التعلية والملء الثالث مغامرة.. إحتمال غرق سد النهضة
في بداية العام الجاري، وتحديدا يوم 13 يناير، أعلنت إثيوبيا عن عزمها إزالة 17 ألف هكتار من الغابات خلال شهر فبراير، تمهيدا لـ الملء الثالث لبحيرة سد النهضة، الذي تشيده أديس أبابا على نهر النيل الأزرق، ضاربة بالمواثيق والمعاهدات الدولية عرض الحائط، وجرى الإعلان عن هذه الخطوة، خلال اجتماع ضم وزيرة الري الإثيوبية عائشة محمد، وجومز الشاذلي حسن، حاكم إقليم بني شنقول، ومسئولين من الحكومة الفيدرالية الإثيوبية.
التحضير للملء الثالث وإنتاج الكهرباء
وانعقد الاجتماع في مدينة أصوصا، عاصمة إقليم بني شنقول، الواقع به سد النهضة، وأكد المجتمعون وقتها أن الاستعدادات جارية لاستكمال ما تتطلبه المرحلة الثالثة من إزالة الغابات لعملية الملء الثالث لسد النهضة، مرجحين أن يتم الانتهاء من إزالة الغابات في غضون 60 يوما من بدء العمل فيه.
وفي الشهر التالي، يوم 20 فبراير، أعلنت إثيوبيا أنها ستبدأ إنتاج الكهرباء لأول مرة من سد النهضة، وهو ما يعد منعطفا كبيرا في المشروع المثير للجدل، حيث دشن رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، المرحلة الأولى من توليد الكهرباء من سد النهضة، بمشاركة عشرات المسئولين، وذلك لتدشين توربين واحد من إجمالي 13 بقدرة 350 ميجاوات.
استقرار المخزون عند 7 مليارات
أما عن آخر التطورات، تشير صور الأقمار الصناعية لسد النهضة، إلى استقرار مخزون بحيرة السد عند 7 مليارات متر مكعب، بعدما فقد حوالى مليار متر مكعب خلال الأسابيع الماضية، وذلك بعد الاتزان الحالى بين الوارد إلى بحير السد والمنصرف في حدود 30 مليون متر مكعب يوميا.
وطبقا للدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، فإنه ابتداءً من شهر مايو القادم سوف يزداد الوارد عند سد النهضة وبالتالي التخزين مع بداية سقوط أمطار خفيفة على الهضبة الإثيوبية، وبالتالي ستضطر إثيوبيا إلى فتح بوابة التصريف الثانية إذا لم يتم رفع و تعلية السد خلال الأسابيع القادمة، لضعف تصريف التوربين للمياه، والذي يعمل بعض الوقت ويتوقف معظمه.
تعلية السد والتحضير للملء الثالث
أما عن إمكانية تعلية السد فعلا وبداية أعمال الخرسانة استعداد للملء الثالث، أوضح شراقي، أنه بالنسبة للتخزين والملء الثالث، فإن الممر الأوسط حاليا تم تجفيفه بعد فتح بوابات التصريف، وهو جاهز للعمل، ولكن لا يوجد أي دلائل تشير إلى بدء التعلية، مؤكدا أن صور الأقمار الصناعية لا تستطيع التقاط هذا فى الوقت الحالى.
وقال إن إثيوبيا أمامها فقط 3 أشهر لتعلية السد قبل بدء موسم الأمطار الغزيرة، وهذا الوقت لا يكفي للتعلية بارتفاعات مؤثرة، كما أنه في الظروف الطبيعية لا يمكن وجود تخزين تالت، بسبب اقتراب موعد الفيضان، ولا يمكن تعلية الممر الأوسط فوق 10 أمتار، لأنه في حال تم ذلك وجاء الفيضان الغزير، فإن المياه ستغمر السد وتمر من فوق الأجناب والممر الأوسط.
وأضاف أنه لكي يكون هناك تخزين ثالث، فإنه يجب تعلية السد، وفي العام الماضي، كان الممر الأوسط أقل من الأجناب بـ 25 مترا، وتم تعليته 10 أمتار، وجاء الفيضان سريعا، ولم يتمكنوا من تعليته أكثر، مشيرا إلى أن الحل الوحيد أن تتم تعلية في الأجناب والممر الأوسط، ولكن بنسبة بسيطة، لأن تعلية الجانبين والممر الأوسط صعبة هندسيا في 3 أشهر المتبقية، وستكون مغامرة كبيرة إذا تم رفع الممر الأوسط فقط.
وتابع: “فى هذه الحالة يمكن لإثيوبيا أن تخزن تقريبا 2 مليار وتقول إنه تخزين ثالث، لأنه لا يوجد إنجازات إنشائية في السد حتى الآن، وتبقى هذه الخطوات أحادية من إثيوبيا تضر بالمفاوضات”.
وأشار إلى أن هناك بعض المواقع قد نشرت فيديو لأعمال الخرسانة خاصة على الجانب الشرقى من السد، مصحوبة بصور قديمة للسد مما يضعف من صحة حداثة الفيديو، ولكن إثيوبيا تحتاج لوضع حوالى 1.3 مليون متر مكعب خرسانة قبل منتصف يوليو القادم، وهذا شبه مستحيل تحقيقه.
تأثير الملء الثالث على مصر
أما عن تأثير الملء الثالث على مصر، قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية، إن التخزين الثالث لسد النهضة الإثيوبي سيكون تأثيره محدودا على مصر، لأن التعلية لن تتخطى أمتارا معدودة.