خلافات إيرانية خليجية حول الغاز.. والحشد الشعبي يدخل على خط الأزمة

تعتبر إيران أن أي اتفاق بين السعودية والكويت يستثنيها من استغلال وتطوير حقل غاز الدرة البحري، “اتفاق باطل”، وأن من حقها الاستفادة من موارد الحقل الذي يقع على حدودها البحرية المشتركة مع الكويت، وفق مسؤولين إيرانيين.

ومنذ اكتشافه عام 1967، ظل حقل الدرة ملفا خلافيا بين إيران والكويت التي لا تزال تتمسك بموقفها من عدم أحقية طهران بهذا الحقل، الذي يقع أيضا على الحدود البحرية المشتركة مع السعودية.

ويحتوي الحقل الذي تطلق عليه إيران اسم حقل “آرش”، على مخزون يُقدر بنحو تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، منها 200 مليار قدم مكعب قابلة للاستخراج الفوري، إضافة إلى أكثر من 310 ملايين برميل نفطي، وفق وكالة رويترز.

وحتى اليوم، فشلت جولات الحوار لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، ومنها جولة مباحثات عام 2000 التي حاولت إيران استغلالها لبدء عمليات تطوير الحقل واستخراج الغاز منه، لكن الكويت هددت آنذاك برفع دعوى قضائية أمام المحاكم الدولية، دفعت طهران للتوقف عن عمليات التطوير.

في ديسمبر/ كانون الأول 2019 وقعت الكويت والسعودية مذكرة تفاهم تقضي بالعمل المشترك بين البلدين عبر “شركة عمليات الخفجي المشتركة” لتطوير واستغلال الحقل المذكور.

وبدأ البلدان تنفيذ المذكرة بعد توصل الكويت والرياض في 21 مارس/ آذار الماضي إلى اتفاق بدء العمل باختيار شركات استشارية تقوم بإجراء الدراسات الهندسية اللازمة لتطوير الحقل، ووضع التصاميم الهندسية الأكثر كفاءة وفاعلية من الناحيتين الرأسمالية والتشغيلية.

وينص الاتفاق على إنتاج مليار قدم مكعب من الغاز و84 ألف برميل يوميا من المكثفات.

وشركة عمليات الخفجي المشتركة، هي مشروع مشترك بين شركة أرامكو السعودية والشركة الكويتية لنفط الخليج.

خلاف متواتر
وفي 26 مارس/أذار الماضي قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، إن أجزاءً من الحقل تقع داخل المياه الحدودية بين إيران والكويت، وإن بلاده تحتفظ بحق استغلال هذا الحق والاستثمار فيه.

وسبق أن أكد هذا الموقف، وزير النفط الإيراني “جواد أوجي”، الذي أعلن أن بلاده أجرت عمليات الاستكشاف والمسح الزلزالي في حقل آرش (الدرة) للغاز، وبدء الحفر قريباً في الحقل المشترك مع الكويت والسعودية.

ووفق بيان سعودي كويتي مشترك نشرته وكالة الأنباء السعودية “واس” في 13 أبريل/ نيسان الماضي، أكد البلدان أنهما “طرف تفاوضي واحد”.

ووجه البلدان دعوة لم تستجب لها إيران للتفاوض حول تعيين الحد الشرقي للمنطقة البحرية المشتركة بين البلدين، الكويت والسعودية.

ويؤكد البلدان (الكويت والسعودية) حقهما في استغلال الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة بمياه الخليج العربي، واستمرار تنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين في عام 2019، واتفاق 24 مارس 2022، لبدء العمل في استغلال حقل الدرة.

وجرى ذلك وفق ما تم الاتفاق عليه بين وزير النفط الكويتي عبد اللطيف الفارس ووزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان في مارس الماضي.

وعبرت الكويت على لسان وزير خارجيتها “أحمد الصباح” في 29 مارس/أذار الماضي، عن رفضها التصريحات الإيرانية التي هي “ليست طرفاً في حقل الدرة فهو حقل كويتي سعودي خالص”، على حد تعبيره.

وأكد “الصباح” أن “كلا من الكويت والسعودية لهما وحدهما حقوق خاصة في استغلال واستثمار هذا الحقل، وفق الاتفاقيات المبرمة بين الدولتين، ووفقاً للقانون الدولي وقواعد ترسيم الحدود البحرية”.

وتصر إيران على أن تطوير الحقل يجب أن يتم بالتنسيق بين الدول الثلاث.

ويعتقد نائب وزير النفط الإيراني أسد زاده، أن الاستخدام المشترك لحقل الغاز سيؤدي إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين إيران والكويت.

تدخل قوى عراقية موالية لإيران
وخلال الأيام الماضية، تصاعدت حدة التوترات بين العراق والكويت بعد تهديدات من أعضاء في مجلس النواب العراقي وقيادات في “الحشد الشعبي” والفصائل المسلحة الحليفة لإيران.

كما أن عددا من قنوات التيليغرام المقربة من هذه الفصائل المسلحة دعت صراحة لغزو الكويت.

ولم يتم تأكيد تسجيلات مصورة نشرتها مواقع مقربة من الفصائل المسلحة الحليفة لإيران أظهرت “مناورات” في المياه الإقليمية العراقية القريبة من الكويت لقوات بحرية، قالت تلك المواقع إنها تعود للفصائل المسلحة.

ويرى مراقبون أن تهديدات القوى الحليفة لإيران تأتي على خلفية استياء طهران من الموقف الكويتي السعودي المشترك الرافض للدعاوى الإيرانية بالأحقية في الاستغلال المشترك للحقل.

واستدعت الخارجية الكويتية سفير العراق لديها “منهل الصافي” في 27 أبريل/ نيسان الماضي، للاحتجاج على تهديدات وجهها النائب العراقي عن محافظة البصرة علاء الحيدري المقرب من تحالف الفتح الذي يرأسه الأمين العام لمنظمة “بدر” الحليفة لطهران “هادي العامري”.

وعبرت وزارة الخارجية عن رفض واستياء دولة الكويت لتلك التصريحات التي لا تعكس “متانة العلاقات الأخوية بين البلدين ولا تراعي مبادئ حسن الجوار”.

وكان النائب “الحيدري” طالب في تسجيل مصور نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، قوات الحشد الشعبي للانتشار في خور عبد الله بين جزيرتي بوبيان ووربة الكويتيتين وشبه جزيرة الفاو العراقية لحماية الصيادين العراقيين في مياه الخليج العربي، وهي منطقة بحرية لا تزال محط خلاف بين الكويت والعراق.

ووجه كلمة إلى خفر السواحل الكويتي قال فيها بلهجة غاضبة، “إلى خفر السواحل الكويتي إذا لم تتأدبوا فنحن سنؤدبكم بطريقتنا الخاصة”.

وأثار هذا التصريح ردود فعل ساخطة من عدد من أعضاء مجلس الأمة الكويتي، طالبوا فيها باستدعاء السفير العراقي ورفض مثل هذه التصريحات “العدائية”.

وتكررت حوادث إيقاف دوريات خفر السواحل الكويتية لزوارق عراقية بشكل متواصل لتجاوزها المياه الإقليمية الكويتية، وفق وسائل إعلام كويتية، منها احتجاز 25 صيادا عراقيا مع زوارقهم في شمال الخليج العربي أواخر الشهر الماضي.

ووفق وسائل إعلام عراقية، فإن قوات خفر السواحل الكويتية قتلت صيادا عراقيا، في سياق وصفته النائبة في مجلس النواب العراقي عالية نصيف بأنه يندرج في سلسلة من الاعتداءات المستمرة على الصيادين العراقيين.

واتهمت نصيف، السلطات الكويتية بأنها “من أعطت الضوء الأخضر لخفر السواحل لقتل أي صياد عراقي، حتى لو كان يتواجد في المياه الإقليمية العراقية، بهدف جعل المنطقة بالكامل تحت سيطرتهم، وبمرور الزمن سيوهمون الناس بأنها منطقة عائدة لهم”.

وطالبت النائبة العراقية رئيس الوزراء ووزير الخارجية بالإيعاز بطرد السفير الكويتي من العراق وقطع العلاقات الدبلوماسية ردا على ما وصفته بـ “العدوان”.

خلافات على تبعية المناطق
وما تزال الخلافات على تبعية بعض المناطق البحرية بين الكويت والعراق قائمة منذ عقود بعد فشل ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

وكان البلدان قد وقعا في العام 2012 على اتفاقية الخطة المشتركة لضمان سلامة الملاحة في خور عبد الله، لكن الخطة لم تنفذ، بينما يتبادل البلدان الاتهامات حول الفشل في تنفيذها.

وتعتقد الكويت أن تنفيذ الاتفاقية سيعزز سيادتها على مياهها الإقليمية ويتيح لها المزيد من فرص تطوير مناطقها الشمالية.

بينما يتحدث العراق عن محدودية منافذه المائية المؤدية للخليج العربي لتصدير نفطه وتوريد السلع والبضائع، وضحالة المياه في الجانب العراقي من خور عبد الله، ما يعيق وصول السفن إلى ميناء الفاو، المنفذ البحري الوحيد للعراق.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى