أمريكا تحذر من «نووي تكتيكي» في أوكرانيا!
حدود التدخل الغربي والأمريكي في الحرب لن يصل إلى التدخل العسكري وسيبقى مقتصرا على العقوبات الاقتصادية والضغوط الدبلوماسية.
رغم الخسائر التي لم يتوقعها الروس إلا أنهم مصرون على مواصلة الحرب حتى تحقيق ما يمكن اعتباره «نصرا» ولو بثمن يجعله ممزوجا بطعم الهزيمة!
في حرب العراق 2003 استخدمت القوات الأمريكية قذائف صغيرة خارقة للدروع برؤوس يورانيوم منضب لاستهداف دبابات الجيش العراقي خلال الغزو.
كشف بيرنز عن امتلاك روسيا كميات من الأسلحة النووية التكتيكية أكبر مما تمتلكه أمريكا، التي تحتفظ بترسانة ضخمة من القنابل النووية الاستراتيجية.
يعول الأمريكيون على مواصلة الضغط بالعقوبات الاقتصادية والعقوبات التي تحرم المؤسسة العسكرية الروسية من مكونات ورقائق تستوردها من الغرب لتصنيعها العسكري.
«نظرا لليأس المحتمل لبوتين والقيادة الروسية ونكسات يواجهونها عسكريا لا يمكن التعامل باستخفاف مع تهديد اللجوء المحتمل إلى الأسلحة النووية التكتيكية أو منخفضة القوة».
بوتين مدفوع برغبة كبيرة في تحدي الغرب وأمريكا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وأنه «يتظلم من الغرب منذ عقود، معتبرا الولايات المتحدة استغلت ضعف روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفياتي».
* * *
جاءت تصريحات مدير المخابرات الأمريكية وليم بيرنز الأخيرة حول النووي الروسي وكأنها ملتبسة، فهو يستبعد استخدام روسيا للسلاح النووي في أوكرانيا، ولا يرى أي دلائل تشير لتحضير روسيا لاستخدام القنابل النووية الاستراتيجية، ولكنه في الوقت ذاته يحذر من تنفيذ ضربات بقنايل نووية «تكتيكية» ضد مواقع عسكرية أوكرانية.
اللافت في ما قاله المسؤول الاستخباراتي الأمريكي، أنه كشف عن امتلاك الروس لكميات من الأسلحة النووية التكتيكية أكبر مما تمتلكه الولايات المتحدة، التي تحتفظ بترسانة ضخمة من القنابل النووية الاستراتيجية المحمولة على الصواريخ تصل إلى 6450 رأسا نوويا لتحل في المركز الثاني عالميا بعد روسيا ب 6850 رأسا نوويا، حسب موقع «بزنس إنسايدر».
والفرق بين الأسلحة النووية التكتيكية، والقنابل النووية الاستراتيجية، أن الأخيرة محمولة على الصواريخ العابرة للقارات، ورأسها النووي ضخم ويسبب تدميرا واسعا يصل إلى المدنيين، بينما الأسلحة النووية التكتيكية تحمل رؤوسا نووية صغيرة وموجهة لهدف محدد وقد تحمل في قذيفة تشبه الهاون أو العبوات الناسفة، وانفجارها صغير نسبيا ولذلك يمكن إنكار استخدامها من قبل الروس.
وتشير تقارير ومشاهدات استقيناها من تغطية حرب العراق 2003 أن القوات الأمريكية استخدمت قذائف صغيرة خارقة للدروع برؤوس يورانيوم منضب، لاستهداف دبابات الجيش العراقي خلال الغزو.
يعلل مدير المخابرات الأمريكية، الاستخدام المتوقع للأسلحة التكتيكية النووية بسبب «يأس بوتين» حسب اعتقاده، قائلا:
«بالنظر إلى اليأس المحتمل للرئيس بوتين والقيادة الروسية، وبالنظر إلى نكسات واجهوها حتى الآن، عسكريا، لا يمكن لأي منا أن يتعامل باستخفاف مع التهديد الذي يمثله اللجوء المحتمل إلى الأسلحة النووية التكتيكية أو الأسلحة النووية منخفضة القوة».
ويرى وليم بيرنز، أن بوتين مدفوع برغبة كبيرة في تحدي الغرب والولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وأن الرئيس الروسي «يتظلم من الغرب منذ عقود، معتبرا أن الولايات المتحدة استغلت ضعف روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفياتي».
الأمريكيون يعولون على مواصلة الضغط بالعقوبات الاقتصادية والعقوبات التي تحرم حتى المؤسسة العسكرية الروسية من مكونات ورقائق تستوردها من الدول الغربية لتصنيعها العسكري.
ولكن لا يبدو أن موسكو عاجزة عن إيجاد بدائل ومواصلة الحرب، كما يقر مستشار الأمن القومي الأمريكي سوليفان، الذي يؤكد أن روسيا غيرت استراتيجيتها في الحرب نحو شرق البلاد للسيطرة على إقليم دونباس، وهو ما يعتبره الجنرال فيليب بريدلوف القائد الأعلى السابق لقوات الحلفاء في أوروبا، أنه محاولة من بوتين لنقل الحرب إلى منطقة مفتوحة أكثر ملاءمة للقوات الروسية، وتجنب حرب العصابات داخل المدن، معتبرا أن الهدف هو «لجعل الأمر أكثر صعوبة على القوات الأوكرانية في التمسك بهذه التكتيكات، إنهم يريدون المواجهة في المساحات المفتوحة».
كما يتصور أن «الحرب ستكون خسارة لروسيا على المدى الطويل»، وهي توقعات جنرال متقاعد لا نعرف إن كانت تصب في خانة الأمنيات أم التحليلات والتقديرات!
لكن المؤكد أن حدود التدخل الغربي والأمريكي في هذه الحرب لن يصل إلى التدخل العسكري، وسيبقى مقتصرا على العقوبات الاقتصادية والضغوط الدبلوماسية، وهي إجراءات وإن كانت بالفعل مؤذية ومؤثرة في الاقتصاد الروسي، لكن لا يبدو أن موسكو لم تكن تتوقعها أو تحسبها قبل اتخاذ قرار الحرب!
بل إن التهديد المتواصل بالسلاح النووي من قبل موسكو ومواصلة الحرب رغم الخسائر الروسية الجسيمة، التي لم يتوقعها الروس حسب التقارير، يعني أنهم مصرون على مواصلة الحرب حتى تحقيق ما يمكن اعتباره «نصرا» ولو بثمن يجعله ممزوجا بطعم الهزيمة!
* وائل عصام كاتب صحفي فلسطيني.