تهاني الجبالي.. محاربة الإخوان الحديدية “تغمد سيفها”
صولات وجولات قادتها محاربة الإخوان في ساحات المحاكم بشقيها الواقف والجالس، وفي معترك السياسة، قبل أن تغمد سيفها وتستسلم لطعنة كورونا.
إنها المستشارة تهاني الجبالي أول قاضية مصرية وقفت في وجه الإخوان في ذروة سطوتهم، إبان توليهم الحكم في مصر.
وبين تعيين تاريخي مسجل باسمها كأول قاضية مصرية، وعزل تاريخي أيضاً على يد خصومها السياسيين من الإخوان، استسلمت “المستشارة” إلى فيروس كورونا المميت وفارقت الحياة بعد 71 عاماً كاملة، قضت زهرتها في محراب العدالة كامرأة حديدية مثابرة وناجحة منذ نعومة أظافرها.
وتميزت الجبالي التي ولدت في 20 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1950 بإحدى محافظات شمال مصر، بالتفوق العلمي وحصلت على المركز الخامس على مستوى مصر في شهادة الثانوية العامة، لتلتحق بكلية الحقوق جامعة المنصورة وتخرجت فيها عام 1973 ثم حصلت على دراستها العليا في الشريعة الإسلامية والقانون الدستوري.
العمل بالمحاماة وقرار تاريخي
3 عقود كاملة قضتها المستشارة الراحلة تهاني الجبالي في مهنة المحاماة، حتى تم إدراجها كمحامية لدى محكمة النقض والمحاكم العليا، قبل أن يتم انتخابها كأول عضوة في المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب، لتصبح بذلك أول سيدة مصرية وعربية تنتخب في هذا المنصب بالاتحاد منذ تأسيسه في عام 1944.
كما تم انتخابها لدورتين على التوالي عضوا بمجلس نقابة المحامين المصرية، كأول محامية منذ إنشاء النقابة عام 1912.
وفي 22 يناير/كانون الثاني 2003، صدر قرار جمهوري بتعيينها نائب رئيس المحكمة الدستورية ضمن هيئة المستشارين بالمحكمة الدستورية العليا كأول قاضية مصرية تعتلي هذه المكانة.
هذا القرار فتح الباب في عام 2007 أمام القاضيات المصريات، إذ تم تعيين 32 قاضية بالقضاء العالي، مما أبقى القاضية تهاني صاحبة أعلى منصب قضائي تحتله امرأة في مصر.
كفاح ضد “أخونة الدولة”
وعقب تولي محمد مرسي رئاسة مصر، صرحت القاضية الحديدية أن الرجل الإخواني ليست له خبرات في إدارة الدولة ومؤسسة الرئاسة، وطالبته بالانفصال التام عن جماعة الإخوان وعدم السعي لـ”أخونة الدولة”.
ثم عادت وهاجمته بشدة عقب الإعلان الدستوري في 2012، معلنة أنه فقد شرعيته كرئيس للجمهورية، وأن الإعلان الدستوري انقلاب على كل مكتسبات “ثورة 25 يناير”؛ لأنه يمثل خطراً على مدنية الدولة.
وتركت المستشارة تهاني الجبالي مقعدها بالمحكمة الدستورية بسبب مواقفها السياسية وخلافاتها مع الإخوان.
فكما جاء قرار تعيين الجبالي تاريخياً كان قرار عزلها تاريخياً، بسبب الكراهية الشديدة التي كان يكنها تنظيم الإخوان الإرهابي لها.
وإبان فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، أصدر قراراً من خلال نص دستوري قلص عدد قضاة المحكمة الدستورية من 19 إلى 11 عضواً، ونص انتقالي يقضي بعودة كل المستبعدين فور إقرار الدستور إلى مناصبهم السابقة على العمل بالدستورية.
وحاولت المستشارة تهاني الجبالي بعد عزل مرسي، العودة إلى منصة القضاء مجدداً، إلا أن المحكمة الدستورية العليا في مصر رفضت دعواها.
وقبل ذلك وأثناء نظر سير الدعوى كانت الجبالي قد أسست ما أسمته التحالف الجمهوري للقوى الاجتماعية عام 2014، ودفعت بعناصر منه للانتخابات البرلمانية في عام 2015 إلا أنه لم يوفق، في نيل عضوية مجلس الشعب.