الدولار الأمريكي والحمار الميت
يقال إن أحد المصرفيين انتقل إلى قرية صغيرة في الغرب الأميركي وافتتح هناك مصرفاً خاصاً به، وابتدأ أعماله المصرفية لأهالي القرية والمزارع المحيطة بها، وفي يوم من الأيام جاء أحد المزارعين للاقتراض من البنك، فرحب به البنك أشد ترحيب، ووافق على إعطائه الدولارات العشرة التي طلبها ولكنه اشترط عليه أن يرهن أصلا يملكه مقابل هذا القرض، ولكن المزارع لا يملك شيئا من الأصول ليقدمه كرهن إلا حماره، فاحتار الموظف وذهب إلى مدير البنك ليتأكد من أن المعاملة سليمة، فرد عليه المدير: لا يوجد مانع فالحمار يعتبر أصلا جيدا، فوافق البنك فوراً وأعطاه النقود.
وعندما حل موعد السداد حضر المزارع إلى البنك، وقال لهم إنه لا يملك النقود التي اقترضها ولا يستطيع أن يسدد دينه، فرد عليه موظف البنك: إذن سنأخذ حمارك سداداً للدين، ولكن المفاجأة أن المزارع قال للموظف: إن الحمار قد مات هذا الصباح، فانزعج الموظف وشعر أنه أمام حالة تعثر في السداد، وأن نقود البنك لن ترجع، فذهب فورا إلى مدير البنك وقال له: يا سيدي لقد حل موعد سداد دين المزارع ولكنه لا يقدر على السداد، فرد عليه المدير: خذ حماره سدادا للقرض، فقال الموظف: ولكن الحمار مات ويعتبر الآن من الأصول السيئة، ففكر قليلا مدير البنك، ثم قال لا بأس سنأخذ الحمار الميت مقابل الدين، ولكن اشترط على المزارع أن لا يخبر أحدا بأن الحمار قد مات.
وبعدما خرج المزارع فرحاً بما كسب، عاد موظف البنك إلى المدير، وقال له: ولكن ماذا سنستفيد من الحمار الميت يا سيدي نحن نبحث عن الأصول الجيدة، وهذا الأصل سيئ، والأصول السيئة تعتبر سامة للقطاع المصرفي، لقد كانت هذه الصفقة خاسرة بالنسبة لنا، فرد عليه المدير: لا تستعجل الأمور وسترى بنفسك النتائج، والآن أريدك أن تعلن في القرية أننا سنقوم بعمل يانصيب والجائزة الكبرى ستكون حمار المزارع، ولكن يا سيدي الحمار ميت! فرد عليه المدير بكل ثقة ولكنهم لا يعلمون أن الحمار قد مات.
وفعلا قاموا بإصدار ألف تذكرة يانصيب على الجائزة الكبرى «حمار المزارع» وتم بيعها بالكامل، وفي اليوم الموعود تم السحب على الجائزة وفاز بها أحد القرويين المحظوظين، وفي الصباح التالي حضر إلى البنك لاستلام جائزته، فقام مدير البنك بنفسه باصطحابه لاستلام الجائزة، وطبعاً صدم الفائز باليانصيب عندما رأى الحمار الذي فاز به جثة هامدة!
فاعترض ورفض استلام الجائزة، فما كان من مدير البنك إلا أنه اعتذر له وأعاد له ثمن تذكرة اليانصيب التي دفعها، وهي دولار واحد فقط. وعندما خرج الفائز وكله رضا بأن أمواله رجعت له، التفت مدير البنك للموظف وقال، لو قاضينا المزارع من أجل حماره الميت الذي قدمه لنا كأصل جيد ثم تحول إلى أصل سيئ وفزنا بالقضية لربحنا عشرة دولارات، ولكننا الآن ربحنا 999 دولارا.
فقال الموظف: ولكن يا سيدي أنت قمت بتوزيع الأصل السيئ على كل أهالي القرية، فرد عليه المدير: إن الأصول السامة يجب على الكل أن يتشاركها، لأنه إذا أكلها شخص واحد سيموت, ولكن أن يمرض الكل خير من أن أموت أنا، ولا يهم أبدأ كم تذكرة سأطبع، ألف أو مليون أو مليار تذكرة، ستظل هذه التذاكر مطلوبة عند أهالي القرية طالما أنهم لا يعرفون أن الحمار قد مات. انتهت،
أصل هذه القصة سمعتها من البروفيسور إبراهيم عويس، أستاذ الاقتصاد بجامعة جورج تاون ، وها هي أميركا حاليا ترغب في زيادة سقف الدين بما ينذر بخطة تيسير كمي ثالثة، وهذا يعني طباعة المزيد من الدولارات, ولكن مقابل ماذا؟
إن صافي أصول أميركا لو عاملناها كشركة تجارية فإنها تقدر بحوالي 44 ترليون دولار بالسالب طبعا, فيبدو أن الحمار قد مات وشبع موتا وتذاكر اليانصيب الخضراء ما زالت تباع.