موجز قصة حرب رمضان 1393 هـ.. بقلم اللواء: محمد مختار قنديل

محمد مختار قنديل

في النصف الأول من عام 1967 كانت مصر في أوج قوتها السياسية استطاع رئيسها جمال عبد الناصر المساعدة في تحرير دول عربية من الاستعمار مثل الجزائر ومن التخلف مثل اليمن التي أرسل لها جيشاً لدعم ثورتها أواخر عام 1962 وصنع الوحدة مع سوريا وامتص صدمة الانفصال.

وكانت المؤامرات تحاك لمصر في الخفاء لا تريد لهذا البلد أن يكون قوة بازغة في المنطقة وما زالت هذه المؤامرات تحاك حتى الآن ضد مصر.

وأحبط ناصر أن إسرائيل تحشد على الجبهة السورية وسوريا هي قمة مجد ناصر فتحمس وأمر الجيش بالاستعداد والذهاب لسيناء للدفاع عنها وردع إسرائيل عن شن هجوم على سوريا.

كان الجيش المصري غير مستعد للدخول في حرب مع إسرائيل ولم يكن هناك خطط للهجوم أو الدفاع وكان الحشد علنياً وتحركات القوات إلى سيناء وعبورها القناة تشاهده إسرائيل وغيرها من الدول الكبرى.

كانت القوات توزع وهي تعبر القناة، هذا اللواء يذهب للشرق وآخر للجنوب بل وكانت بعض اللواءات تقسم إلى كتائب تذهب كل كتيبة في إتجاه لمنطقة وكان قائد الجبهة لا يعرف مهمة قواته هل هي دفاع أم هجوم.

كانت الضربة الجوية الإسرائيلية للطيران المصري والطائرات واقفة في العراء بداية هزيمة والمسئول عنها في رأيي قيادة القوات المسلحة التي لم تستعد لأي شيء وإنما تنفذ أوامر الزعيم.

انسحبت القوات المصرية من سيناء بطريقة فوضوية ودمر معظم سلاحها وقتل الكثير من أبنائها وكانت التعليمات الإرتداد إلى غرب القناة وبناء خط دفاعي بتراكم القوات المنسحبة بما بقي منها من رجال وعتاد وبما سيتم تدبيره.

وقبل 9 يونية 1967 كانت إسرائيل هناك على الصفة الشرقية للقناة عدا منطقة شرق بورسعيد حتى قرب مدينة القنطرة شرق وغرب.

بدأت إسرائيل منذ أول يوم تستغل الأتربة على الضفة الشرقية وهي ناتج حفر وتطهير القناة وتقوم بتعلية هذا الساتر وتحصينه فيما سمي بعد ذلك بخط بارليف المنيع.

وفي المقابل كان الجيش المصري الذي يرفض الهزيمة يقوم ببناء دفاعات قوية غرب القناة للدفاع ثم العبور والهجوم بعد ذلك وتحرير سيناء.

ووزعت قطاعات الدفاع على خمس فرق إثنتان منها في قطاع الجيش الثالث وثلاث في قطاع الجيش الثاني ويفصل بينهما البحيرات المرة الكبرى والصغرى.

بدأت مصر بإعداد مسرح العمليات ببناء حائط صواريخ الدفاع الجوي ودشن حماية الطائرات وبناء معدات كباري عائمة والتدريب عليها إستعداداً ليوم 10 رمضان 1393 هجرية.

كانت الفترة من يونية 1967 إلى أكتوبر 1973 فترة هامة تم فيها إدارة معارك حرب الاستنزاف تدربت فيها قواتنا على مهاجمة العدو وعبور القناة بدوريات وكتائب لإرباك العدو وإزعاجه.

وفي الفترة من 1967 إلى 1973 وهي حوالي ست سنوات وأربعة أشهر تمت أعمال هامة كثيرة لإعداد خطة إقتحام قناة السويس وتطوير الهجوم لتحرير كل سيناء.

تم التنسيق مع الدول الصديقة سياسياً لدعم حق مصر في تحرير أرضها وتشغيل قناة السويس لخدمة العالم وتم إعداد وتنفيذ خطة خداع استراتيجي وتعبوي لإخفاء نية الهجوم عن العدو.

وتم تصنيع وتدبير أدوات تسلق الساتر الترابي بسلالم الحبال وتدبير القوارب التي ستحمل الجنود لشرق القناة كما تم تجربة وتدبير المضخات التي ستضخ الماء لفتح ممرات في الساتر الترابي.

كما تم استكمال التجهيز الهندسي للقاعدة الإبتدائية للهجوم وتأمين عبور ترعتي السويس والإسماعيلية وتمهيد الطرق اللازمة كما تم إعداد ساحات اسقاط البراطيم في مياه القناة لتجميع الكباري والمعديات.

كما تم مراجعة خصائص قناة السويس المائية مثل المد والجذر وحالة القمر والضوء المناسب ليلاً للعبور.

وفي حوالي الثانية ظهر 6 أكتوبر الموافق 10 رمضان عبرت القوات الجوية المصرية لتنفيذ ضربة جوية ضد القوات الإسرائيلية في سيناء وانطلق 2000 مدفع لقصف القوات شرق القناة.

وبدأ عبور المشاة في 14 موجة من القوارب ومعهم معدات ضخ المياه لفتح الممرات في الساتر الترابي بأسلوب التجريف بالمياه.

واستكملت القوات المصرية مهامها بالضغط على العدو وإزاحته بعيداً وتم بعد ذلك استكمال تحرير سيناء بالدبلوماسية حتى تم تحريرها بالكامل بعد استرداد طابا عام 1989.

والآن في عهد الرئيس السيسي تم إنفاق حوالي 700 مليار جنيه لتنمية سيناء بالأنفاق تحت القناة والطرق والبنية الأساسية والكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي والزراعة والمنشآت التعليمية وغيرها.

نتمنى أن يصل سكان سيناء المقيمين بها لملايين من المصريين لردع أي معتدي من احتلالها مرة أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى