هل القدس مدينة لكل الأديان حقاً؟!
بقلم – عبد الله المجالي
حائط البراق الذي تسلل إليه اليهود تسللًا تقول الرواية التاريخية الموثقة بأن هذا الحائط لم يكن جزءًا من “الهيكل اليهودي” المزعوم.
حفر الاحتلال أنفاقا كثيرة تحت المسجد الأقصى ونزلوا عشرات الأمتار في طبقات الأرض ولم يجدوا أثرًا لما يسمونه “هيكل سليمان”.
اليهود موجودون في المدينة المقدسة بقوة السلاح فقط، لا بقوة الحق ولا بقوة الدين ولا بقوة التاريخ، وهم لا يمتلكون حقا ولا مقدسات ولا تاريخا هناك.
المقدسات الإسلامية والمقدسات المسيحية تملأ المدينة المقدسة، لكن لا شيئ يشير لأي مقدس لليهود أو الهيكل المزعوم فبأي منطق يكون لهم حق ديني في المدينة المقدسة؟!
* * *
استفزتني تصريحات مسؤولي الكيان الصهيوني عقب المواجهات التي شهدها المسجد الأقصى المبارك على مدار اليومين السابقين.
كانت هناك تصريحات مصممة وموجهة للجمهور العربي، وللأسف فقد تكفلت قناة الجزيرة بنقلها، وفحواها أن السلطات الإسرائيلية تريد أن يمارس المسلمون شعائرهم في المسجد الأقصى بكل أمان، لكن هناك حق للديانات الأخرى كذلك؟!
من هنا تتسلل الرواية الصهيونية الخبيثة؛ فهي الآن لا تنكر أن المسجد الأقصى هو مكان عبادة للمسلمين، وأن للمسلمين الحق في التواجد والصلاة فيه، لكن أيضا هناك حق لليهود فيه كذلك، فالمكان مقدس لدى جميع الديانات!!
للأسف فإن الجميع يأخذ الرواية الصهيونية كأنها من المسلمات، بل إن ما يعرف باتفاق “أبراهام” التطبيعي اعترف بذلك، وخطابات بعض الرسميين العرب لا تفتأ تؤكد مكانة القدس لدى الديانات الثلاث، وإن كانوا يقولون ذلك من باب أنها مدينة يجب أن تحظى بالسلام، إلا أن تلك الجملة خطيرة وتؤسس لحق للمحتلين الصهاينة في المسجد الأقصى المبارك.
ويتناسى الجميع أن كل الأبحاث التاريخية والحفريات والتنقيبات التي قام بها الكيان الصهيوني وعشرات اللجان الاستكشافية التي قام عليها علماء تاريخ وآثار لم تصل إلى أي أثر يهودي في المدينة المقدسة، وذلك رغم العمل المتواصل ليل نهار منذ احتلال المدينة عام 1967.
لقد حفر المحتلون الكثير من الأنفاق تحت المسجد الأقصى، ونزلوا عشرات الأمتار في طبقات الأرض علهم يجدوا أثرًا لما يسمونه “هيكل سليمان”، ولكن لم يجدوا شيئًا.
هل من المعقول أن يكون مَعْلم عظيم بناه ملك عظيم سخر الله له الجن أن لا يوجد له أثر في المكان الذي يزعمون وجوده فيه؟!! هل يمكن أن يختفي بهذه السهولة؟!
حتى حائط البراق الذي تسلل إليه اليهود تسللًا، حيث تقول الرواية التاريخية الموثقة بأن هذا الحائط لم يكن جزءًا من “الهيكل اليهودي” المزعوم، ولكن التسامح الإسلامي هو الذي مكن اليهود من الوقوف أمامه والبكاء عنده على خراب هيكلهم المزعوم، ثم بمرور الزمن ادعوا أن حائط البراق من بقايا هذا “الهيكل”.
كما أن الحائط بناء إسلامي ولا يوجد به أي حجر يعود لفترة الملك سليمان عليه السلام.
أكثر من ذلك فإن بريطانيا -التي كانت الدولة المنتدبة على فلسطين- اعترفت صراحة في كتابها الأبيض الذي أصدرته في تشرين الثاني 1928 بأن الحائط الغربي والمنطقة المجاورة له ملك للمسلمين خاصة.
المقدسات الإسلامية تملأ المدينة المقدسة، وكذلك المقدسات المسيحية، لكن لا يوجد ما يشير إلى أي مقدس لليهود أو الهيكل المزعوم، فبأي منطق يكون لهم حق ديني في المدينة المقدسة؟!
اليهود موجودون في المدينة المقدسة بقوة السلاح فقط، لا بقوة الحق ولا بقوة الدين ولا بقوة التاريخ، وهم لا يمتلكون حقا ولا مقدسات ولا تاريخا هناك.
* كاتب صحفي أردني