وزير إثيوبي: جاهزون للملء الثالث لسد النهضة في موسم الامطار
أكد وزير المياه الإثيوبي، هبتامو إتافا، أن أديس أبابا تسعى من أجل الاستفادة المشتركة من ثرواتها المائية مع دول الجوار.
جاء ذلك في مقابلة مع “العين الإخبارية”، شدد من خلالها الوزير على أن بناء سد النهضة لا يهدف للإضرار بمصالح دول المصب، في إشارة إلى مصر والسودان.
وقال إتافا: “لا يمكن أن نعمل على إلحاق ضرر بدول المصب وما نسعى إليه هو الاستفادة المشتركة من الثروات المائية التي تزخر بها إثيوبيا مع دول الجوار، للوصول إلى التنمية التي يتطلع لها الشعب الإثيوبي وشعوب دول الجوار”.
وأضاف أنه لـ”تأكيد هذا الهدف التنموي من بناء سد النهضة، بدأنا عددا من مشروعات البنية التحتية التي تربطنا بدول الجوار مثل الربط الكهربائي مع كل من كينيا وجيبوتي والسودان، لنقل الطاقة المنتجة من السدود الإثيوبية إلى دول الجوار”.
وأكد الوزير الإثيوبي أن بلاده تضع في الاعتبار دائما الأولوية للدول المتشاطئة على نهر النيل للاستفادة من هذه الثروة المائية الطبيعية.
وشدد على أن “هدفنا تعزيز مبدأ تبادل المنفعة المشتركة، وإثيوبيا خزان مياه نستفيد منها في توليد الطاقة كما أن السودان له أراض شاسعة صالحة للري يمكن أن يستغلها بالاستفادة مما يوفره سد النهضة من فوائد كبيرة عليه، ما يحقق المنفعة المتبادلة والاستفادة المشتركة التي تعزز التنمية بين بلدان الجوار وضمان تحقيق التكامل الإقليمي”.
خطة تصدير
بالمقابلة نفسها، كشف وزير المياه الإثيوبي عن خطة بلاده لتصدير نحو ألفي ميجاوات من الطاقة الكهربائية لدول الجوار، للاستفادة من إمكانيات الموارد المائية التي تتمتع بها إثيوبيا.
وقال إن الحكومة الإثيوبية وضعت خطة لإشراك القطاع الخاص في مجال توليد الطاقة وتوزيعها فضلا عن الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة .
وأضاف أن بلاده تنتظر الكثير من سد النهضة في خلق فرص العمل لملايين من شباب البلاد وتنشيط قطاع الصناعة والطاقة التي تعد الأساس في كل تنمية.
تاريخ الانتهاء
الوزير تطرق أيضا في مقابلته للأشغال الجارية لتسريع إكمال سد النهضة بعد تأخره عن موعده الأصلي، وقال إن العمل يجري على كافة الأصعدة بهدف إكمال بناء السد خلال 3 سنوات من الآن.
وأشار إلى أن الطاقة الكلية المنتجة حاليا في إثيوبيا تبلغ نحو 4100 ميجاوات وستتضاعف بإكمال السد الذي ينتظر أن يولد وحده نحو 5150 ميجاوات، معتبرا أن ذلك يشكل ضعف ما تنتجه إثيوبيا حاليا.
ووفق المسؤول الإثيوبي، فإن ما تم من تدشين لأول عملية إنتاج للطاقة من سد النهضة يشكل إنجازا كبيرا وخطوة طبيعية لما وصلت إليه أعمال البناء في السد، موضحا أن ما حصلت عليه حاليا إثيوبيا من السد (375 ميجاوات) يفوق الطاقة المنتجة من سد تكزي بإقليم تجراي، ما سيساهم في معالجة النقص الذي كانت تعاني منه بعض المصانع جراء انقطاع التيار الكهربائي.
وفي معرض حديثه عن تدشين أول إنتاج طاقة من سد النهضة دون التوصل لاتفاق مع دولتي المصب مصر والسودان اللتان اعتبرته “خرقا” لاتفاق إعلان المبادئ، قال إتافا إن إعلان المبادئ لا يتعارض مع ما تقوم به إثيوبيا حاليا من استكمال بناء السد وتخزين المياه.
وأوضح أن إعلان المبادئ الموقع في العام 2015 يشمل العمل المشترك والاستخدام العادل والمستدام لمياه النيل لصالح الجميع ولا ينص على وقف البناء والتخزين.
وفي 20 فبراير/ شباط الماضي، دشنت إثيوبيا أول عملية توليد كهرباء من سد النهضة فيما رفضت مصر والسودان الإعلان الإثيوبي بشكل منفرد دون التوصل لاتفاق مع دولتي المصب، واعتبرت القاهرة بدء توليد الكهرباء من سد النهضة “إمعانا إثيوبيا في خرق التزامات اتفاق إعلان المبادئ لسنة 2015″، بينما أكدت الخرطوم أن تشغيل السد دون اتفاق مخالف لروح التعاون.
وقال الوزير الإثيوبي إن ما تبقى من أعمال في بناء سد النهضة تتمثل في الأعمال الهندسية مثل مواصلة رفع بناء الجدار الأوسط بالسد الرئيسي على الجهتين من السد، فضلا عن أن مجرى المياه الحالي يحتاج إلى بعض الأعمال من حيث ارتفاع السد، مضيفا أنه كلما ارتفع بناء السد الأمامي كلما تم تخزين مياه مناسبة به .
واعتبر أنه من المهم معرفة أن عملية تخزين المياه لا تؤثر أبدا على دول المصب لأنها تتم في فترة الفيضان فقط.
وحّد الإثيوبيين
بخصوص التحديات المالية واللوجستية، قال إتافا إن “سد النهضة يتم بناؤه من قبل الشعب وهو أول مشروع وحّد الإثيوبيين في عزمهم على إكماله بهدف الخروج من الفقر والظلام”.
وأضاف أنه رغم بعض التحديات التي لازمت بناء المشروع لكنه كان الأولوية الأولى للحكومة الإثيوبية، مستدركا أنه من الطبيعي جدا أن تقف تحديات أمام مشروع سد النهضة.
وأشار المسؤول الإثيوبي إلى أن انعكاسات جائحة كورونا كان لها أثر في تأخر وصول مواد البناء إلى موقع السد وتحديات أخرى سياسية، لكنه أكد على أن الحكومة أولت السد اهتماما كبيرا في توفير مواد البناء من الإسمنت وغيره من توفير العملة الصعبة.
وأرجع عملية توليد أول طاقة من سد النهضة إلى النجاح في الملء الثاني، مضيفا أن “الملء الثاني الذي جرى في يوليو (تموز) الماضي منحنا تخزين مياه كافية لتوليد الطاقة وتم تدشين أول توربينة بالسد بإنتاج طاقة 375 ميجاوات”، مؤكدا أن تشغيل التوربينة الثانية سيتم في “وقت قريب”.
ولفت أتافا إلى أن ما تبقى حاليا هي الأعمال الهندسية وكلما ارتفع مخزون المياه ستباشر بقية الوحدات الأخرى من مجموع 13 توربينة بالسد إنتاج توليد الطاقة ليصل مجموع الإنتاج الكلي للطاقة من السد نحو 5 آلاف و150 ميجاوات.
وبالنسبة للوزير، فإن طبيعة بناء سد النهضة تسمح بعملية الملء أثناء البناء ما يجعل العملية تتم تدريجيا مع ارتفاع البناء في الجدار الأوسط بالسد، مضيفا أن إثيوبيا ستبدأ عملية الملء الثالثة خلال موسم الأمطار المقبل الذي سيبدأ في يوليو، فيما ستتبعها عملية الملء الرابعة والخامسة تباعا في موسم الأمطار إلى أن تتم تخزين المياه الكاملة المستهدفة لبحيرة سد النهضة.
لا جديد
وزير المياه الإثيوبي تطرق أيضا إلى المفاوضات المتعثرة بشأن سد النهضة مع بلدان المصب، قائلا إنه “لايوجد جديد حتى الآن بعد انتقال رئاسة الاتحاد الأفريقي التي ترعى المفاوضات إلى السنغال”، مشيرا إلى أن أديس أبابا بانتظار رئاسة الاتحاد الافريقي لاستئناف المفاوضات .
وقال إن الموقف الإثيوبي لم يتغير ويتمسك بـ”الاستفادة العادلة من مياه النيل مع الحفاظ على حقنا في تنمية ثرواتنا المائية دون الإضرار بالأخرين”، مؤكدا أن بلاده ستسعى مع السودان ومصر وجنوب السودان وغيرها من دول الجوار والمنطقة للعمل معا من أجل التنمية بشكل يضمن استفادة الجميع.
واستبعد أن تتخذ بلاده موقف الاستفادة الأحادية وهو ما يجعل إثيوبيا على استعدادا دائم للمفاوضات مع الدول المتشاطئة، على حد تعبير الوزير.
وشدد إتافا على تمسك إثيوبيا برعاية الاتحاد الأفريقي لمفاوضات سد النهضة، وقال إن أديس أبابا تدعم أي خطوة يقوم بها التكتل لاستمرار عملية التفاوض، معتبرا أنه “من الضروري الوصول إلى تفاهمات بين كل الأطراف”.
ولفت إلى أن موقف إثيوبيا ثابت باستعدادها لاي دعوة تقدمها رئاسة الاتحاد الأفريقي بشأن المفاوضات.
وتتبادل مصر والسودان مع إثيوبيا اتهامات بالمسؤولية عن تعثر مفاوضات حول السد، يرعاها الاتحاد الأفريقي منذ أشهر، ضمن مسار تفاوضي بدأ قبل نحو 10 سنوات.
وتؤكد أديس أبابا أنها لا تستهدف الإضرار بمصالح دولتي المصب ( مصر والسودان)، وتقول إن إنشاءه مهم لدعم جهود التنمية المحلية، فيما تخشى القاهرة والخرطوم أن يُضر السد بمنشآتهما المائية وحصتهما السنوية من مياه النيل.