وول ستريت جورنال: بايدن خسر السعودية.. وأمريكا تدفع الثمن
سلطت صحيفة “وول ستريت جورنال” الضوء على اتجاه السعودية الأسبوع الماضي، لاستئناف التفاوض بشأن تسعير صادرات المملكة النفطية إلى بكين باليوان الصيني، معتبرة ذلك نتيجة لخسارة إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” للرياض، وهو ما انعكست آثاره في وقت الحرب الروسية الأوكرانية.
وذكرت الصحيفة الأمريكية، في افتتاحية السبت، أن الولايات المتحدة تدفع ثمن “مثالية” بايدن وإدارته في التعامل مع السعودية، خاصة بعد إنهاء الدعم الأمريكي للحرب السعودية ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.
وأضافت أن إزالة البيت الأبيض تصنيف الحوثيين ضمن قائمة الإرهاب الأمريكية ثم تأجيله صفقة مقررة لبيع الأسلحة إلى الرياض جاء كـ “صفعة أمنية” وهدية للحوثيين ردوا عليها بإرسال طائرات مسيرة وصواريخ لمهاجمة حقول النفط والمدن في السعودية وحليفتها الإمارات.
وإزاء ذلك، يراقب السعوديون التطورات وهم في حالة ذعر بشأن مخاوفهم الأمنية، بينما يتجه “بايدن” لإبرام اتفاق نووي جديد مع إيران، من شأنه أن يمنح طهران الموارد اللازمة لتمويل الحروب بالوكالة ضد المملكة، وربما يمكنها من تصنيع قنبلتها النووية، بحسب الصحيفة الأمريكية.
واعتبرت هيئة تحرير الصحيفة أن “بايدن” فشل في الموازنة بين المثالية والواقعية، التي أتقنها رؤساء سابقون له مثل “رونالد ريجان”، إذ أعطى لملف حقوق الإنسان وإضفاء المصداقية على القيم الأمريكية أولوية، لاسيما بعد جريمة اغتيال الصحفي “جمال خاشقجي”، دون اعتبار لموازنة مصالح الولايات المتحدة مع حلفائها الاستراتيجيين في المنطقة، خاصة السعودية.
وأكدت الهيئة أن الولايات المتحدة تحتاج إلى كل صديق يمكنها الاحتفاظ به في جزء صعب من العالم، مشيرة إلى أن “المتشددين في إدارة “بايدن”، يرون بالخطأ أن قوة مثل أمريكا لديها رفاهية التعاون فقط مع الأخلاقيين حول العالم.
وأشارت إلى أن السعوديين يعيدون حساب مصالحهم الآن لأنهم يخشون عدم نجاعة الاعتماد على الولايات المتحدة، وسط عداء إدارة “بايدن” لهم والانسحاب الأمريكي المرعب من أفغانستان.
وفي هذا الإطار، جاء رفض ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان” لطلبات “بايدن” بضخ المزيد من النفط، الأمر الذي أسعد بكين، وجعها تستثمر في اختراق صدع العلاقات الأمريكية السعودية.
وقد تستفيد بكين إذا تمكنت من إقناع الرياض بقبول تصدير النفط إليها باليوان، ومن شأن ذلك أن يساعد الصين على البدء في بناء نفوذ عالمي لعملتها، إذ سيسمح الاتفاق مع السعودية بتداولها بكثافة أكبر في جميع أنحاء العالم.
وهذا بدوره قد يفتح الباب أمام الصين لتقديم اليوان كعملة تجارية لخصوم الولايات المتحدة مثل روسيا وإيران، ما يعني أن العقوبات الاقتصادية الأمريكية ستكون أقل فعالية بكثير مستقبلا.
وهنا تشير “وول ستريت جورنال” إلى أن التفوق العالمي للدولار لا يزال مستمراً، لكن “يجب على واشنطن أن تتراجع عن أي تحديات ناشئة بشأنه، خاصة من المنافسين الاستراتيجيين”.
واعتبرت الصحيفة الأمريكية أن “بايدن” حاول تمثيل الاتجاه المعاكس لسلفه “دونالد ترامب”، ولكن بشكل مفرط، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة، في العصر الجديد من المنافسة بين القوى العظمى، لا تستطيع تحمل نفور الحلفاء الذين يمكن أن يساعدوها في ردع المصممين على الإضرار بمصالحها وقيمها.
وخلصت الافتتاحية إلى أن الولايات المتحدة تدفع الثمن في أزمة أوكرانيا لخسارتها السعوديين، لكن الفرصة لاتزال متاحة لتدارك ذلك، خاصة أن 80% من مبيعات النفط العالمية لاتزال مسعرة بالدولار.