، أنه ”لعل مشاركة وزير الخارجية المغربي في مراسم افتتاح المقر الجديد للسفارة المصرية بالرباط يعكس روحا جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين“.
وأوضح أن بإمكان ”الدولتيْن، في حالة التنسيق والتشاور المنتظم، القدرة على تحريك الأمور في عدة ملفات عربية وشرق أوسطية وأفريقية، مع عدم إغفال التداعيات الإيجابية للتحرك المشترك على الأمن والاستقرار في شمال أفريقيا“.
وأكد هريدي أن ”عودة الأمور إلى مجاريها بين المغرب والجزائر ستوفر إطارا عربيا وإقليميا أرحب، ليس فقط للتعاون المصري المغربي وإنما لتعاون أشمل بين دول شمال أفريقيا“.
”الملف الليبي“
من جهته، قال المحلل السياسي المغربي حسن بلوان إن ”العلاقات المغربية المصرية قديمة واستراتيجية على مستوى المحيط العربي والإقليمي، وتتطور هذه العلاقة باستمرار بالنظر إلى تقارب وتوافق وجهات النظر في مجموعة من الملفات سواء في الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا“.
وأكد بلوان في تصريحات خاصة لـ ”إرم نيوز“ أن ”من بين أهم الملفات التي تعكس تطابق الرؤى بين مصر والمغرب الملف الليبي باعتباره عمقا استراتيجيا للبلدين خاصة مصر التي تشترك مع ليبيا في حدود مترامية“.
وأشار إلى ”الدور المركزي الذي تلعبه المملكة المغربية في تسوية النزاع الليبي الداخلي، لذلك كان لابد من تنسيق الجهود بين البلدين لتحقيق السلام والاستقرار في ليبيا“.
وبين أن ”مصر أعلنت بالتزامن مع زيارة الرئيس الجزائري إلى القاهرة عبر سفيرها في الرباط أن الجمهورية المصرية تناصر وتقف مع الوحدة الترابية للمملكة المغربية في أحدث وأقوى تصريح رسمي يصدر عن القاهرة“.
”أوضاع متأزمة“
بدوره، قال مدير المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا رشيد خشانة إن ”هذا التنسيق يأتي في ظل أوضاع متأزمه بالمنطقة، وبعد أنباء متواترة حول وجود برود في العلاقات بين مصر والجزائر، بخصوص أزمة الحكومتين في ليبيا“.
وأوضح خشانة في تصريحات أدلى بها لـ ”إرم نيوز“ أن ”مصر تدعم باشاغا، وخطوتها نحو المغرب تأتي في إطار مسار أزمتين الأولى الأزمة الأوكرانية الذي يختلف فيها الموقف الجزائري عن الموقف المغربي والمغاربي عموما والأزمة الليبية“.
واعتبر أنّ ”الرباط تعمل في المقابل على الحصول على ورقة اعتراف بمغربية الصحراء الغربية، لا سيما بعد التأييد اللافت الذي حصلت عليه الرباط من قبل عدة دول في موقفها إزاء القضية“.
”تحييد الجزائر“
وذهب الباحث في العلوم السياسية محمد أمين العاقل، إلى ”اعتبار أنّ أي تقارب مصري مغربي في علاقة بملفّي الصحراء الغربية وليبيا سيمثل خطوة إضافية للتوتر مع الجزائر التي تسعى إلى اعتماد سياسة براغماتية تمكنها من الاستفادة من الوضع الحالي وأساسا في مجال الطاقة“.
وأوضح العاقل في تصريحات لـ ”إرم نيوز“ أنّ ”الجزائر تسعى إلى استثمار تداعيات الحرب في أوكرانيا لتشكل مع ليبيا محورا بديلا للإمدادات الموجهة نحو أوروبا، وللدفع نحو ”افتكاك“ مشروع خط الأنابيب الأفريقي القادم من نيجيريا، بما يعزل المغرب في هذا المجال ويضعف موقفه دوليا وهو ما قد يؤثر على موقفه من ملف الصحراء وجهوده لحشد الدعم الدولي لرؤيته بشأن الحل الذي يطرحه“.
وأضاف أنّ ”التقارب مع مصر في هذا المجال هو سعي من المغرب إلى استثمار الثقل السياسي والاستراتيجي للقاهرة لتحييد الجزائر واستثمار حالة التذبذب القائمة في ليبيا لإعادة الزخم إلى دور الرباط المحتمل في حلحلة الأزمة هناك“.
وأشار إلى أن ذلك ”يمنحها القدرة على خلق التوازن مع الجزائر التي تستند إلى ملف الطاقة لاستعادة دورها الإقليمي“.