خلف أضواء أبوظبي ودبي المبهرة.. معاناة “بدون” الإمارات قنبلة موقوتة
اعتبرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تعليقها على قضية البدون وأبناء الإماراتيات وانتهاكات السلطات الإماراتية بحقهم، أن الإمارات تكيل بمكيالين في حق المواطنة، وطالبت بالاعتراف بهم كمواطنين إماراتيين على قدم المساواة.
مستقبل غامض
ويتعرض البدون ـ عديمو الجنسية ـ في الإمارات لتمييز ممنهج ومعاناة مستمرة خلف مستقبل غامض في ظل إبقائهم على هامش مجتمعِ يرفض وجودهم، ويحرمون فيه من أبسط الخدمات الأساسية، مثل العلاج والتعليم والزواج.
في #الإمارات .. أن تكون من #البدون فأنت لست مُجردًا من هويتك فقط! بل لا تملك حقوقًا إنسانية أيضًا
معاناة قديمة جديدة خلف أضواء أبوظبي .. متى ستلقى آذانًا صاغية؟ pic.twitter.com/6JswjBYFgo
— الإمارات لحقوق الانسان (@UAE_HumanRights) February 26, 2022
وفي هذا السياق أبرز “مركز الإمارات لحقوق الإنسان”، واقع اضطهاد هذه الفئة في الإمارات وحرماتهم من أبسط الحقوق الإنسانية.
وقال المركز في تقرير رصدته (وطن) إن السلطات الإماراتية لا تجرد البدون من الهوية والوثائق الرسمية فقط. بل تجعلهم بدون حقوق إنسانية في ظل معاناة قديمة جديدة خلف أضواء أبوظبي لا تجد آذانًا صاغية لإنهائها.
ويشار إلى أن البدون هو المصطلح الدارج في الإمارات والخليج عن غير محددي الجنسية، أو عديمي الجنسية. وهي العائلات التي تعيش في المنطقة ولكن لم تُدرج أبدًأ في الإحصاءات السكنية.
يعيش #البدون في #الإمارات معاناة لا تنتهي في كل مجالات الحياة، وسط تجاهل وإهمال من السلطات لهذه الفئة، التي تدفع ثمن هذا الإهمال ظلمًا وجورًا لأكثر من أربعة أجيال، في بلدٍ يتغنى بالانفتاح واستقبال أكثر من ٢٠٠ جنسية على أرضه pic.twitter.com/xnumILpLxY
— الإمارات لحقوق الانسان (@UAE_HumanRights) February 24, 2022
الأسباب
ويرجع ذلك لعدة أسباب منها انتماؤهم القبلي، ومستوى إلمامهم بالقراءة والكتابة، وأصولهم العرقية أو علاقاتهم بمسؤولي الدولة.
ولفت التقرير إلى أن السلطات الإماراتية في قضية البدون، تنتهك المواثيق الدولية التي تكفل حق المواطنة والجنسية لكل إنسان. بما فيها المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنصّ على ” لا يجوز، تعسُّفًا، حرمانُ أيِّ شخص من جنسيته ولا من حقِّه في تغيير جنسيته.
تنهتك السلطات الإماراتية في قضية #البدون المواثيق الدولية التي تكفل حق المواطنة والجنسية لكل إنسان، بما فيها المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنصّ على ” لا يجوز، تعسُّفًا، حرمانُ أيِّ شخص من جنسيته ولا من حقِّه في تغيير جنسيته pic.twitter.com/y6R7WvYLTI
— الإمارات لحقوق الانسان (@UAE_HumanRights) February 24, 2022
وتابع أنه ضمن خطة أقرّتها السلطات الإماراتية، تمنح بموجبها غير الإماراتيين من الفنانين أو الأثرياء أو أصحاب الدرجات العلمية أو المهارات؛ فرصة للحصول على الجنسية الإماراتية. في نفس الوقت الذي تستمر فيه بالتعنت في حل مشكلة البدون.
وشددت مركز الإمارات لحقوق الإنسان، على أن البدون في الإمارات يعيشون معاناة لا تنتهي في كل مجالات الحياة. وسط تجاهل وإهمال من السلطات لهذه الفئة. التي تدفع ثمن هذا الإهمال ظلمًا وجورًا لأكثر من أربعة أجيال، في بلدٍ يتغنى بالانفتاح واستقبال أكثر من 200 جنسية على أرضه.
وعلى الرغم من أن الحكومة الإماراتية لم تصدر بيانات توضح أعداد السكان “البدون”. إلا أن التقديرات غير الرسمية ترجح أن يتجاوز عددهم 100,000 نسمة.
ويتوزع البدون في معظم إمارات الدولة مع تركز أكبر نسبياً في الإمارات الشمالية وعجمان والفجيرة وأم القيوين. التي تعتبر فقيرة نسبيًا بالقياس إلى أبوظبي ودبي.
“قوانين الجنسية الإماراتية تميّز بشكل صارخ ضد الأمهات الإماراتيات المتزوجات من أجانب. كما أن هذه القوانين تميز بشكل كبير ضد سكان #البدون، الذين تم استبعادهم تمامًا من الحصول على الجنسية الإماراتية”
– صوفيا كالتنبرونر، مديرة مركز الحملة الدولية للحرية في #الامارات @ICFUAE pic.twitter.com/unm3nzy3us
— الإمارات لحقوق الانسان (@UAE_HumanRights) February 26, 2022
من أين جاؤوا بدون؟
وتعود أصولهم إما إلى القبائل البدوية التي كانت تتحرك بحرية في منطقة الخليج، أو مهاجرين دخلوا أرض الدولة منذ عقود لغرض العمل وكسب الرزق ولم يقدموا طلب الحصول على الجنسية. وعلى الرغم من أن الحكومة الإماراتية لم تصدر بيانات توضح أعداد السكان “البدون”. إلا أن التقديرات غير الرسمية ترجح أن يتجاوز عددهم 100,000 نسمة.
وعند اتحاد الإمارات السبعة؛ صدر قانون الجنسية في الإمارات، فبرزت قضيتهم جلية على السطح، ولم يعالج القانون أوضاع من طالبوا بالجنسية بعد تاريخ صدور القانون عام 1972. ما أدى لتفاقم مشكلتهم في السنوات التالية.
السلطات الإماراتية في بداية العقود الثلاثة الأولى كانت تتعامل مع هذه الفئة كمواطنين لحاجتها إلى جهدهم في خدمة البلاد، وكانت تسمح بتوظيفهم في مختلف الوزارات، خاصةَ وزارتي الدفاع والداخلية. وكانوا يشكلون نسبة لا بأس بها فيهما.
ولكن مع مرور الوقت، تنكّرت السلطات لحقوهم شيئًا فشيئًا، حتى وصل بهم الحال لما هو عليه اليوم. حيث أضحت فئة محرومة من أبسط مقومات العيش الكريم، دون هوية تثبت وجودهم، ولا حق في التعليم أو العلاج أو التملك أو الزواج غيرها من الحقوق المكفولة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
كل سبل العيش ممنوعة
وتُحرم فئة “البدون” في الإمارات من تسجيل العقارات أو السيارات بأسمائهم. رغم أن ذلك مسموح للأجانب دون قيود، وترفض كذلك السلطات توظيفهم أو السماح لهم في العمل بالقطاع الحكومي، وتفرض عليهم وزارة الصحة مبالغ تلقاء العلاج.
ولا يحق لأبناء “البدون” تلقي التعليم في المدارس الحكومية. ما دفعهم لتسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة مرتفعة التكاليف، فزاد ذلك من معاناتهم.
كما تعيش فئة البدون همًّا آخر في توثيق عقود الزواج والطلاق، وفي شهادات الوفاة والميلاد، بسبب رفض وزارة الصحة إدراجهم تحت كشوفاتها. ليجدوا أنفسهم تحت قضية شائكة يعيشون فصولها كل يوم من الحرمان والإهمال والتهميش.
خدعة جنسية جزر القمر ” البدون في الإمارات”
في عام 2008 أبرمت السلطات الإماراتية اتفاقًا مع حكومة جزر القمر ضمن اتفاقٍ سري يقضي بمنح “البدون” جنسية جزر القمر مقابل 200 مليون دولار.
السلطات الإماراتية بموجب هذا الاتفاق حاولت إعفاء نفسها من أي مسؤولية تجاه هذه الفئة، ما جعلهم عرضة لخطر الترحيل القسري كونهم يحملون جنسية دولة أخرى حسب الأوراق التي يحملونها.
سلطات جزر القمر أقرّت بحاجتها لتلك الأموال، مقابل إيجاد حل يقضي ببيع جوازات البلد لمن يبحث عن الجنسية في الخليج العربي، واستطاع الرئيس أحمد عبدالله سامبي في نهاية عام 2008 الحصول على تصديق من برلمان البلاد على قانون يفتح بابًا للتجنيس تحت بند “الجنسية الاقتصادية”. التي تُمكّن “البدون” من الحصول عليها.
وفي صباح الثامن من يوليو 2008، استيقظ الإماراتيين على خبرٍ في صحيفة “الإمارات اليوم” يحمل عنوانًا بالخط العريض، (حسن “بدون” تحوّل مواطنًا قمريًا).
وبين طيّات الخبر تفاصيل تروي حصوله على جنسية جزر القمر وهو لا يحمل أي أوراقٍ ثبوتية. أملًا في تعديل وضعه القانوني في الإمارات امتثالاً لتعليمات السلطات المتكرر عند متابعة ملف الحصول على جنسية الدولة. فكان هذا طريقه للحصول على جنسية أخرى، تمهيدا للحصول على إقامة دائمة ثم الحصول على جنسية الإمارات.
وعلى إثر هذا الاتفاق – المخالف للقانون الدولي – بين حكومتي البلدين، وضعت سلطات جزر القمر الرئيس السابق أحمد عبدالله سامبي في مايو 2017 رهن الإقامة الجبرية. واستجوبته بتهمة ضلوعه ببرنامج سري لبيع جنسية البلاد، وإيقاعه في شبهة فساد، بحسب تصريحات السلطات في حينه.
توقف إصدار الجوازات “بدون في الإمارات”
وفي عام 2018 أعلنت وزارتا الداخلية والخارجية في جزر القمر أن حكومتهم ستوقف إصدار جوازات جديدة بموجب برنامج الجنسية الاقتصادية الخاص بها.
منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تعليقها على الأمر قالت أيضا: “يحق للإمارات جذب الاستثمار الأجنبي للبلاد عبر فتح المجال لنيل الجنسية الإماراتية. ولكن عليها أيضا إنهاء التمييز الجسيم فيما يتعلق بتجنيس أولاد الإماراتيات والبدون، حان وقت الاعتراف بهم كمواطنين إماراتيين على قدم المساواة”.
كما طالب مركز الإمارات لحقوق الإنسان السلطات الإماراتية بضرورة ايجاد حل سريع وعاجل للأفراد المدرجين تحت فئة (البدون) و (أبناء المواطنات)، لتسوية أوضاعهم. وصولاً الى منحهم جنسية الدولة.
ودعا إلى منح البدون في الإمارات حقوقهم الأساسية في التعليم والعلاج والزواج والتملك وحرية التنقل والسفر.