“عودة إلى المربع صفر”.. هل تسقط الحكومة الكويتية مجددا؟
“عودة إلى المربع صفر”.. هكذا وصف مراقبوا المشهد الكويتي صدور مرسوم من أمير الكويت، الشيخ “نواف الأحمد الجابر الصباح”، الخميس، يقضي بقبول استقالة وزيري الدفاع “حمد جابر العلي” والداخلية “أحمد المنصور”.
فبعدما ظن عديد المتابعين أن مراسيم العفو عن محكومين، بينهم بعض النواب السابقين بمجلس الأمة، وتشكيل الحكومة الجديدة، من شأنه أن يقود إلى حالة استقرار يتوق إليها الكويتيون، إذا باستجوابات النواب تحاصر الوزراء مجددا، في بلد يحظى برلمانه بصلاحيات فاعلة ليس لها نظير في أي بلد خليجي آخر.
وقضى المرسوم الأميري بتكليف وزير الخارجية الكويتي “أحمد ناصر الصباح”، بحقيبة وزارة الدفاع بالوكالة، بعدما جدد نواب مجلس الأمة الثقة فيه، وتكليف وزير النفط “محمد الفارس” بتولي وزارة الداخلية بالوكالة، ما تضاربت الآراء حول دلالته، بين من يراه مؤشرا على عمر قصير للحكومة، ومن يراه مؤشرا على حرص أميري على عدم تكرار حالة الفراع الحكومي والسياسي في البلاد، ما يعني استمرار الحكومة الحالية في أداء مهامها.
وفي السياق، نقلت صحيفة “القبس” الكويتية أن تقديم كل من وزير الدفاع ووزير الداخلية لاستقالتيهما إلى رئيس الوزراء، الشيخ “صباح الخالد”، جاء “اعتراضا على تعسف أعضاء مجلس الأمة في استخدام أداة الاستجواب مؤخرا”.
اختبار متكرر
وهذا هو ثاني اختبار لمدى صمود الحكومة، التي تشكلت نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، إذ سبق أن اجتماز نائب رئيس الوزراء، وزير الدفاع، الشيخ “حمد جابر العلي” اختبار مماثل في 26 يناير/كانون الثاني الماضي، وحصل على ثقة مجلس الأمة بعد استجوابه من أحد النواب.
ورغم ذلك، كثف نواب المعارضة استجواباتهم لأعضاء الحكومة في الأسابيع القليلة الماضية، بمن فيهم وزير الدفاع، في وقت تسعى فيه الحكومة لإقرار عدة تشريعات تتعلق بالوضع الاقتصادي وإصلاح المالية العامة.
وتقدم النائب “حمدان العازمي” باستجواب إلى وزير الدفاع متضمنا 5 محاور، من بينها إلحاق المرأة في السلك العسكري، وعدم التعاون مع الأجهزة الرقابية وعدم إصدار اللوائح التنفيذية لبعض القوانين، والتفريط في أراضي الدولة.
وفي وقت سابق من الأربعاء، اجتاز وزير الخارجية الكويتي، الشيخ “أحمد ناصر المحمد الصباح” استجوابا آخر، وحصل على ثقة غالبية أعضاء مجلس الأمة (البرلمان) في التصويت الذي جرى في جلسة خاصة.
ويتطلب سحب الثقة من الوزير أن يصوت ضده أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس فيما عدا الوزراء، إذ لا يشترك الوزراء في التصويت على الثقة بزميلهم رغم أنهم جميعا يعتبرون نوابا في البرلمان.
وإزاء ذلك، تحولت الأزمة التي تستهدف الوزراء في الكويت إلى ما يشبه الدوران في حلقة مفرغة، تضع النظام السياسي في البلاد أمام تحد كبير، خاصة بعدما قدمت أول حكومة تحت حكم الأمير “نواف الأحمد الجابر الصباح” استقالتها، في وقت مبكر من يناير/كانون الثاني 2021، وسط توترات تشريعية تنفيذية؛ ما دفع الكثيرين آنذاك إلى التكهن بعودة رئيس الوزراء “صباح الخالد”.
دولة عميقة؟
وبعد تأكيد الثقة الأميرية في رئيس الوزراء، أعلن الأخير في وقت لاحق عن تشكيل فريق جديد، بعد أسابيع من المشاورات مع المسؤولين الحكوميين السابقين والحاليين.
وبالرغم من اختيار وجوه وزارية جديدة، اعتبرها مراقبون “تعكس موقف الحكومة التصالحي”، إلا أن المأزق السياسي للكويت تفاقم منذ مارس/آذار الماضي، حيث ظل نواب المعارضة متمسكين بقسوة انتقادهم للحكومة واستخدامهم لأداة الاستجواب كحق دستوري.
ومن جانبه، يرى المحامي الكويتي “فهد الدوسري” أن قبول استقالة وزيري الدفاع والداخلية بعد يوم واحد من تقديمها تعني رسالة أميرية مفادها أن “الكويت لن تقف على أحد”، وأن “من لايستطيع العمل يأتي غيره ليعمل مكانه”.
واعتبر “الدوسري”، عبر “تويتر”، أن قبول الاستقالتين من شأنه الإسهام في الوصول بالكويت إلى الاستقرار السياسي المنشود “لما فيه مصلحة البلاد والعباد”، حسب تعبيره.
وفي المقابل، يرى المحلل السياسي الكويتي “حسين عبدالرحمن” أن الحكومة لا تستطيع أن تعمل في ظل هذه الأجواء، مشددا على أن الهدف الأساسي لمجلس الأمة الكويتي هو التشريع وليس استجواب الحكومة، وفقا لما أوردته قناة “العربية”.
وتحدث “عبدالرحمن” عن ما سماها “دولة عميقة” تدير التأزيم المستمر للحياة السياسية في الكويت من أجل “تشويه الديمقراطية” فيها، حسب تعبيره.