دعوى أمام الاتحاد الأفريقي حول “جرائم حرب” بإثيوبيا
في سابقة تاريخية، أعلن محامون وحقوقيون يعملون لصالح مجموعات مدنية رفع دعوى ضد الحكومة الإثيوبية لدى أعلى هيئة لحقوق الإنسان في القارة الأفريقية.
ونقلت صحيفة “الغارديان” عن أولئك المحامين أن هذه هي المرة الأولى التي يُطلب فيها من لجنة حقوق الإنسان التابعة للاتحاد الأفريقي النظر في سلوك القوات الإثيوبية في حربها مع جبهة تحرير تيغراي في شمالي البلاد.
وتقول الدعوى إن إثيوبيا ارتكبت مجموعة واسعة من انتهاكات حقوق الإنسان في حربها ضد قوات المتمردين في جبهة تحرير تيغراي، بما في ذلك القتل الجماعي والعنف الجنسي والاستهداف العسكري للمدنيين.
وأوضحت المديرة التنفيذية لمنظمة الحقوق القانونية العالمي، أنطونيا مولفي، أنه أضحى “لدى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب فرصة فريدة للوقوف إلى جانب الضحايا والناجين من هذا الصراع، وبالتالي إصدار أوامر باتخاذ تدابير طارئة لوقف القتل غير القانوني للمدنيين المحاصرين في تيغراي ومحاسبة حكومة إثيوبيا”.
وتقدم اللجنة تقاريرها إلى الاتحاد الأفريقي المكون من 55 عضوًا، فيما يتمثل دور اللجنة في التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وتقديم توصيات إلى رؤساء الدول والحكومات، بالإضافة إلى إجراء إحالات إلى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والتي تعد الذراع القضائية للاتحاد الأفريقي.
تقول الشكوى أنه منذ اندلاع الصراع مع جبهة تحرير شعب تيغراي في نوفمبر من العام 2020، ارتكبت القوات الفدرالية في إثيوبيا انتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك الاستهداف العسكري للمدنيين والبنية التحتية المدنية، والقتل الجماعي وخارج نطاق القضاء والعنف الجنسي والاعتقال والاحتجاز التعسفي والنزوح الجماعي للمدنيين وتدمير الممتلكات والمواقع الدينية والتراث الثقافي، بالإضافة إلى التمييز العرقي وفرض التعتيم على المعلومات.
وقال المحامون في بيان إن الانتهاكات استندت إلى شهادة ضحايا من إقليم تيغراي الذين لم يتم إدراجهم في قائمة المشتكين بسبب الخوف من انتقام الحكومة في أديس أبابا.
وتحتوي إحدى الشهادات المكتوبة، التي أطلعت عليها صحيفة “الغارديان” على وقائع بأن القوات الإثيوبية والإريترية نفذت عمليات قتل واغتصاب في منطقة شيري بإقليم تيغراي، خلال نوفمبر 2020.
وجاء في تلك الشهادة “سمعنا جميعًا روايات شهود عن فتيات قاصرات ونساء مسنات تعرضن للاعتداء، والاغتصاب الجماعي من قبل القوات الأثيوبية بالإضافة إلى ذبح كهنة وقساوسة”.
واستطردت الشهادة: “وصفت الحكومة الإثيوبية العملية العسكرية في تيغراي بأنها (عملية إنفاذ قانون)، ولكن ما رأيناه في منطقة شيري كان مختلفًا تمامًا. لقد رأينا بأم أعيننا أن الحملة العسكرية لم تكن فقط من أجل القضاء على جبهة تحرير شعب تيغراي، بل استهدفت تدمير شعب الإقليم نفسه”.
“معظم الضحايا مدنيين”
خلص تحقيق مشترك صدر في نوفمبر الماضي من قبل “اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان” والأمم المتحدة إلى وجود “أسباب معقولة” للاعتقاد بأن جميع أطراف النزاع في إقليم تيغراي قد ارتكبوا، بدرجات متفاوتة، انتهاكات لحقوق الإنسان.
وأضافت أن بعض هذه الانتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لكن فريق المحامين قالوا إنه بينما تشير التقارير إلى وجود ارتكاب انتهاكات من قبل أطراف مختلفة، فإن المدنيين التيغرايين يشكلون “الغالبية العظمى من الضحايا”.
وقالت مولفي، وهي محامية بريطانية خدمت في بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في ميانمار، إن فريق المحامين كان حريصًا على العمل جنبًا إلى جنب مع تحقيق اللجنة الحالي في تيغراي “لوضع حد للإفلات من العقاب الذي سمح باستمرار هذه الجرائم”.
وقال الرئيس التنفيذي لاتحاد المحامين لعموم أفريقيا، دونالد ديا: “إن حكومة إثيوبيا ملزمة بموجب دستورها والقانون الدولي بحماية جميع مواطنيها وسكانها من الفظائع الجماعية وانتهاكات حقوق الإنسان”.
وأضاف “عندما تكون غير قادرة أو غير راغبة في ذلك، كما هو الحال في هذه القضية، فعندها يجب أن نلجأ إلى المؤسسات الدولية المختصة”.
ولم يصدر تعليق فوري من الحكومة الإثيوبية بشأن هذه الدعوى.
إثيوبيا ليست دولة طرف في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، مما يجعل في الواقع محاكمة هناك بتهمة جرائم الحرب مستحيلة دون إحالة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ويعتبر هذا الاحتمال بعيدا إلى حد كبير بسبب اعتراضات من روسيا والصين، والتي يمكن أن تستخدم حق النقض ضد أي اقتراح من الأعضاء الدائمين في المجلس.