نيران أمريكية صديقة تصيب الاقتصاد الأوروبي والمانيا أكبر الخاسرين
واردات أمريكا من النفط الروسي لا تتجاوز 4% من احتياجات السوق الامريكية ما يجعلها الاقل تضررا من العقوبات على النفط الروسي.
شهدت أسواق الطاقة اضطرابا ومضاربات فقفزت الأسعار الـى 138 دولارا لبرميل الخام مع توقعات بوصوله إلى 200 أو 300 دولار.
النيران الأمريكية الصديقة أصابت ألمانيا وأوروبا، وفاقمت الضغوط على النخبة السياسية والاقتصادية الألمانية للبحث عن بدائل للنفط والغاز الروسي.
ألمانيا هي الأكثر تضررا من القصف الاقتصادي الأمريكي فبعد أن أوقفت العمل بأنبوب “نورد ستريم 2” يتعرض خط الغاز “نورد ستريم 1” لضغوط قوي.
القصف الأمريكي وضع أوروبا على حافة المواجهة مع روسيا معززا شروخا سياسية واقتصادية ومهددا البنك المركزي الأوروبي بفقدان السيطرة فهم مطالبون بشن هجمات مماثلة تُعجِز أوروبا.
* * *
روسيا أكبر مُصدر للنفط الخام والغاز، تبلغ صادراتها نحو 7 ملايين برميل يوميا، اي 7% من الإمدادات العالمية؛ حصة الولايات المتحدة من النفط الروسي لا تتجاوز 4% من احتياجات السوق الامريكية ما يجعلها الاقل تضررا من العقوبات على النفط الروسي.
اوروبا في المقابل تعد المتضرر الاكبر من القصف الاقتصادي الامريكي؛ ففرنسا تستورد 20% من احتياجاتها من روسيا وألمانيا تعتمد بنسبة 70% على الغاز والنفط الروسي وتتوزع النسب بين دول القارة الاوروبية بين 40% و100%.
محدودية الاعتماد الامريكي على النفط الروسي لم تمنع الاسواق العالمية من الاضطراب، ولم تمنع السماسرة من المضاربة، لتقفز الاسعار الـى 138 دولارا للبرميل مع توقعات بأن يصل سعر البرميل إلى 200 او 300 دولار.
القصف الاقتصادي الامريكي لم تقتصر أضراره على الاسعار عالميا، فنيرانه اصابت القارة الاوروبية والحلفاء الغربيين، مهددًا بارتفاع التضخم الى ارقام قياسية لتتخطى في بعض البلدان الـ 10%، رافعا من حدة الضغوط على اليورو والمركزي الاوروبي.
القصف الأمريكي وضع أوروبا على حافة المواجهة مع روسيا؛ اذ عزز الشروخ السياسية والاقتصادية، مهددا البنك المركزي الأوروبي بفقدان السيطرة، فهم مطالبون بشن هجمات مماثلة تعجز أوروبا عنها.
ألمانيا هي الدولة الاكثر تضررا من القصف الاقتصادي الامريكي فبعد ان اوقفت العمل بأنبوب “نورد ستريم 2” يتعرض خط الغاز “نورد ستريم 1” لضغوط قوية خصوصا اذا انضم حلفاؤها في الاتحاد الأوروبي لجهود الحظر النفطي الامريكي.
النيران الأمريكية الصديقة لم يقتصر تأثيرها في القطاع الاقتصادي اذ اصابت الساحة السياسية في ألمانيا بعد أن وجهت أصابع الاتهام الى المستشارة السابقة أنغيلا ميركل لتعزيزها الاعتماد على النفط والغاز الروسي، والأخطر من ذلك تلميحات تمس المستشارة وأعضاء في النخبة الألمانية تناقش الأسباب التي دفعتهم الى عدم إنشاء محطات للغاز المسال في ألمانيا، وهو نقاش يذكرنا بإسرائيل وخطورة الاعتماد عليها في قطاع الطاقة والماء في الاردن.
النيران الأمريكية الصديقة أصابت ألمانيا وعموم أوروبا، وفاقمت الضغوط التي تواجهها النخبة السياسية والاقتصادية الالمانية للبحث عن بدائل للنفط والغاز الروسي.
النيران الأمريكية وان أصابت ألمانيا في مقتل فإنها فتحت شهية بعض الدول كهولندا وكندا لتقديم نفسها كبديل بعد أن حل رئيس وزراء كندا جاستن ترودو ورئيس وزراء هولندا ضيوفا على بوريس جونسن في لندن مؤخرا.
بدورها، تطمح هولندا لإعادة تشغيل حقل الغاز الطبيعي “غرونينغن” الذي أوقف العمل به بسبب الزلازل والانهيارات التي تسبب بتدمير عدد كبير من المنازل؛ حقل محاذ للحدود مع ألمانيا.
فهل ستقبل ألمانيا بإعادة تشغيل الحقل في طاقته القصوى التي تصل في حال ضخ الاستثمارات اللازمة إلى ما بين 50 مليارا و70 مليار متر مكعب في العام لتعويض الفاقد من الغاز الروسي المتوقع؛ فالحقل حقق هذه الأرقام في العام 1978، وحقق أرقاما تقارب 50 مليارا قبل عام من خفض الإنتاج فيه الى 3 مليارات متر مكعب؟
لا يوجد نوايا طيبة في هذا العالم؛ فزيارة رئيس وزراء هولندا ولقائه بوريس جونسن لم يكن عبثًا، فأمستردام باتت أقرب إلى لندن منها إلى برلين وباريس بين ليلة وضحاها إذ وضعت أمستردام بروكسل خلفها.
فالنيران الأمريكية والبريطانية الصديقة أصابت عاصمة الاتحاد الأوروبي؛ فالقارة تنزف بنيران العقوبات التي تضرب الاقتصاد الروسي، ويتوقع أن يكون لها ارتدادات في الساحة الأمريكية أيضا؛ فلا الحدود قادرة على وقف الارتدادات الاقتصادية لأزمة أوكرانيا، ولا مناشدات بايدن قادرة على وقف المضاربات في أسواق عالمية.
* حازم عياد كاتب وباحث سياسي