11 عاما على الثورة .. تونس منهكة من أزمة اقتصادية طاحنة
في حين يستثمر الرئيس التونسي، قيس سعيد، جل جهوده في الإصلاح السياسي، لا يبدو أن هناك حلولا واضحة تلوح في الأفق لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي نهشت حياة الشعب وفاقمها وباء فيروس كورونا.
وبعد 11 عاما من ثورة أزاحت نظام الرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي، وحققت تونس من خلالها مكاسب كبيرة، إلا أن العبء لا يزال مزمنا بارتفاع نسب البطالة وتضخم الأسعار التي أدت إلى تدهور مستوى المعيشة، حسبما تقول صحيفة “الغارديان”.
في حي الزهروني الذي تقطنه الطبقة العاملة، على أطراف العاصمة، كان ياسين البالغ من العمر 29 عاما يبحث عن زجاجات بلاستيكية فارغة لبيعها بهدف إعادة تدويرها.
وتقول الصحيفة البريطانية إنه مشهد مألوف في معظم المدن الكبرى بتونس، حيث يكسب الكثير لقمة عيشة بهذه الطريقة.
وتقدر “إنترناشيونال ألارت”، وهي منظمة دولية مستقلة لبناء السلام، أن ما يصل إلى 8 آلاف تونسي عاطل يمتهن بيع العبوات البلاستيكية الفارغة لكسب لقمة العيش.
وقال ياسين إنه يحصل على ما بين دينارين وثلاثة دنانير (50 و80 بنس) للكيس الواحد، وأنه يجمع ما بين 4 إلى 5 أكياس يوميا لإطعام أسرته المكونة من 5 أفراد. وأشار الشاب التونسي إلى أنه لا يريد سوى “وظيفة”.
بدأ التراجع الاقتصادي في تونس قبل وقت طويل من اندلاع ثورة ديسمبر 2017 التي تحتفل البلاد بمرور 11 عاما عليها في 17 ديسمبر، لكنه تفاقم خلال السنوات الماضية مدفوعا بجائحة فيروس كورونا التي دمرت قطاع السياحة ودفعت كثير من الشباب التونسي للهجرة.
ومع ذلك، ابتعد السياسيون باستمرار عن مواجهة الأسباب الجذرية لهذا التراجع الاقتصادي، وفضلوا بدلا من ذلك التركيز على المشاريع السياسية.
وفي وقت تسعى فيه الدولة للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، اقترحت الحكومة تخفيض رواتب موظفي الدولة بنسبة 10 بالمئة، لكن الاتحاد التونسي العام للشغل – النقابة القوية في البلاد – ترفض هذه المقترحات ويتساءل عما إذا كانت الحكومة تستطيع دفع فاتورة رواتب القطاع العام.
كذلك، تمثل البطالة المتزايدة هاجسا كبيرا للتونسيين وهي مصدر اضطرابات اجتماعية مستمرة. وارتفعت نسبة البطالة من 13 بالمئة خلال عام 2010 الذي شهد الثورة إلى 18 بالمئة في العامين الماضيين.
“لا يهم”
وقال مدير مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية، أمين غالي، “الناس متعبون. يريدون مدارس أفضل، ووسائل نقل أفضل، ورعاية صحية أفضل”.
وبينما حصل الرئيس على كثير من السلطات السياسية في الدولة، يظل الإصلاح الاقتصادي بعيد المنال، وفقا لغالي.
وأضاف: “إنه ليس خبيرا اقتصاديا”. ليس لديه أفكار ذكية. كل جهوده موجهة لتغيير النظام السياسي، أو دفع قضايا الفساد التي يتحدث عنها”.
ولا يزال قيس سعيد يحتل مكانة عالية في استطلاعات الرأي في تونس، ولكن يمكن رؤية أولى بوادر التصدع. تظاهر مئات من التونسيين، الجمعة، منهم المساندون للرئيس التونسي، قيس سعيّد، ومنهم المناهضون لقرارته، في مناخ مشحون، تزامنا مع الاحتفال بالذكرى الحادية عشرة للثورة.
وتأتي التظاهرات بعد أن كشف سعيّد في خطاب الاثنين عن جملة من القرارات في شكل رزنامة مواعيد سياسية تمتد طيلة العام 2022.
وكان الرئيس التونسي أعلن يوم 25 يوليو، في خضم أزمة اجتماعية واقتصادية وبعد أشهر من الجمود السياسي، اللجوء إلى الفصل الثمانين من دستور 2014 الذي يخوله اتخاذ “تدابير استثنائية” في حال وجود “خطر داهم” على البلاد، وأعلن بمقتضاه إعفاء رئيس الحكومة وتجميد عمل البرلمان.
بعد ذلك بشهرين، أصدر في 22 سبتمبر أمرا رئاسيا قرر بمقتضاه تجميد العمل بقسم واسع من الدستور ومنح نفسه سلطة التشريع عبر مراسيم، وأعلن تمديد الاجراءات التي اتخذها “حتى إشعار آخر”.