دميانة نصار.. قصة فلاحة مصرية صارت بطلة لفيلم عالمي

سلطت صحيفة “نيويورك تايمز” الضوء على بطلة الفيلم المصري المثير للجدل “ريش” والتي لا تجيد القراءة والكتابة ولم يسبق لها التمثيل.

وقالت دميانة نصار، 40 عاما، وهي ربة منزل بقرية البرشا في صعيد مصر، “أردت التعلم. والدي كان يرغب بإدخالنا إلى المدرسة، لكنه لم يكن قادرا على تحمل تكاليفها”.

في مقابلة مع الصحيفة الأميركية من منزلها، لخصت نصار حياتها بإيجاز وقالت: “لقد عملنا في كل شيء، كبرنا وتزوجنا، وتوقفنا عن العمل في النهاية”.

ولم تتلق نصار أي تعليم باستثناء بعض فصول محو الأمية حيث تعلمت الأبجدية العربية، وهو بالكاد يكفيها لقراءة أسماء جهات الاتصال في هاتفها المحمول.

ونصار التي تنتمي لعائلة قبطية، كانت تعمل في الحقول الزراعية عندما كانت طفلة في الثانية عشر من عمرها، وسافر والدها للعمل بمدينة أخرى.

وتزوجت نصار وهي التي كانت تعشق الأفلام المصرية، من ابن عمها عندما بلغت التاسعة عشرة من عمرها. لكن زوجها انتقل للعمل في ليبيا قبل أن يعثر على فرصة عمل في طنطا دون أن يرى زوجته وأبناءه سوى مرة كل بضعة أشهر.

تضيف نصار: “كنت سعيدة بالعمل في الحقول، لكنني أردت أن أتعلم. أريد أن يذهب جميع أطفالي إلى المدرسة وألا يكونوا مثل أمهم وأبيهم”.

وجسدت دميانة نصار دور أم ثلاثة أطفال وجدت نفسها أمام مسؤوليات كبيرة تتجلى في إعالة أولادها بعد أن حول مشعوذ عن طريق الخطأ زوجها إلى دجاجة، دون أن يفلح في إعادته إلى طبيعته البشرية مرة أخرى.

وهنا تضطر تلك الأم الفقيرة والساذجة أن تبحث عن عمل يسد رمق عائلتها في مجتمع ذكوري لا يرحم.

وكان فيلم “ريش” أثار جدلا في مصر بعدما اتهم صناعه بـ”تشويه صورة وسمعة” مصر من خلال عرض نماذج للفقر والعشوائيات في البلاد، كما انسحب فنانون مصريون خلال عرضه في مهرجان الجونة السينمائي.

قالت نصار عن تقارب دورها في “ريش” مع حياتها الشخصية، إن “التداخل هو أنه كان عليّ أن أفعل كل شيء عندما كان زوجي بعيدا”.

“محادثة واحدة فقط”
حصل “ريش” على جائزتين رئيسيتين في مهرجان كان السينمائي العام الماضي، وهو أول فيلم مصري يفوز في مهرجان كان.

كما فاز الفيلم بجائزة التانيت الذهبي للفيلم الروائي الطويل في اختتام الدورة 32 لأيام قرطاج السينمائية‎ ‎بتونس.

وحصد الفيلم لمخرجه عمر ‏الزهيري جائزة أفضل سيناريو أيضا، كما فازت بطلته، دميانة نصار، بجائزة أفضل ممثلة.

ولطالما تمنت دميانة أن تصبح ممثلة. وكانت تتساءل “ما الفرق بيني وبين هؤلاء الناس؟”. ثم تفكر وتقول: “هل لأنهم متعلمون وأنا لست كذلك؟”.

كانت ابنتها هايدي، البالغة من العمر 19 عاما، هي التي عادت إلى المنزل ذات يوم من ورشة عمل محلية للتمثيل وأخبرت والدتها أن المخرج قد جاء إلى المدينة، ويتطلع إلى شخص يقوم بالدور الرئيسي في الفيلم.

فكرت نصار في ذلك، وقالت لمَ لا؟ ثم راجعت السيناريو مع ابنها ماريو للتأكد من أنه لا يحتوي على ما يعرف بـ “العيب” في مصر، وهو مفهوم يحكم الكثير من السلوك.

وبصفته رب الاسرة في غياب والده، وافق ماريو على العرض المقدم لوالدته، كما فعل زوجها الشيء ذاته لاحقا.

وقالت إن المخرج عمر الزهيري اختارها بعد محادثة واحدة فقط، وأخبرها أنه كان يبحث عن وجه جديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى